| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كامل الشطري

Kamel4349@maktoob.com

 

 

 

الأحد 3/8/ 2008

 

التوافق السياسي ومبدأ الديمقراطية في عراق اليوم

د. كامل الشطري/ هولندا

الحديث عن مبدأ الديمقراطية في عراق اليوم امرُ سابق لأوانهِ ، لأن الارضية العراقية لم تكن في يوم من الايام واحة للديمقراطية على طول تاريخ العراق الطويل والذي يروي لنا ان تاريخ الانظمة المتعاقبة على حكم العراق كان تاريخ دماء وبطش وتقتيل ومؤامرات وانقلابات وتفرد بالسلطة وكوارث وطنية ومآسي انسانية، هذا جانب.

اما الجانب ألآخر فان العقليات التي تتحكم في سير العملية السياسية وتقود دفة الحكم في العراق هي قوى واحزاب و مكونات وشخصيات اغلبها تدعي الديمقراطية و احترام الرأي والرأي الاخر و تعمل من اجل حقوق كل مكونات مكونات الشعب العراقي دون تحيز او تمييز وانها تسعى لتحقيق وحدة العراق ارضآ وشعبآ وتعمل على بكل طاقاتها لتعزيز الوحدة الوطنية وابراز الهوية العراقية لكل العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية و القومية والدينية والمذهبية والمناطقية واحترام كل مكونات الشعب العراقي و طوائفه مهما كانت ،من صغيرها الىكبيرها ، ومن قويها الى ضعيفها هذا على الصعيد النظري.

ولكن في حقيقة الامر نجد على انهُ على صعيد الواقع العملي (وهو المحك الحقيقي لمصداقية الانسان ، مهما كان هذا الانسان سواء كان قائدآ سياسيآ متمكنآ اوفلاحآ بسيطآ ) ان الوضع يختلف هنا تمامآ ، ففي عقلية كل قائد سياسي عراقي دكتاتورآ متجبرآ و متسلطآ متعصآ لقوميته ومذهبه اوحزبة لايؤمن ولا يصدق إلا بما يملية علية حزبه والمقربون منهُ وما يفكر به هو نفسهُ ويراهُ من وجهة نظره هو ميزان العدل ومقياس الحقيقة وانهُ صاحب الحق بعينه وان آراء الاخرين مجرد مغالطات وافتراءآت واكاذب وهواء في شبك.

وبالتالي فان حل اشكاليات العراق المصيرية القائمة حاليآ لا يمكن ان تحلها هذه العقليات وبروح ديمقراطية من خلال مبدأ الحوار الاخوي البناء والشفاف والحرص الشديد على حقوق كل مكونات الشعب العراقي والعمل على تعزيز مبدأ المكاشفة والمصارحة من اجل التوصل الى حلول حقيقية وعملية ناجحة ومنصفة تظهر الحق وتعيدهُ الى اصحابه الحقيقين بغض النظر عن انتماءآتهم القومية والدينية والفكرية وحجمهم في محيط العراق الواحد و مهما كانت هذه الحلول قاسية و مؤلمة على البعض ولا تحقق رغباتهم وامنياتهم واحلامهم ومن هذا المنطلق .

اريدُ القول ان الديمقراطية التي يتشدقُ بها البعض من قادة العراق الجدد هي فعلا نظام حكم ديمقراطي يستند ُ الى ارادة غالبية الشعب الواعي و المنفتح فكريآ وسياسيآ واثنيآ ودينآ وعرقيآ ،بعيدآ عن العواطف اللاواعية والمواقف الضيقة و النعرات الشوفينة والتعصب القومي والفكري والديني والمذهبي. ومن هنا علينا التفكير بجد للبحث في حل قضايا العراق العقدية ومنها قضية كركوك وقانون مجالس المحافظات وقانون النفط والغاز واعادة بناء العراق على اسس ديمقراطية وقانونية سليمة بعيدة عن الابتزاز والارتزاق وفرض الارادات الثانوية الضيقة بالقوة والاعتما د على العوامل الخارجية واستغلال ضعف الدولة العراقية وانهيار بناها التحتية .

