| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كامل السعدون

 

 

 

 

الثلاثاء 19 / 12 / 2006

 

 

مركب الصفويين يسعى للرسو على مرافيء النيل الأزرق

 

كامل السعدون

عجيبٌ غريبٌ أن يصدق ما كان يقوله البعثيون لنا ايام زمان في ندواتهم الإلزامية وصحفهم ومسيراتهم وتظاهراتهم وخطابات زعماءهم ....!
وعجيب والله أن يصدق الكثير جدا مما قاله صدام مرات ومرات وما ثقّف جيشه وشرطته وأمنه ونقابات عماله وإتحادات نساءه وووو ، عن الغزو الصفوي للعراق وبقية الدول العربية ....!
لقد قالها الرجل باكرا جدا وها هي الأحداث تؤكدها بقوة ، في العراق ولبنان واليمن والكويت والخليج ومصر وفلسطين ووو .
التومان الإيراني يغزو الشرق كله ، التومان يلمع في كل مكان وأساطير فارس تنتشر إنتشار النار في الهشيم .
وقد وصل اليوم إلى النيل الأزرق ، على يد السفارة الإيرانية ومكاتب ثقافية إيرانية في السودان الشقيق.
وهاج الناس وماجوا هناك ، فالقضية وجودية ... قضية تاريخ وثقافة ولغة عربية وتراث وتقاليد .
قضية شرف وكرامة وسيادة ...!
ليس كحال العراق او لبنان ( وللأسف ) .
ونذكر في ما نذكر موقف الكويت الشجاع الصارم أمام ذات السفارة الأعجمية حين حاولت التدخل في شؤون الكويت وشيعة الكويت .
لا نشك في أن مشوار مركب الصفويين لن يكون سهلا أمام تيارات النيل الأزرق ، حيث لا شيعة هناك لتتعكز على اكتافهم سفارة النظام ومخابرات النظام وولي النظام الفقيه ، ولكن الخطر ماثل وقائم وسيستمر ....!
قبل ثلاثة أعوام سقط نظام صدام حسين وكنا نتوقع وننتظر حكما ديموقراطيا علمانيا يبني العراق ويعيد بناء النسيج الإجتماعي الذي حصلت فيه خروقا وثقوبا هنا وهناك بفضل ممارسات النظام وفشله في إصلاح ذاته وتطوير إداءه والسعي الجاد للحوار مع العراقيين والتقرب من الناس ، ثم في إنتخابه حلولا تسويقية إنتهازية تقوم على حملة إيمانية وإطلاق صدرا ثانيا وضاريا وإستجلاب زرقاويا من الخارج .
كنا نتوقع أن تُلحم الثغور ويُعاد إصلاح النسيج عبر إقامة نظام ديموقراطي علماني يتم فيه إشراك كل الفصائل ، إسلامييها وعلمانييها في جبهة وطنية موحدة تتوافق سلفا على تحريم العنونة الطائفية والإداء الطائفي والتقاسم للثروة والسلطة والتربية والأوقاف ووو على اساس الطائفة ( لا بارك الله بها كائنة ما كانت ) .
لكن بدلا من ذلك وللأسف جاء بريمر ( بطبخة ) المحاصصة ووسع الثقوب حتى امسى النسيج مثل ثوب الإمبراطور ، لا ترى له خيوط أو حدود أو ابعاد ، ولا يستر عورة .
ويكفيك أن ترى اليوم هجمات الميليشيات على وزارات الدولة وإختطاف الناس لتعرف مبلغ البؤس الذي بلغه هذا العراق ...!
ثم نشبت الحرب الطائفية تحت رايات عمروعلي وعثمان وفاطمة وخالد ، وحي على خير العمل ( ولا عمل خير على الإطلاق ، وكل ما هو حاصل لصوصية وسرقة وبهتان باسم علي وعمر وعثمان ) .
لقد صدق الرجل الذي ينتظر اليوم حكما من العجم بإعدامه ...!
قالها باكرا ... الفرس الصفويون يحلمون بالتوسع وإعادة الإمبراطورية الكسروية القديمة التي هدم الإسلام مدائنها وأطفأ نارها وشتت جيوشها وتقاسم قادة جيشه كنوزها وحريمها بينهم .
الفرس يفعلون هذا اليوم في العراق وفي كل بلد عربي وها هم بلغوا الصومال واليمن والسودان وغدا نراهم يطرقون ابواب الكعبة لا للحج أو العمرة ، بل لتعليق صور الخميني وخامنئي على جدرانها.
إنها الإمبراطورية الوليدة التي تُحقق النجاحات هنا وهناك بتواطىءٍ حقير من قبل الأمريكان ، ويعلم الله وحده سر هذا التواطيء الغريب غير المبرر ...!
لا تعجبوا إذا شُيع السودانيون أو الفلسطينيون ، فهم فقراء بؤساء وبحاجة لمن يدفع اكثر ، وهذا الأمر بحد ذاته لا يعنيني ولا اظنه يعنيكم ايضا ، لكن المرعب ما وراء الفعل ... ما وراء أن تخترقنا ثقافة قوم آخرين ... اساطير قوم آخرين .... ترهات قوم آخرين ، وليتها ثقافة توحيدية تجميعية إنسانية كالماركسية أو الوجودية أو الرأسمالية أو الديموقراطية ، فتلك افكار ومباديء وقيم حرة لا تفرق بين الناس على اساس الماضي وحروب وأساطير وترهات الماضي ...!
وليت هذا التشيع جاء من نجف أو جبل عامل ، لقلنا هم عرب مثلنا وآتون بدعوات ليس وراءها نوايا سياسية أو مساعي لتمزيق اللحمة الإجتماعية ، لكن حين يكون المسعى قادما من بوابات السفارة الإيرانية ، فهذا تأكيد لما نرمي إليه من مسعى تبشيري رسمي صفوي بعيد عن التشيع الشعبي العربي .
إنه تهديد مرعب بشع لشخصيتنا القومية وثقافتنا وأعرافنا وتقاليدنا وهويتنا الخاصة التي نعتز بها كما يعتز الكردي والفارسي والتركي وغيرهم بهوياتهم القومية وخصوصياتهم غير القابلة للإمتهان .
الفرس يتمددون بقوة ، وحيث يتمددون ، يهتاج الطرف الآخر ، العروبي والسني ، وغدا سنرى حروبا طائفية وعرقية في اكثر من مكان في عالمنا العربي على هامش هذا الغزو الصفوي الظلامي الخطر .
ما حصل في العراق من مقاومة بعضها شريف لا نشك مطلقا في شرفه من حيث هو مقاوم للمحتل الذي احرق واستباح بغدادنا على يد عصابات الإيرانيين الذين ادخلهم معه أو جاؤا لاحقا بعده عبر الحدود وتحت عباءة الحكيم والصدر وآخرين .
ألا ليت قومي ( أخوتنا العرب ) يسمعون ويعقلون ويتابعون الضغط بقوة على الأمريكان ، للتعجيل بمحاسبة إيران وخنقها سياسيا وإقتصاديا قبل أن تتوسع وتتمدد بفضل ورادات البترول الكبيرة التي تُرصد نسبة عالية منها على نشر الصفوية في العالم كله .
بذات الآن نتمنى على العراقيين الشرفاء ، في الحكم أو في المقاومة أن يوقفوا التداعي الخطر الذي حصل منذ التاسع من نيسان ، ولا زال تياره يزداد شراسة ويعصف كل يوم بالمزيد والمزيد من الدماء العراقية وأموال العراق وأمنه وسلامة اراضيه وسعادة ابناءه .
على اهل الحكم وأحزاب الحكم إن كان لا زال لديها بقية من ضمير وعقل ومنطق وحس وطني ، عليها أن توقف العملية السياسية المشوهة التي حصلت على يد بريمر ، تطوعا ، قبل أن تلزمها المقاومة وحركة الكفاح المتأجج والمتزايد لدى شعبنا عامة ومراجعه الدينية العربية الكريمة الشريفة العاملة ، على ذلك .
إيقاف العملية وإعلان وفاتها وإعادة الجيش العراقي وحرس الحدود والشرطة المدربة ذات التوجه الوطني العراقي ( والتي لا ترتبط بطوائف وعصابات طائفية ) ، ثم إيقاف العمل بالدستور البريمري ، وإعلان حالة الطواريء ، وحظر الأحزاب الطائفية وإغلاق الحدود أمام إيران وسوريا والآخرين ، وأخيرا وليس آخرا جمع العراقيين في مؤتمر عام ينتهي بإقرار المصالحة الحقيقية والشاملة مع البعثيين وكل القوى السياسية الوطنية المقاومة الآن ، أما المجرمين ومن اي إتجاه أو ملة ، فاولئك يتكفل القضاء العراقي العادل النزيه البعيد عن عصابات إيران ، يتكفل بإجراء محاكمات عادلة شفافة ، تشمل في من تشمل البعثيين المجرمين ، كما والصدريين والبدريين والزرقاويين وغيرهم .
بغير هذا لن يستقر العراق ولن يتخلص شعبنا من أوجاعه وآلامه التي بلغت مستوى التراجيديا بكل المقاييس .

النرويج – 19- كانون الأول- 2006