| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كامل السعدون

 

 

 

 

الأربعاء 6/12/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس



قراءة في مقترحات لجنة بيكر- هاملتون

 

كامل السعدون

-1-
إعادة بناء الجيش والشرطة العراقية
بعد ثلاثة اعوام ونصف من الفشل المطبق للأمريكان في العراق ، وبعد جهود فكرية تحليلية استمرت لقرابة الثمانية اشهر وتخللتها ولا شك قراءة واسعة للأحداث وتفاصيل الإداء وحجم التقدم والتراجع وأسباب الفشل ، وبعد لقاءات واسعة مع العراقيين والأمريكان افرادا ومؤسسات ، حكومية أو مستقلة ، اقليمية وعالمية وعراقية ، جاء تقرير اللجنة متضمنا لجملة مقررات أو مقترحات ، قُدمت للسيد بوش ، ابرزها :
- تخفيض حجم القوات وتحويلها من قوات قتالية إلى قوات داعمة ساندة ، إبتداءاً من العام 2008 مع التأكيد على دعم القوات العراقية ورفع جاهزيتها وزيادة وتحسين تدريبها .
وهنا اود أن اناقش الجانب الآخر في تلك المادة من تقرير بيكر- هاملتون ...!
اتساءل اي قوات عراقية ستُدرب ويعتمد عليها ويتحسن إداءها وتتعزز جاهزيتها ، وقد اشتغلوا منذ ما يفوق الثلاث سنوات في هذا السياق دون أن ينجزوا شيئا على الإطلاق ، علما بأن العراق اصلا كان مجتمعا مسلحا حسن التدريب وما كان هناك من ضرورة واقعية لهدر مئات الملايين من الدولارات على تدريب لم ينفع في لجم الإرهاب وصيانة الدولة وحماية المجتمع ، بل العكس حملتم العراق وأنفسكم ودافعي الضرائب الأمريكان اعباءٍ هائلة ما كان لها من ضرورة ...!
لو إنهم إعتمدوا سياسة واقعية عقلانية تحترم المجتمع العراقي وثقافته وحقيقة العلاقات الإجتماعية بين ابناءه وإثنياته دون أن يسقطوا على الواقع ما وصلهم من بعض الزعامات الطائفية والعرقية من اوهام الإفتراق والقطيعة بين تلك الأعراق المختلفة .
ولو إنهم شاوروا العراقيين من غير رجالات الطوائف والأعراق من تجار السياسة وأمراء الحرب من المشبوهين المرتبطين بدول إقليمية اخرى وممن هم منقطعون اصلا عن المجتمع العراقي وحقيقة العلاقات بين العراقيين ، لكانوا قد سمعوا ما يساعدهم ليس في إحتلال العراق حسب ، بل وفي تخفيف وتقليل اعباء وخسائر هذا الإحتلال التي لا زالوا يتكبدونها ولا زالت تتصاعد بمستويات رهيبة هائلة لم يعشها الأمريكان في ايام عرس الإحتلال الأولى .
ولو إنهم رصدوا ما موجود لدى العراق وفي صميم المجتمع العراقي والأسرة والشارع العراقي من ثروات هائلة في مضمار الإدارة والسيطرة والتسليح والكفاءات التدريبية والمهنية مما لم يستطيعوا تعويضه بملياراتهم التي احرقوها في تدريب عراقيين خام هم في الغالب أما منضوين في ميليشيات طائفية أو إنهم لم يستطيعوا الوصول إلى الجيش أو الشرطة دون ترشيح طائفي من هذا الحزب أو ذاك ، بينما كان لدينا كادر مهني وطني هائل من الجيش والشرطة ممن كان يمكن الإنتفاع بهم بعد إعادة تأهيلهم ، ولن يكون هذا التأهيل مكلف لأنهم اصلا نشأوا وترعرعوا في ظل عراق آخر لا وجود فيه لخطاب طائفي أو عرقي ...!
لا اشك ابدا في أن كل الجهود التي يروم الأمريكان بذلها في بناء جيش وشرطة عراقية لن تنجح ولو اهرقوا مليارات عديدة أخرى من اموال دافعي الضرائب ، إن لم يغيروا العنوان الوسخ الذي ادخلوه إلى السياسة والحكم والمجتمع والبيروقراطية الوظيفية العراقية ، وهو العنوان الطائفي البشع الذي فتح الأبواب لإقتتال العراقيين مع بعضهم على الهوية ، وأدى إلى تحمس العرب والسنة في العالم كله لمحاربة العراقيين تحت ذريعة حماية الأقلية السنية من الأغلبية الشيعية ...!
لقد عاش السنة والشيعة منذ قرابة الألف سنة في العراق في وئام وفهم وذكاء إجتماعي كبير في عدم تغليب الخلافات الطائفية وعدم إسقاطها على السلوك والتعايش اليومي بين العراقيين ، لكن الأمريكان حرروا ابشع غرائز العراقيين من خلال العناوين الطائفية التي اوجدوها في التشريع والإداء والنظام السياسي العراقي ومن خلال إعتمادهم القوي على نماذج عراقية مشكوك بعراقيتها ، وما وجود هذه النماذج والإعتماد عليها سواء في البرلمان او السلطة التنفيذية إلا جزء كبير وحاسم في المشكلة الأمريكية والعراقية بذات الآن ، ويستحيل إصلاح أو إعادة بناء النظام السياسي والمؤسسات التنفيذية العراقية في وجود تلك العناصر الإشكالية .

-2-
الأمريكان يكذبون ... !
على انفسهم وعلينا وعلى العالم يكذبون ...!
على دافعي الضرائب يكذبون ... !
اوهام تدريب جيش وشرطة عراقية جديدة محض هراء ... بل هراء كبير ... لأن العراق ليس بحاجة إلى جيش أو شرطة ؟
العراق بحاجة إلى منظومة سياسية ودستورية قيمية جديدة تتناسب مع حقيقة العلاقات العراقية وحقيقة المجتمع العراقي ....!
إنهم يخادعون انفسهم بهذه الأكاذيب عن التدريب والتسليح والدعم وهم فشلوا فشلوا ذريعا ومنذ قرابة الاربعة اعوام في تحقيق اي منجز في هذا الباب...!
هل سيجلبوا لنا عراقيين جدد لم يسمعوا بعد بالمحاصصة والخبطة الطائفية ؟؟؟
إذا كانت العناوين في الأساس غلط فكل ما ينتج وينجم عنها هو بالضرورة خطأ .

وللحديث صلة

النرويج - 6ديسمبر 2006