| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كامل السعدون

 

 

 

 

الثلاثاء 12 / 12 / 2006

 

 

حين يكذب اشرف الناس

كامل السعدون

-1-
يقال أن السيد المسيح ، سُئل مرة :
- يا سيد ، من هو اشرف الناس ؟
امسك قبصتي تراب وهتف بالسائل ، من تراه افضل يا بني ؟
اجاب الآخر : لا فرق يا سيدي فكلاهما تراب .
- كذلك هم الناس يا بني ، جميعهم من تراب وليس من شريف وأشرف ...!

-2-
حين رأيته البارحة ... رثيت له بصراحة ...!
حقيقة شعرت بالرثاء للرجل ( اشرف الناس ) فقد كان متوترا للغاية ... متوترا بتشنج ... كانت عيناه شاردتان ضائعتان على غير عهده ... كان الرجل يبدو وكأنه غير واثق وغير مقتنع بما يقول ... فقط هو صوته ..كان قويا مجلجلا ولكن ليس جلجلة المؤمن بل إنها جلجلة وعاء نحاسي عتيق لا روح فيه ...!
وعاء نحاسي عتيق يدق عليه بقوة من لا يملكه ولا يحبه ولا يثق به ..!
مسكين والله هو السيد ومساكين هم وربي اتباعه الذين لا نشك في انهم سيندمون ندما كبيرا حين ينفض المولد على غير ما يشتهون .
شيعة لبنان تعرضوا لظلم فادح ، تماما كما هم شيعة العرب عامة ، لكنهم اليوم يظلمون اكثر واكثر من خلال الزج بهم في لعبة اكبر من حجمهم ... لعبة تضعهم في صراع دموي مرعب مع اهلهم وناسهم وبلدانهم وأخوانهم ، لعبة ليست لعبتهم ولا شرف فيها ولا خير ولا كرامة ، لأن مفاتيحها بيد الخارج ... بيد الفرس والبعثيين السوريين ... بيد من هو مختنق اصلا ويريد تنفيسا على حساب ابرياء الشيعة ...!

-3-
ابرز ما تميز به خطاب نصر الله إتهاماته الكبيرة الخطيرة التي لا تجيز لمن يملك أوراقها ووثائقها إلا أن يرفعها عبر قنوات القانون بذات القدر الذي يهزج بها في الشارع وسط غوغاء فلسطينيي المخيمات وسوريي لبنان من منظفي الأحذية وعمال البناء مضافا لجموع الساقطين إنتخابيا ووطنيا من بعض الطوائف ، وبالذات اولئك الذين كانوا منتفعين من الوجود السوري ومن تقاسم ثروات لبنان مع بعثيي الأسد الصغير ...!
من تلك التهم ، تهمة حجب السلاح عن مقاتليه الأشاوس إبان الرد الإسرائيلي على غزوته البائسة الهزيلة .
رغم أن هذه التهمة ( لو إنها كانت قد حصلت فعلا ) ، لا تعد في عرف القانون والشرعية الدولية بتهمة لأن حزب الله ليس إلا ميليشيا وميليشيا لها اجندة غير وطنية ولا تمتلك شرعية العمل المنفرد ولا يحق لها أن تفاجيء الشركاء الآخرون بممارسات تورط البلد كله في اتون حرب لا تضر الشيعة وحدهم ولا حزب الله وحده ولكن لبنان كله .
حتى لو صح هذا الإتهام فإن منطق الحياة يقول أن على البالغين الناضجين الشركاء في مشترك إقتصادي وإجتماعي وسياسي وجغرافي كبير ، عليهم أن يلجموا مجانينهم غير الناضجين ولا الحريصين على الشركة المشتركة عن ممارسة ما لا حق لهم به من إحراق للأرض المشتركة ومباديء ومقومات العيش المشترك .
فكيف وهو لم يصح وقد نفاه وزير الدفاع اللبناني جملة وتفصيلا ..!
إذن فالتهمة مردودة لملعب من اطلقها ، وإذا كان السيد نصر الله كريما مع الدولة ولا يريد رفع القضية للقضاء ( ربما لعدم قناعته هو ذاته بتلك التهمة ) ، فإن فريق 14 آذار يجب أن يستغل هذه الورقة ويعيد اللطمة لمن اطلقها وعبر القضاء ومن له حق يأخذه من القاضي اللبناني .
بمثل هكذا رد تستطيع الدولة والحكومة الشرعية اللبنانية إثبات حزمها وإحترامها لنفسها ولشعبها الذي انتخبها ، بغير هذا لن يعود هناك من يحترمها وسيتمكن أي مشاغب من التطاول عليها وتجميع الناس وراءه عبر رفعه بضعة شعارات كاذبة وبيانات مزيفة .
في بعض المواقف لا يصح التسامح خصوصا عندما يكون التشهير بمثل هذا الحجم .... !
على السنيورة وحكومته أن تتحسب بعناية لما وراء هذا الخطاب التحريضي ...!
لا زال دم بيار الجميل لم يجف بعد وها هو اشرف الناس يطلق التهم عبر اعلى المنابر وامام مئات الآلاف من الناس ...!
كم من هؤلاء من صفق لتلك الكذبة التي اطلقها نصر الله ؟
وكم منهم من تأثر بها واضمر في داخله رغبة بالإنتقام من السنيورة أو اي من رموز 14 آذار ؟
يجب أن ترفع القضية للقضاء قبل أن يصدق الناس فعلا هذا الذي قيل .
يجب إعادة الكرة لملعب من ركلها من مخبأه الحصين صوب خط هجومه المتجمهر في الشارع ، إعادتها إلى ملعبه بكارت احمر من القاضي ... حكم المباراة العادل الذي يعرف أن هكذا مناولة ليست بالشرعية ولا الودية ولا تتناسب مع اخلاق العيش المشترك والعمل الديموقراطي السليم المتحضر ...!
بمثل هذا يمكن للحكومة اللبنانية الشرعية أن تردع المتطاولين عليها من عملاء الأجنبي .
ولا يصح في النهاية إلا الصحيح ... !

النرويج – ال9 من ديسمبر 2006