| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كامل السعدون

 

 

 

الأحد 5/4/ 2009



غاية التهريج .. بناء مسجد في النرويج ..!

كامل السعدون

-1-
تناهى لأسماع الناس خبر سعي حكومة المحاصصة الطائفية المباركة في بناء مسجد للعراقيين في النرويج على نفقة ارامل وأيتام ومهجري العراق المثخن بالبؤس والفساد والفرقة والصراع بين الأعراق .

خبر مثل هذا لو كان صادرا من الباكستان أو إيران أو السعودية أو السودان أو حتى بن لادن الهمام ، لما اثار ولا حتى ( نتفة) إهتمام ، فتلك دول تلوك الدين مع الدنيا في كل وجبة إفراط وإستحمام وتغوط ، وتلك دول ابعد ما تكون عن الديموقراطية والحكم الرشيد ، وبالتالي فهي تتاجر برب العرش المنّان وتبني له البيوت لتغطية العورات الداخلية المهولة ولكيما تستمر بالنهب والقمع وإنامة الناس وإيقاظهم على اناشيد التغزل بالرحمن ونعم الديّان وجمال وجوه الحسان ذوات العيون الحوراء في جنة الوهم العتيدة ..!

لكن أن تصدر الفكرة من دولة بذل دافعوا الضرائب الأمريكان ( المساكين ) مئات المليارات من الدولارات لزرع ديموقراطية مريضة عليلة فيها ، فذلك هو العجب العجاب ..!

-2-
العراق المريض .. العراق العليل .. العراق الرخو .. الهش .. المفكك .. الضعيف حتى ليكفي لعصابة تأتي من اي جار ( ولو أصغره ) أن تنسفه من الداخل وتدكه دكّا .

العراق الذي لا يملك حلا يعيد اللحمة بين عربه وكرده وتركمانه وسنته وشيعته .. العراق هذا الحائر منذ اشهر عدة في حسم رئاسة برلمان الحجاج الشجعان .

عراقنا الجديد .. عراقنا الدعووي المبارك .. تخلى عن كل الإهتمامات الديموقراطية الوطنية ووضع نصب عينيه نشر راية التوحيد في النرويج !!

النرويج .. الصغيرة بحجمها .. الكبيرة غاية الكبر بديموقراطيتها الحقيقية .. بتقدمها العملي الرائد .. بتفوقها الثقافي .. بشعب يقرأ بكثافة رهيبة .. بنظام إجتماعي تكافلي مدهش نجح في إستيعاب قرابة النصف مليون اجنبي من مختلف الأعراق ووفر للجميع التعليم المجاني والتثقيف العالي وفرص العمل والإبداع الكبيرة ..!

لكن المالكي العزيز حفظه الله ، وجدهم غير موحدين بما فيه الكفاية ، وبالذات ابناءه العراقيون الكرام ، فأجتهد لنشر راية التوحيد بينهم .. ربما حتى يكونوا اكثر مواطنة للعراق ولهذا البلد الطيب الذي آواهم ولا يزال .
ربما حتى يكونوا اكثر عطاءاً حضاريا إذا ما تثقفوا بثقافة آل البيت .. من يدري ..ربما ..!

-3-
ستة اعوام عجاف .. ستة اعوام .. عاشها الناس في رعب وخوف وكراهية ونقمة على النفس والآخر .. ستة اعوام من النهب والفساد والرذيلة والخرف والنذالة والجبن والعمالة وإزدواجية الولاء والمتاجرة بالدين والعرق والطائفة.

ستة اعوام مريضة بائسة عليلة .. لم يستقر فيها العقل العراقي .. لم يتحقق ابداع عراقي كبير .. لم تتحقق إضافة حضارية ولو صغيرة تُشعر العالم أن هذا البلد بخير وأن هذه الديموقراطية بخير ..!

ستة اعوام ، وفجأة .. فجأة يهبط الإلهام على رئيس وزراءنا الهمام ، فيدرك أن مناسبة إفتتاح سفارة للعراق في النرويج ، ينبغي أن يلحقها مسجد على نفقة حكومة الطوائف المريضة ..!
لا ادري هل أن على العراق أن يفتتح في كل بلد سفارة ومسجد ؟
هل أن هذه هي البداية لمائة وستون مسجد حول العالم ؟
وهل أن مهمة الدولة الديموقراطية أن تنشر دينا ما بين ناسها أو حول العالم ؟
هل هذه مهمة جديدة من مهمات الدولة الديموقراطية ؟

وما مصير العراقيين من غير اهل الدين ، أو بالأحرى على غير دين الحكومة ، اين يذهب هؤلاء يا ترى ، كيف يلتقي العراقي بأخيه العراقي إذا كان المسجد مسجد حكومة العراق أو بالأحرى مسجد الأغلبية الإنتخابية الطائفية ؟
هل نحن يا ترى بحاجة جادة لمُفرّق آخر يفرقنا ... هل ما يفرقنا قليل لنضيف له آخر ؟

وهل سيخدم هذا التوجه يا ترى سمعة العراق والعراقيين ، وهل سيكون سبيلا لشد اللحمة بينهم وبين الوطن الأم ، أم سيكون لعنة عليهم كما كان بن لادن ومساجد السعودية لعنة على الطلاب السعوديين والخليجيين ؟؟؟

-4-
من المفارقات الغريبة العجيبة في الإداء الأمريكي البائس في كل من العراق وإفغانستان ، أن هذا الإداء وفي الحالتين جاء ليس على العكس من التوجه العام للحكومة الأمريكية بل وعلى الضد من قيم الشعب الأمريكي والشعوب الغربية بعمقها الحضاري وتاريخها الإنساني والإبداعي الطويل .

في العراق كما افغانستان اوجدا ديموقراطيات هشة رخوة ضعيفة منبوذة وبرلمانات عاجزة وإداء فكري هزيل غاية الهزل .
قبل ايام يفاجئنا المالكي العزيز حفظه الله ورعاه بفكرة بناء مسجد في النرويج ، ستعقبه لا شك مساجد في كل بلدان العالم على نفقة ارامل العراق المليونيات .

وفي افغانستان يفاجيء العالم بصدور قرار برلماني مبارك بأن على المرأة ان تطيع زوجها وتنفذ رغائبه الجنسية حتى لو إنها لم تكن مستعدة نفسيا أو راغبه أو رافضه لهذا الفعل أو ذاك ..!
تخيلوا كيف تنشط البرلمانات الجديدة في الديموقراطية الآسيوية الجديدة التي انشأها المحافظون الجدد المقبورون ؟؟
حتى في الفراش تنشط تلك الديموقراطية .. حتى في الفراش وفي اخص خصائص الفرد وعلى الضد من حقوق الإنسان التي صدعنا بها بوش وبلير وووو ..!

ديموقراطية الأمريكان انجبت في العراق حرب طوائف بين علي وعمر دامت قرابة الستة اعوام ولا زالت النار تحت الرماد اما في أفغانستان فها هي تنجب نظاما اشد تعسفا وقسوة وتخلف حتى من نظام طالبان ..!
ومن يعش يرى ، فماذا سنرى في قادم الأيام ..؟








 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس