| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كامل السعدون

 

 

 

السبت 25/10/ 2008



مأساة اهل الحكم في العراق .. مُلهاة الأمريكان وطوق نجاتهم

كامل السعدون

-1-
لا نشك في أن شهرا من الآن حتى إستبدال البيت الأبيض لنزيله ، ليست بالفترة الطويلة ..!
ليس إلا شهرا على إفلات بوش بماء وجهه ، ووجوه الجمهوريين ودافعي الضرائب ..!
شهر واحد امام الجمهوريين للعودة للبيت الأبيض ، شهر واحد فقط امام إستعادة المبادرة في العراق ، إنتزاعها ثانية من الإيرانيين ..!
شهر واحد لا اكثر امام دافعي الضرائب لإستعادة بعض ما فقدوه ، بل وربما ضعف ما فقدوه ..!
شهر واحد امام امريكا للوقوف قوية امام روسيا الناهضة ، امام الصين ، امام الحلف الكبير القوي الذي يتشكل الآن في المنطقة والعالم .. حلف المعارضين للعدوانية الأمريكية .. !
أو .. الهزيمة الأكيدة الجبارة المذلّة .. التي تعيد الأمريكان إلى القفص الوطني لإعادة ترتيب البيت الذي خرّبه العراقيون والأفغان والإيرانيون والروس وسماسرة البنوك والبورصة وزعماء كازينو القمار الأمريكي (الرأسماليون الطفيليون) ..!
شهر قد ينتهي بعودة امريكا إلى قفصها الوطني لاعقة جروحها أو الوقوف مجددا قوية أمام العالم ..!
شهر واحد لا مزيد ..!
لا مزيد ..!
هل تحسّب الأمريكان لمثل هذا منذ البدء ؟
هل تحسّبوا لمثل هذا الشهر غير الفضيل ؟؟
اظنهم كذلك .. اظنهم فعلوها .. توقعوا وتحسبوا لها ..!

-2-
تحسبوا له حين اوجدوا طبقة سياسية هزيلة بائسة فاقدة للثقة بنفسها وشعبها وقدراتها .. خلقوا أو أنتجوا معوقين سياسيين واعطوهم سلطة ومسؤولية وثروة طائلة لا نهاية لها..!
ثم حبسوهم في سجن المنطقة الخضراء وقالوا لهم احكموا البلد ونحن نغطيكم ونحميكم ...!
حشروهم منذ البدء في فخ الحاجة لهم .. إذ هم في الاساس كما اسلفنا ، معوقون .. والمعوق ليس له حراك بغير كرسيه المتحرك أو ذراع إرادة أخرى .. لا إرادته ..!
ورغم أن الكثير والكثير جدا من المعوقين جسديا ، قادرون على الإبداع بقوة الإرادة والعقل والعاطفة والشعور ..!
لكن مأساة المعوق نفسيا ، المعوق ذهنيا ، المعوق عقليا .. تلك اخطر وأبشع من اي عوق آخر ..!
وهذا حال زعماء العراق الجديد ..!
هذا حالهم .. وتلك مأساتهم .. وملهاة الأمريكان وطوق نجاتهم ..!
الأمريكان يملكون كوابح الكرسي المتحرك .. وحدهم .. وحدهم .. وحدهم لا غير ..!

-3-
ربما سيردّ عليّ البعض متسائلا .. اوتظن أن زعماءنا .. طبقتنا السياسية معوقة حقا .. عاجزة .. مشلولة الإرادة .. محكومة بالقبضة والكابح والمظلة الامريكية ولا إفلات لها من هذا القدر ..!
اجيب وبكل ثقة .. نعم .. هم كذلك .. هم كذلك وللأسف ..!
ليس لأن الأمريكان اقوياء .. ليس لأن هؤلاء ملزمون إلتزام الفرسان ، بواجب ردّ الجميل ولو ساقك جميلك إلى الموت ..!
ليس هذا ...فالمعوق سيكولوجيا وذهنيا .. لا يملك قيم الأقوياء ، كالإمتنان والطيبة والنبل و الفروسية ..!
المعوق سيكولوجيا وذهنيا ، هو معوقّ مشدود لعوقه .. مُستلب من هذا العوق ، وقيمه بالتالي قيم عبيد لا قيم سادة ..!
والمعوق مشدود لعكاز سيده .. أو سوطه ..!
قيم العبيد التي اشار لها نيتشه الرائع حين ميزّ بين قيم الفروسية بما فيها من قوّة وقال انها قيم الأقوياء السادة حقا ، بينما قيم العبيد هي قيم الكذب .. الخوف لدرجة الرهاب .. الجبن .. الخنوع .. الإنتهازية .. الغدر ..!
وهنا يصدق جميل العرب ونبيلهم المتنبي حين قال :

                       لا تشتري العبد إلا والعصا معه .... إن العبيد لأنجاس مناكيد

وهم في الأساس معوقون .. معوقون قبل الأمريكان .. ومعوقون بعدهم .. ومعوقون حتى تقيض إرادة العراقيين لهم أن يكنسوا الثقافة التي انتجت هؤلاء ..!
ولأنهم بالأساس معوقون .. إنتخبهم الأمريكان لمهمة خطيرة تتطلب قوة عقل وضمير ويد ...!
لأنهم بالأساس معوقون وجد الأمريكان الفرصة لإمتطائهم والسير بهم صوب الأهداف التي تناسب الأمريكان ..!
كيف همّ معوقون ؟
الجاهل معوق عقليا .. الطائفي معوق عقليا .. المربوط إلى حلم قومي مستحيل معوق عقليا .. !
المتعكز على عكاز طائفي بائس ، نحته له نجار إيراني أو مكّي قبل الف عام ، لا يمكن له أن يحكم ولا حتى ابناء طائفته المؤمنين معه بهذا العكاز العتيق الفاسد ..!
فكيف له أن يحكم بلدا متعدد الأعراق ؟
كيف .. كيف ..!
عكازه يتناقض مع طموحات الناس .. إرادة الحياة لدى الناس .. إرادة الإستمتاع بالحياة وكنوز الحياة الواقعية العيانية للناس ..!
كيف يحكم مثل هذا .. كيف ؟
كيف لمشلول أن يلعب كرة طائرة أو مصارعة حرّة .. هه ..!
كيف لجراح أن يقوم بعملية جراحية ويداه مشلولتان ؟
كيف لمن لا يملك إلا بذور خردل أن ينتج تفاح أو زيتون ؟
لأجل هذا إنتخبهم الأمريكان ..!
الأمريكان غير معنيين بالحسين أو عمر أو حلبجة أو الأنفال أو ماساة كربلاء ..!
الأمريكان غير معنيين بهذا .. لكنهم معنيين بأن ينتخبوا من يحمل مثل هذا ، وإن لم يجدوهم .. انتجوهم ..!
مثل هؤلاء .. مثل هكذا كائنات طفيلية مريضة .. عاجزة مشلولة مغلولة إلى دفاتر الماضي وحاجات الجسد الرخيصة ..هي ما يريده الأمريكان .. من ينتفعون به ..!
هذه الكائنات .. هذه الرؤوس الحاملة لبذور الفرقة والتشتيت والتمزيق والخراب .. هذه التي تحمل افكار وقناعات معوقة للإرادة .. مهيجة لغرائز الغابة .. حسنة الإستقبال للظلام وقادرة على النمو والتكاثر والتنفس في الظلام والرطوبة ... هذه هي ما ينفع الأمريكان في مهمة جليلة كبيرة بحجم تلك التي جاءوا من اجلها ..!
هذه الكائنات ... كل طرف منهم يريد من العراق حصته التي يستطيع بها إستنبات عصاه العتيقة على امل أن تورق وتزهر وتثمر تفاحا وأمنا وسلاما وخبزا للجياع ..!
كل طرف يريد ساحته ، يريد ملعبه ، وحيث أن الملعب العراقي فسيحا متنوعا ، وحيث أن إستحقاقات إنبات العكاز أو عصا الأجداد لا تتم إلا عبر إنتزاع جزء من هذا الملعب ، وحيث أن الأجزاء تتناقض وتتصارع وكل يريد ملعبا افسح وأوسع للعب به ، وحيث أن إرادات الخارج لا تسمح ولا تجيز لك أن تأخذ ملعبك ، وحيث أن في ذات الفريق ، ذات حاملي العكاز ، من يناقض إرادات الآخرين من زملاءه حاملي العكاز .. فإذن ليس إلا حضورا امريكيا يؤمّن للجميع فرصة اللعب حتى يصير الحلم واقعا ، ويصير العكاز حقيقة ويتحول إلى عصا موسى تلقف عصي الآخرين .. حتى ذلك الحين لابد من حضور امريكي ..!
لأجل هذا لا اظنهم يستطيعون الإفلات من الجزمة الأمريكية ..!
سيوقّعون المعاهدة .. سيوقعونها شاءوا أم أبوا ، فإن لم يفعلوا فأمامهم فعلا طوفان رهيب ..!
طوفان قد يجتاحهم قريبا جدا .. من امريكا أو من إيران أو من بين ظهرانيهم ..!
 


 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس