| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كمال يلدو

 

 

 

الثلاثاء 15/9/ 2009

 

المؤتمر الخامس لاتحاد الجمعيات المندائية في المهجر
هـمـوم أبناء طائفـة الصـابئة المندائيين

كمال يلدو

عـقد في شـهر تموز المنصرم المؤتمر الخامس لأبناء الطائفة المندائية في المهجر، ولأهمية المؤتمر كان ل "طريق الشعب" هذا اللقاء مع السـيد همـام عبد الغني المـّراني (*) احد المندوبين من الولايات المتحدة، واجرينا معه الحوار التالي...

كيف ولدت فكرة تأسيس الاتحاد وكيف تطورت؟
- لـقد طرحت الحاجـة نفســها، إذ ومنـذ أن بدأت هجرة الصابئة المندائيين الواسعة أواخر السبعينيات، حين شن النظام الدكتاتوري المقبور، حملته ضد القوى المعارضة، حيث هرب العديد من الشباب المندائيين. وتصاعدت الهجرة بعد الحرب العراقية الإيرانية، رغم صعوبة المغادرة آنذاك. أما الهجرة الأوسع، فبدأت بعد حرب الخليج الثانية "حرب الكويت "، واشتداد الحصار، وتصاعد الضغط على الأقليات الدينية والقومية، خصوصاً بعد الحملة الإيمانية الكاذبة التي أعلنها الدكتاتور صدام حسين.

ومع ازدياد عدد المندائيين المهاجرين في الغرب، انبثقت الحاجة إلى تأسيس جمعيات للمّ شمل المندائيين وحفاظاً عليهم من التشتت. ومن هذه الحاجة الملحّة انبثق اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر عام1999 .

تعمـلون منـذ عشــر سنوات، ما هـو الجديد في هذا المؤتمر؟
- نعـم إن هذا المؤتمر هو الخامس، وهو أوسع المؤتمرات السابقة و أنجحها، وكان يفترض أن ينعقد قبل عام من موعده، إلا أن اتساع الهجرة القسرية غير المنظمة، ومضاعفة مهام الاتحاد العملية والفكرية والتنظيمية دفعت الهيئة الإدارية. للاتحاد لتأجيل انعقاده عاماً كاملاً. وقد كانت ابرز شعاراته (حماية الصابئة المندائيين وارثهم مسؤولية إنسانية) (في سبيل إزاحة جميع مظاهر الإرهاب والاضطهاد وإحياء مسيرة المندائية ) (في سبيل استنهاض كل القوى لتحقيق ديمومة مسيرة المندائية نحو المستقبل).

وكيف تقـيّم المؤتمر؟
- لقد كان المؤتمر ناجحاً بوجه عام، من حيث عدد الجمعيات التي حضرته، وهي إحدى وثلاثون جمعية ومؤسسة ومنتدى، كما استضاف المؤتمر عدداً كبيراً من الشخصيات المندائية وغير المندائية في مقدمتهم فضيلة رئيس الطائفة في العراق والعالم،إلى جانب عدد من رجال الدين المندائيين المتواجدين في أوربا. وكانت وثائقه معدَّةً إعدادا جيداً. كما كان الحضور الرسمي في جلسة الافتتاح كبيراً، حيث حضر السفير العراقي وعدد من أعضاء السفارة، إلى جانب الحضور السويدي الرسمي المكثف، وممثلو الأحزاب السويدية المختلفة وعمدة منطقة "سودرتاليا" في العاصمة ستوكهولم، ولجنة تنسيق المنظمات والأحزاب العراقية فـي السويد...وكان تنظيم المؤتمر ناجحاً، حيث بذلت اللجنة التحضيرية جهوداً ناجحة وكبيرة، استعداداً لاستقبال المؤتمرين وضيافتهم وتنظيم الجلسات. 

