| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كامل السعدون

 

 

 

 

الثلاثاء 26 / 12 / 2006

 

 

فشل اكيد لخطة الرئيس بوش الجديدة


كامل السعدون

بعد لقاءه بالعاهل الأردني الملك عبد الله في عمان ، ثم لقاءه بالسيد عبد العزيز الحكيم ، ولاحقا بالحكيم والهاشمي على إنفراد في واشنطن ، رشح من مجمل اللقاءات ما سمعناه من قبل الجميع عن خطة عمل جديدة تقوم على إيجاد تحالف بين المعتدلين من الشيعة والسنة والكرد يقوم بعزل المتشددين من جميع تلك الأطراف ، اي عزل وتصفية السيد مقتدى الصدر وجيش المهدي والمقاومة السنية الرافضة للإحتلال مضافا للقاعدة ، وقطعا المتشددين الكرد من انصار السنة والحركات الإسلامية المتشددة في كردستان العراق .
ليس من جديد في تلك الخطة بالتأكيد ، ولا نتوقع لها النجاح ابدا ، لأنها تصرعلى ذات الفرضيات الزائفة التي اوجدها بريمر ، فرضيات وجود كيانات سياسية دينية طائفية في الجانب العربي من العراق ، بينما في جانب الكرد كيانات عرقية قومية قبلية رئيسية بذات الزعامات التقليدية ( السيدين البارزاني والطالباني ) .
وتماما كما في عهد بريمر ، تشكيل ما يبدو أنه مجلس حكم جديد يقوم على المحاصصة الطائفية ، مع فرق أن هذه المحاصصة ستقتصر هذه المرة على المعتدلين المتوافقين مع الإحتلال والقادرين على إشباع حاجاته للبقاء لأطول فترة ممكنة ولإكمال مفردات الأجندة الأمريكية في العراق والشرق كله ، أجندة الشرذمة وتمزيق اللحمة الإجتماعية ، وأبقاء الأطراف جميعا ، اي هذه الأطراف الطائفية والعرقية المعتدلة ، مرتبطة لأطول فترة ممكنة بالأمريكان لضبط التوازنات بينها ولحمايتها من الآخرين ( غير المعتدلين ) .
بذات الآن فالأمريكان سينتفعون بهذه الأطراف كقوة صدامّية تنوب عن الأمريكان في تلقي الضربات الأولى من التيارات المتطرفة في طوائفها ومن القوى الوطنية العراقية الموحدة ، وحين تختنق ، تهرول صوب الأمريكان كي ينجدوها .
الملاحظ أن الأمريكان مصرين بعناد على إستمرار اللعبة الطائفية والعرقية ، لا لأنها الأكثر عدلا لحكم العراق ، بل لأنها الأنفع لهم في الإستمرار بالهيمنة على العراق ، وقطعا سيسعون لتكرار ذات اللعبة في البلدان العربية الأخرى وفي إيران وتركيا لاحقا .
ما تواجهه هذه الخطة من مصاعب ، كثيرة ولا شك :

1- التيار الصدري وهو القوة الشيعية الأكبر والأكثر فاعلية في الشارع العراقي بمرجعياتها الدينية النافذة وبحلفائها من القوى البعثية والسنية الرافضة للإحتلال ، وبحكم العداء القديم المستحكم بينها وبين قوات بدر وجماعة المجلس الأعلى ، هذه القوة المحركة للشارع الشيعي ، لا يمكن تصفيتها بسهولة أو تجاوزها ولو تحققت إنتخابات جديدة لنجحت بشكل منقطع النضير ، مضافا إلى أنها مدعومة إيرانيا وإيران وإن كانت تعول على الحكيم في تنفيذ بعض الأدوار ، فإنها من غير المتوقع أن تتخلى عن التيار الصدري وبقية القوى والمجاميع الأصغر .
2- القوى العشائرية السنية وقوى البعث والقوميين والوطنيين العلمانيين من الشيعة والسنة والآخرين ، لا يمكن أن يسلموا قيادهم للسيد الهاشمي ومن الإستحالة أن يأمنوا للسيد الحكيم ولما تجود عليه حكومة السادة الحكيم والطالباني والبارزاني من بقايا فتات مائدة الحكم التحاصصي المعتدل .
3- لا نتوقع لإيران وخصوصا بعد صدور قرار مجلس الأمن الأخير ، لا نتوقع لها أن تُهديء اللعب في العراق على حساب مصالحها في إستمرار تخصيب اليورانيوم وإنتاج قنبلتها النووية . بالتأكيد نتوقع تصعيدا خطيرا من التيار الصدري وبقية القوى الموالية لإيران في العراق ، ونتوقع ضغطا كبيرا على السيد الحكيم بشكل يمنع تحقيق التحالف الإعتدالي الذي حلم به السيد بوش .
4- من غير المتوقع أن يقوم العرب بدعم حكومة شيعية غير علمانية ولا قبلية ، بل شيعية بواجهة دينية ، هذا مستحيل لأن من المستبعد أن يكون الحاكم الشيعي المتدين بعيدا عن المؤثرات والأجندة الدينية . لو كان هذا الشيعي علماني كالسيد علاوي أو اياد جمال الدين أو لو كان متدينا وطنيا ليس بصاحب تاريخ من الولاء لإيران ، فيمكن أن يأمن له العرب ، ولدينا نماذج عظيمة من هؤلاء كالسيد البغدادي أو المؤيد أو الخالصي وغيرهم . العرب يخافون من تكرار الترتيب التحاصصي المفرق للحمة المجتمع . يخافون من تكرار هذه التجربة في بلدانهم التي يوجد في بعضها ما في العراق من تنوع طائفي أو عرقي . ثم ها هي تجربة لبنان ماثلة امامهم وليس فيهم من هو فخور بتلك التجربة المخزية الموجعة حيث اي طائفة من طوائف البلد تمتلك سلاحا وارضا مستقلة وتعاون حر مع الدول الأخرى على حساب المصلحة الوطنية ، فمن يريد لهذه التجربة أن تتكرر في العراق ؟ من يسره ذلك ؟ ومن يريدها في بلده غدا ؟
لا نشك في أن هذه الوصفة الأخيرة للسيد بوش ، لن يقيض لها النجاح كما غيرها ، بل الحل والحل الأوحد هو العودة إلى الحكم المركزي بزعامة وطنية علمانية موحدة قوية تشترك فيها كل الأعراق والطوائف دون أن يكون هناك عنوان عرقي أو طائفي مطروح .
حكومة وطنية عراقية قوية تقوم بتطبيق القانون العراقي الذي كان نافذا ايام الملكية مثلا بعد تطويره عبر خبراء بالقانون لا خبراء طوائف .
ثم تقوم بسحب السلاح من الشارع وضرب الميليشيات بيد من حديد ، وإعلان الأحكام العرفية على كامل التراب العراقي ، وتشرع بتصفية بؤر التوتر العرقي والطائفي من خلال مزيج من قبضة القانون واليد الممدوة للتصافح والحوار والتفاهم .
ويتم تشكيل الحكومة الجديدة المؤقتة على اساس عراقي حسب ، ويشترك الجميع فيها دون أن يكون هناك عنوان طائفي بالمطلق ، بل الكفاءة والعنوان الوطني حسب هما المطلوبان في المرشح .

النرويج – اواخر 2006