| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كاظم السيد علي

 

 

 

الثلاثاء 29/6/ 2010



نعي المرأة العراقية كان رصاصة
مؤثرة تنطلق مع رصاصات الثوار

كاظم السيد علي

بعد أن تم االبريطانيون سيطرتهم على العراق كافة عام 1918 أستاء الشعب يومئذ بكل قواه مما أدى الى مقتل حاكم النجف البريطاني الكابتن (مارشال ) في دائرته .
فكانت تلك الحادثة بمثابة الومضة المبكرة الاولى لإيقاظ التحدي الثوري لدى الجماهير والتي مهدت لقيام الثورة العراقية الكبرى في 30 حزيران عام 1920 ، منطلقة من مدينة الرميثة على يد الشيخ شعلان ابو الجون ، فأنطلقت هوسته ورصاصته الاولى معا في تلك اللحظة :

( حل فرض الخامس كوموله )

وفعلا في ذلك اليوم هبت كل طبقات الشعب في كل ارجاء الوطن من شماله حتى جنوبه يلبون نداء الواجب الوطني. واستمرت الثورة فكان للشعر الشعبي الدور المهم .. بتحريض وشحذ عزيمة المقاتلين من خلال الأهازيج (الهوسات) التي كان ينشدها الشاعر الشعبي وكذلك الشاعرة الشعبية التي لعبت دورا أساسيا في التحريض والاندفاع بنفس الروحية ، الكفاحية ، مع أخيها تشد من عزيمته وهمته مع رفيقاتها اللاتي ينشدن النوحيات بأبداع شعري يثير لالهمم ويلهب الحماس وسجل بدقة وتفصيل اكثر مجريات المعارك ضد العدو الغاشم يطلقنه في ميدان القتال مباشرة ، امرأة شاعرة تخاطب زعيم الثورة في هذه النوحية التي اتسقت مع الهوسة في التعبير عن الثورة وأحداثها ومسيرتها ورجالها كانت ضماد وبلسم الجراح كل مقاتل .. وكانت كلماتهن وما يعبرن بها من احساس ثورية رصاصات مؤثرة تنطلق مع رصاصات الثوار ولسانا معبرا .

ثار التفك وأسمع اندابه
ودخانتنه مثل الضبابه
نخو وين فكاك لطلابه
يشعلان يا راعي المهابه
يماضي ولا ينشد اصوابه
يا صنديد ياوكفة اصحابه ..

وكانت المرأة تصاحب الثوار وتشجعهم بالهوسات والزغاريد على استمرار الكفاح فقالت احداهن وهي نازي الحاجم من عشيرة الظوالم عندما عاد شيخ عشيرتها (ابو الجون) والثوار بعد ان اقتحموا قوات المعتدين في المعركة وسيطروا على جسر (السوير ) في الرميثة أخذت تنشد هذا الشعر الحماسي :

شعلان اجاها اوصاح شوباش
خله الرميثة امجضعه الشاش
العج غطاها والثره افراش
كركه اوسيك اوباجي الابواش
ولاهاب من مدفع اورشاش
واللي يخلد امته عاش

ظلت بهذه الروح ترافق اخاها في سوح القتال تسانده وتدعمه وتشد من عزيمته .. فهذه احدى المقاتلات الشاعرات المرافقة لاخوانها وبعد ان انهزم الغزاة امامهم في منطقة (العارضيات ) ليلا اخذت تنشد وتفتخر بأخوانها الثوار وببطولاتهم على المستعمرين في تلك المنطقة وهي تصف وتسجل احواء المعارك القتالية التي خاضها الثوار العراقيون ضد القوات الغازية :

ثار التفك والنجم غرب
وظهر ليه وين المذرب
واحدهم عجيد اوينحر اسرب
مثل السبع بالكون لوطب
ريح الشمال العذب من هب
ومن الجماعة الجيش كرب
اوصب الرصاص الماي من صب
واحنه اليجينه ايهلك يتعب

لم تقتصر تجربة المرأة العراقية الثائرة في فنون (النعي ) بل كتبت الهوسه كما كتبها الرجل في سوح المعركة وهذه احداهن تثير النخوة بين ابناء الفرات وتجرد رأسها من عصابتها حين دخول الانكليز الى منطقة العوجة في مدينة السماوة وهي تخاطب زعماء العشائر الفراتية :

وين اليودي معصــــــبي ويه الوذان
ويخبر صبيبان الفنوني ونايف الجريان
يكل لبن البريس ويحشم الشعلان
العوجه اهتزت عينوها

 

Counters