هـل بالإمكان أن تنقل وتصف لقراء " طريق الشعب " الهموم الرئيسة لأبناء الطائفة في العراق، وفي بلاد الغربة، وخاصة الموجودين في سوريا والأردن؟
- لقد عاش الصابئة المندائيون في العراق منذ آلاف السنين، وتعايشوا مع الأقوام الساكنة فيه قبل ظهور الإسلام وبعده، ومع أن جميع الأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق لم تنصفهم، باستثناء الفترة القصيرة بعد ثورة 14 تموز 1958، إلا أنهم إي الصابئة، ساهموا مساهمة فاعلة في بناء العراق الحديث، من خلال عملهم الدؤوب والمخلص في جميع مجالات الحياة، وخاصة في سلك التعليم من خلال الأعداد الكبيرة من المعلمين والمعلمات والمدرسين والمدرسات و حملة الشهادات العليا وفي جميع الاختصاصات وحتى رئاسة الجامعة، ناهيكم عن مئات المهندسين والأطباء والاختصاصيين الآخرين في شتى المجالات. وبعد الاحتلال وسقوط الدكتاتورية، حَلُمَ الصابئة المندائيون مثل كل العراقيين، بدولة مدنية ديمقراطية، تساوي بين العراقيين على أساس المواطنة والإخلاص، بيد أن حساب الحقل لا يطابق حساب البيدر. إن همومنا الرئيسية، كصابئة مندائيين ثلاثة :

* الهم الأول هو كيفية حماية أهلنا في العراق. فالعراق هو وطننا منذ أقدم العصور، ولا نريد أن تُقتلع جذورنا منه. فما هو السبيل لدعمهم وحماية وجودهم في الداخل؟ إن جهودنا في هذا المجال تنصب في مناشدة الحكومة العراقية وأجهزتها المختصة لحماية هذه الأقلية الوطنية المخلصة، ومناشدة المرجعيات الدينية، سنية وشيعية، لتحريم دم ومال وعِرض الأقليات الدينية الأخرى. أما على نطاق الخارج، فإننا نعمل مع منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في العالم والهيئات المختصة التابعة للأمم المتحدة لحماية الأقليات الدينية والإثنية العراقية.

* والهم الثاني، هو هم أهلنا في دول الانتظار، وخصوصاً في سوريا والأردن، هؤلاء الذين فروا بأرواحهم، تاركين أملاكهم ومحلاتهم ووظائفهم وتاريخهم، وهم يقاسون الأمرين من شظف العيش والبطالة والغربة. وفي هذا المجال نعمل على تحريك ملفاتهم لدى المنظمة الدولية للاجئين والدول المستقبلة، إلى جانب ما يمكن تقديمه من مساعدات مادية.

* أما الهم الثالث، فهو همنا في دول اللجوء، حيث التشتت في كل إرجاء المعمورة، وأحيانا بمجموعات صغيرة جداً، لا تتعدى بضعة عوائل، وكيفية المحافظة عليهم من الذوبان في المجتمعات الجديدة، دينياً واجتماعياً وثقافياً. وهذه المعضلة نحاول معالجتها من خلال الجمعيات والمؤسسات المندائية، واستقدام عدد من رجال الدين، لتأدية الطقوس الدينية مع مراعاة الظروف الجديدة والتأقلم معها. إن همنا الأكبر المشترك هو هم العراق الجريح، وتمنياتنا بتجاوز هذه المرحلة الحرجة، علماً بأن كل جهودنا، بما فيها الجهود الخاصة بالطائفة، تصب في هذا المجرى،هو بناء عراق ديمقراطي موحد، يعيش فيه الجميع بسلام ومحبة وألفة.

