| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كمال يلدو

 

 

 

الثلاثاء 16/3/ 2010

 

حـول انتخابات الخارج
احتفظوا " بعراقيتكم" للذكرى فقط!

كمال يلدو

لـم تبق اي من القوى السياسية العراقية الكبرى الا وأدلت بدلوها حول " اهـمية " و " ضـرورة " و " حتمية" اشتراك اهلنا في الخارج بالأنتخابات ، وانها جزء مهم من حقوقهم الوطنية (كـذا) التي ضمنها الدســـتور ، وان العراقيين انما يجترحون (ارقى) تجربـة ديمقراطية في المنطقة بممارستهم الفريدة في اشراك عراقيي المهجر في الأنتخابات ، وانهم (اي الحكومة) مســتعدة لصرف ملايين الدولارات ، وتجييش الموظفين ، وطلب مســاعدة الدول المضيفة لهم من اجل انجاح هذه التجربة الديمقراطية الوليدة!
هكذا كانت الصورة عشية انتخابات 2005 ، وانتخابات 2010.

لكن مـا الذي جــرى حقـا ؟
كثير من التفصيلات سأتركها لحنكة القارئ ومدى متابعته للحدث ، الا ان امرا مريبا وجدت من الضروري التوقف امامه الا وهو ، توجيهات المفوضية المستقلة للأنتخابات قبل ، وأثناء وبعد انتخابات الخارج ، هــذه اللعبة التي اديرت بحنكــة لا يمتلكها الا من تمرس حقا في عـلم (المافيات ) وهي اســـلوب المخادعة والالتفاف على هذه الجموع الغفيرة من العراقيين القاطنين في الخارج . ففي الوقت الذي طلب من عراقيي المهجر في انتخابات 2005 ان يجلبوا ((اية وثيقة)) تثبت عراقيتهم حتى وان كانت من الدول المضيفة ، طلب في هذه الانتخابات تقديم احدى الوثائق العراقية الاربع اضافة لوثيقة الدول المضيفة ، وعلت اصوات الاحتجاج في اليوم الاول بعدما رفضت مشاركة المئات ، فعادت المفوضية و عدلت شــروطها عشية اليوم الثاني لتقول ( بأمكانية ) اعتماد وثيقة الدول المضيفة التي تذكر عراقية حاملها فقط ، وهكذا اتى الكثير من هذه الجموع للمشاركة في الانتخابات ، لكن ما جرى بعد ذلك كان حقا في ادنـى مستويات الاستخفاف بأصوات عشـــرات الالوف التي القيت في ( القمامة) لأنها لم تستوف شـــروط المفوضية آنفة الذكر في ابراز ولو وثيقة عراقية واحدة ، مع علم المفوضية "المستقلة" ، بأن اعدادا غفيرة لا تملك وثائق عراقية لأسباب كثيرة ليس اقلها ان كثيرا من العراقيين تركوا كل شئ وراءهم عندما غادروا العراق ، او انهم فقدوها ، او قد مضى على وجودهم في الخارج عشرات السنين ، الا انهم لا يريدوا ان يتنازلوا عن حقهم في مشاركة ابناء وطنهم في بناء الدولة الجديدة ، و التمسك بحقهم في ممارسة هذا التقليد الديمقراطي كخطوة اولى ربما تمهد لعودتهم للعراق في المستقبل.

لـقد حققت المفوضية – المستقلة – للأنتخابات ، والقوى السياسية المتنفذة في هذه المفوضية أهدافها من اشراك عراقيي الخارج بهذه الانتخابات، وبذلك تكون قد ارضت الامم المتحدة والمجتمع الدولي المتحضر، الا انها فشـــلت وايما فشـــل ، في خداع العراقيين عبر الاستخفاف بأصوات من ذهب الى صناديق الاقتراع فرحـا ، وفخورا ليكتشـــفوا لاحقا وبعد فوات الأوان بأن اصواتهم الغالية جدا قد القيت في القمامة. والسؤال المشروع هنا هو، هل فعلا تحقق هذا الهدف الذي صرفت من أجله ملايين الدولارات، وشاب آلية تنفيذه مآخذ عدة منها توظيف الاقارب والمعارف والموالين في الاجهزة التنفيذية لهذه الادارة خارج العراق؟
كيف تفســر المفوضية هذا العدد الهائل من الاصوات الملغية ، فمثلا في مركز مشيكان الثاني الغيت 1850 ورقة من اصل حوالي 6000 مقترع؟ هل هذا معقول ؟ ثلث الاصوات ؟ الم يكونوا عراقيين ومن ابناء جاليتنا؟ الم تجتهد الكثير من القوى في الدعاية لهذه الانتخابات وحث ابناء الجالية للمشاركة فيها وانجاحها؟ الم يصرف الوقت وتصرف الاموال في الدعاية والاعلان؟ كيف نقبل ان تذهب جهودنا واصوات جاليتنا هباءا؟

من المؤلم حقا ان تصبح قضية عراقيي الخارج مادة للمناورات السياسية كما شهدنا في نقض السيد نائب رئيس الجمهورية الذي لم نسمع منه اي تعليق ، او في خطابات الكتل الكبيرة ، او في المتاجرات التي كانت تجري قبل سقوط النظام وحتى بعد ذلك في مظلومية ( اربعة او خمسـة ملايين ) عراقي موجودين في الخارج ضحية النظام الدكتاتوري ، وبعد ان استنفذوا مادتها الاعلامية في التظاهر خارج العراق او في التضامن مع العراقيين ضد الارهاب.

مـاهو المطلوب الآن؟
ان ماجرى هـو خســارة للعراق وللعملية السياسية برمتها، وهو امعان في ابعاد هذه الجموع الغفيرة وقتل اي امل لها في مصداقية العملية السياسية والقوى النافذة والفاعلة فيها، وهو تأكيد في مدى الفساد الاداري الذي يضرب اطنابه في مفاصل أجهزة الدولة التنفيذية ، لكن يبقى الامـل في المخلصين والوطنيين في اعادة العجلة لمجراها الصحيح والعمل الحثيث في تعيين مفوضية تشرف على الانتخابات القادمة تكون بأعلى مستويات المهنية والاستقلالية، كذلك تعديل قانون الانتخابات بما يضمن جعل العراق دائرة واحدة واتباع آلية منح الاصوات للخاسر الاكبر وليس العكس وتشريع قانون الاحزاب وقانون تحديد صرف الحملات الانتخابية ، وبدون ذلك نكون حقا نلعب في الوقت الضائع في ما يسمى " العملية الديمقراطية" ،وأملي من ابناء الجاليات العراقية وهم يحضرون مناسبات للقاء المسؤلين العراقيين الذي يزورون هذه الدول في رفع شــعارات اثناء هذه اللقاءات تطالب بمعرفة مصير اصواتهم المغدورة ، وماذا فعل المسؤول المعني لقضيتهم هذه .
" وبعـد ان القوه في البئر، قالوا لأبيهم ان يوسـف اكله الذئب!"
 

الولايات المتحدة
آذار 2010


 


 

free web counter