نعم ايها القاريء الكريم ،الحقوق لا يمكن لها ان تحل في إطار مبدأ التوافق السياسي من اجل ارضاء الجميع وانما بالوسائل الديمقراطية المتاحة وبالبحث والتدقيق والادلة والبراهين الدامغة والاحتكام الى الطرق الشرعية والقانونية والمراجع الدستورية والاحتكام الى العقل والعدالة والانصاف في اظهار الحق و الارتكان الى ارادة الشعب وان استعصى الامر فيمكن الاستعانة بالمنظمات والهيئات الدولية التي تمتلك الخبرة والتجربة من اجل المساعدة على ايجاد الحلول الناجعة للاشكاليات القائمة بين الدول والشعوب على اساس القانون الدولي واحترام مبدآ حقوق الانسان و كذلك اللجوء الى التحكيم الدولي الذي يلزم الاطراف المتصارعة بقراراته ويوفرلها الحماية القانونية والضمانات الدولية اللازمة وألأكيدة.

عراقنا اليوم بحاجة الى تمهيد وتعبيد الطريق امام الديمقراطية السياسية الحقيقة وترسيخ مباديء واسس العدالة الاجتماعية والمساواة والقيم الانسانية واحترام ارادة الشعب العراقي وضمان وحدته وحماية وثرواته من العابثين والمفسدين والحفاظ على تجربته الديمقراطية الوليدة بعد ان تجاوز شبح الحرب الاهلية والقتل على الهوية والى حد ما الاحتقان الطائفي.

اما مبدآ التوافق السياسي فانهُ وباء طائفي خطير واذا احسن توظيفهُ فسوف يعرض العملية السياسية الحالية الى الخطر وسيؤدي الى تمزيق وتقسيم العراق وسيكون له التأثير السلبي على مستقبل العراق وسيساعد على تعزيز دور القوى الطائفية في العراق والاحزاب والمكونات السياسية العراقية الاقوى والاكبر وهي اما قومية او دينية مذهبية على استغلاله لسلب حقوق الضعفاء من الاقليات الاخرى من ابناء الشعب العراقي وكذلك القوى والاحزاب السياسية الصغيرة والمهمشه وخصوصآ القوى والاحزاب الوطنية واليسارية الديمقراطية.

وفي الختام لابد أن اثبت إنهُ لا يمكن اعطاء مجال اكبر في الظرف الحالي في العراق للتوافق السياسي خصوصآ في القضايا المصيرية لطبيعة الاحزاب والكتل والقوى السياسية الحالية الحاكمة لانها لاتملك النفس الديمقراطي الحقيقي ولا تحترم ارادة الشعب العراقي وتنهج نهجآ ضيقآ وتمارس اسلوب التوافقات وعقد الصفقات المشبوهة والمساومات الرخيصة من اجل الحصول على منافع ومصالح ذاتية ضيقة على حساب مصالح العراق العليا وايضآ لقلة خبرتها في ادارة الحكم الديمقراطي و ادراك آلياته الديمقراطية والانسانية وايضآ لأشكاليات العراق الكثيره والمتنوعة والتي تنتظر الحل العاجل.

و يمكن التأكيد على ان مبدأ الانسجام السياسي وفهم الواقع العراقي والتفاهمات السياسية وعلى اسس ديمقراطية حقيقية هو المبدأ الاسلم كبديل للتوافق السياسي الذي يتناقض ومبدآ الديمقراطية والذي سيؤدي الى انصاف الحلول البركانية وبالتالي زرع العقبات والعبوات الناسفة والقنابل الموقوتة في طريق العملية السياسية الديمقراطية وتعريضها الى مخاطر الانتكاسات والمطبات الخطيرة والتي نحن في غنى عنها .

وفي كل ألأحوال سيبقى مشروع العملية السياسية الديمقراطية في العراق وعلى الرغم من كل الاشكاليات والسلبيات والنواقص وما شابها من عثرات ودماء ،سيبقى قدر العراقيين الذي لابد من مجاراته وتجاوزه والوصول الى فضاء الحرية والديمقراطية وبناء مجتمع الرفاة الاجتماعي و العمل على خلق مناخات وفضاءآت إيجابية من اجل ترسيخ وحدة العراق والعراقيين وتعزيز هويته المواطنة الحقة وعلى اسس ديمقراطية ودستورية سليمةُ ومتينة وان يأخذ دورة الطبيعي في حظيرة المجتمع الدولي المتحضر لانهُ ليس هناك بديل ايجابي نتجاوز من خلالة اشكاليات العملية السياسية القائمة حاليآ والتي قطع الشعب العراقي من خلالها اشواط طويلة نحو الامن والاستقرار واعادة البناء.

 

free web counter