كان لممثلي الطائفة لقاءات مع المسؤولين،كيف تجاوبت الحكومة والبرلمان والأحزاب والمثقفين مع نداءاتكم؟
- إن لقيادة الطائفة في بغداد علاقات جيدة مع جميع الجهات الحكومية والأحزاب السياسية والبرلمان، وتجري لقاءات وزيارات لهذا المسؤول أو ذاك، وهذا الحزب أو ذاك، إلا أن التجاوب مع مطالب الطائفة ضعيف إن لم نقل معدوم. إن التوجه الجديد لحكومة السيد نوري المالكي بتبني برنامج وطني بعيد عن النهج الطائفي الذي كان وما يزال سائداً في الساحة السياسية العراقية، هو موضع ارتياحنا وتقديرنا وتأييدنا. كما كان قرار دولة رئيس الوزراء بتسمية احد شوارع بغداد باسم العالم المندائي العراقي الكبير المرحوم عبد الجبار عبد الله، وتسمية إحدى قاعات جامعة بغداد باسمه خطوة جيدة وسليمة، حظيت بارتياح وتقدير أبناء الطائفة في داخل العراق وخارجه، كما إن تعيين احد أبناء الطائفة سفيراً في وزارة الخارجية ممثلاً للطائفة هي الأخرى جاءت بنفس الاتجاه.بيد أن المسألة المهمة هي حماية أبناء الطائفة من عصابات الجريمة المنظمة ومن النهج التكفيري الذي يمارسه البعض ضد أبناء الطائفة وبتشجيع من بعض رجال الدين وامتداداتهم في أجهزة الدولة، وإلا لماذا لم نسمع بحسم أية قضية ضد المجرمين رغم اعترافاتهم؟.إن غالبية الجرائم التي ارتكبت ضد أبناء الطائفة والأقليات الأخرى "قيدت ضد مجهول ". وبخصوص برلمان المحاصصة الذي ألغى المادة رقم خمسين من الدستور، وخفض حصة الطائفة والأقليات الأخرى في المؤسسات الدستورية فلا نعول عليه في أية قضية. مع أن الطائفة تعمل على تثبيت الكوتا لضمان حقوقنا في الانتخابات القادمة. أما الأحزاب العراقية والمثقفين، فإنها نوعان :الأحزاب والمثقفون الديمقراطيون واليساريون، فإنهم إلى جانب حقوق الأقليات الدينية و الإثنية و بضمنها الصابئة المندائيون، إلا أن تأثيرها مـا زال ضعيفاً على مراكز القرار. أما النوع الثاني فهي الأحزاب الدينية ومرجعياتها فإن موقفها السكوت، وفي أحسن الأحوال، كلمات لا تتعدى المجاملة أما مثقفو العراق، في الداخل والخارج، فإن جهودهم مشكورة في دعم وتعضيد مواقف الطائفة وباقي الأقليات، والدفاع عنها، وما لجنة الدفاع عن الشعب المندائي، وفروعها في العديد من دول العالم، إلا مثالاً رائعاً على ذلك. إلا أن دورهم لا يتعدى الأعلام ومواقف الدعم والاستنكار، وهم معذورون في ذلك.

ما هي اهم مقررات المؤتمر؟
- إن ابرز مقررات المؤتمر هي، تعزيز وحدة الطائفة وشـد لحمتها، والتفافها حول قيادتها في الداخل، رئاسةً ومجالس وتأييد كل الخطوات الايجابية التي تتخذها الحكومة العراقية لبناء عراق آمن مستقر وديمقراطي، وقد وجه المؤتمر برقية للسيد جلال الطالباني، رئيس الجمهورية و أخرى لدولة رئيس الوزراء،نوري المالكي، بهذا الخصوص. كما اقر المؤتمر متابعة ودراسة الأوضاع الجديدة للطائفة في دول المهجر، وكيفية المحافظة على الطائفة وتراثها الديني والتاريخي والثقافي، بما يتلاءم والظروف الجديدة في هذه الدول.والعمل على إقامة تجمعات كبيرة للصابئة المندائيين وتعزيز العلاقة فيما بينها من خلال الجمعيات والمؤسسات وتنسيق ذلك من خلال الاتحاد. كما أكد المؤتمر دعمه الكامل لمنظمة حقوق الإنسان المندائي للدفاع عن حقوق المندائيين في داخل العراق أو في دول المهجر. وللحقيقة فان هذه المنظمة من أنشط منظماتنا في الخارج. كما اقر المؤتمر تشكيل لجنة المرأة والعائلة المندائية ترتبط بمكتب السكرتارية. كما اقر المؤتمر وثيقة العمل المندائي الشاملة في جوانبها التنظيمية والثقافية والأجتماعية للسنتين القادمتين وأجرى بعض التعديلات على النظام الداخلي، كما تم انتخاب سكرتير عام المؤتمر.

ابتعادكم عن موطنكم الأصلي، هـل ولـّد مشــاكل متعلقة بتأدية الطقوس المندائية؟
- في الجانب الديني البحت، ليس هناك خلافات أو مذاهب في الدين المندائي، وقد توارث المندائيون دينهم وممارساتهم الطقسية دون تغيير يذكر، لأنهم سكنوا منطقة البطائح في جنوب العراق وجنوب غربي إيران، منذ القدم،ولم يجرِ، أي تغيير على ظروفهم المعيشية تقريباً. بيد أن موضوع الهجرة القسرية الحالية وضعتنا أمام مسؤولية مواءمة ممارساتنا الطقسية مع الواقع الجديد، وهذا يطرح علينا موضوع تطوير هذه الطقوس بما ينسجم مع الواقع الجديد، دون المساس بجوهر الدين المندائي. إلا أن هذه العملية تحتاج إلى وقت طويل، لبنائها بهدوء وتؤدة، وباتفاق رجال الدين على هذا التطوير....إن هذه المعضلة، هي التحدي الأساس، بعد محنة الهجرة القسرية التي تعيشها الطائفة.

هل من أمل يراودكم ويراود المشاركين في المؤتمر في العودة للعراق؟
- في الحقيقة إن هذا السؤال يحتمل إجابتين، نعم ولا. فمجموعات الصابئة الذين ما زالواعالقين في دول الانتظار سوريا والأردن، ومجموعات صغيرة في مصر واليمن ودول أخرى، هذه المجموعات، لديها الاستعداد ويراودها آمل العودة لو تحسن الوضع الأمني، وتوفرت لهم الحماية. أما المجموعة الأخرى وهم الأكثرية، الذين وصلوا إلى دول اللجوء واستقروا، وتأقلموا مع الواقع الجديد، فهؤلاء لم يعودوا يفكرون في العودة و الاستقرار في العراق من جديد. لكننا جميعاً نتمنى أن يستقر العراق الحبيب ويضمد جراحه، ويعود واحة سلام واستقرار وأمان، لنزوره ونستعيد ذكرياتنا الجميلة فيه. وان بعضنا لديه الاستعداد للعمل والاستثمار في العراق، وهذا حلم نتمنى من صميم قلوبنا أن يتحقق. فـي الختام أتقدم بالشكر الجزيل لصحيفة "طريق الشعب" لهذه الاستضافة وأتاحتها الفرصة للتحدث عن هموم ومعاناة احد مكونات الفسيفســاء العراقي المتميــزّ.

 

سيرة ذاتية

(*) همام عبد الغني المراني من مواليد 1937،خريج كلية الآداب، الجامعة الستنصرية، فرع اللغة الفرنسية. عضو نقابة الصحفيين العراقيين منذ عام 1959 .

1- رئيس نادي التعارف الخاص بطائفة الصابئة المندائيين من عام 1989-2002  .
2- سكرتير "رئيس" مجلس عموم الطائفة في دورته الأولى.
3- عضو مجالس شؤون الطائفة العام في دورته الثانية.
4-  رئيس مركز البحوث والدراسات المندائية، التابع لمجلس شؤون الطائفة العام.
5- رئيس تحرير مجلة آفاق مندائية " مجلة الطائفة "في بغداد بين عامي 2001- 2002 .
6-  عضو الهيئة الإدارية للجمعية المندائية في مشيكَان، ونائب رئيسها حالياً.
7-  عضو لجنة تنسيق المنظمات العراقية في مشيكَان، ممثلاً عن الجمعية المندائية.
8
- عضو المؤتمر الخامس لاتحاد الجمعيات المندائية في دول المهجر، المنعقد من 1-4 تموز2009 . 

 

 طريق الشعب
العدد 30 الاثنين 14 أيلول 2009 (ص4)
 


 

free web counter