| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كاظم السيد علي

 

 

 

السبت 26/6/ 2010



سلام على محمد الغريب في الخالدين

كاظم السيد علي

ربما كان يجس في داخله .. انه مستهدف من القتلة الملثمين او المفخخات ... أو أصابع الديناميت كما استهدف من قبله أبناء شعبنا لكنه لم يعلم إن (اللوكيميا ) هي التي كانت له بالمرصاد فاصطادته فهوى بيدها ... محمد ( الغريب ) .. ذلك الشاعر الرقيق .. المسالم يكره العنف .. يحب الحياة حتى طوت صفحة حياته بمرضها اللعين الذي لم يمهله طويلا ..وبهذا فقدنا شاعرا بارزا ومؤثرا من خلال قصائده الشعبية وابوذياته وومضاته التي مازالت نرددها نحن ومحبي الأدب الشعبي :

ليش انت ياوطني .. ماترسم خارطة ؟
ترسم كرسي وعلم .. وحروفك مخربطه
ردنه نجيكم حمــد ..والريل كلش بطه
حدر السنابل بجي ..وفززن كل الكطه

ناهيك من أغانيه الجميلة الرصينة التي مازالت راسخة في ذاكرة الناس والمحبين والعشاق .. بحناجر الكثير من المطربين مثل" شكد شفت بحياتي مومثلك يغالي" و"خاينه" بصوت سعدي الحلي وأغنية "مالومه" بصوت حسن بريسم و"جانت عايزه " و" شتانيتي " بصوت علي العيساوي و"اذا عندك صبر " بصوت إيمان سالم و" كلهه سهله " بصوت صباح الخياط و"ماتحبك بصوت حاتم العراقي و"أعوضك " و"صبرك بخير " بصوت عبد فلك ... والقائمة تطول بالأغاني الجميلة والرائعة .

ويذكر إن الشاعر محمد زغير ستات الجياشي المعروف ب(محمد الغريب ) من مواليد الديوانية – الحمزة الشرقي 1961 شغف بالأدب الشعبي منذ طفولته ، أكمل دراسته في مدينة الثورة – بغداد ، كتب الشعر وكان صوتا متميزا إلى جانب نخبة من الأصوات الشعرية الشبابية في مقدمتهم حمزة ألحلفي.. طالب السوداني.... سمير صبيح ..غني البهادلي ..وغيرهم من المبدعين شكلوا جيلا استثنائيا في وقت استثنائي على حد قوله (جيل كتب القصيدة تحت صهيل المدافع وأزيز الرصاص ) في قصائدهم رائحة الالتحاق ودفء الملاجئ وهواجس ارض الحرام .. كتبوا رسائل الحب على صناديق العتاد :

من مريت ..
جن العيد مر..
ولوجهك انشديت
وعاينت أعله طولك ..
عالنبي صليت
سبحان الذي سوه ..
الخلك من طين !!
يحبك ميزك ..
سواك من جكليت

جيل كتب بدمه القصيدة الأولى .. في زمن الحرب الجنونية التي فرضت علينا منى قبل نظام لايعرف سوى ثقافة الموت ، والغريب محمد .. واحدا من هذا الجيل الذي أنجبته الحروب .. كتب العديد من القصائد الجميلة والجادة التي حملت في طياتها هموم الناس المتعبين والفقراء والمحتاجين ..

نايم واحلم
خبزه اجبيره بكبر الكون
وناكل منهه .. وناكل منهه
ونبدل من عدهه أسنون ........

لقد استطاع الشاعر( أبو سمر) إن يترك بصمة واضحة في فضاءات المشهد الشعري بين أبناء جيله الذين استطاعوا أن يؤسسوا لأنفسهم موطئ قدم بين معاصريهم من الجيل الشعري الذي سبقهم .. فكانت قصائدهم مميزة وذات نكهة خاصة لحداثتها :

ها كضت.. ها.. لا بعدهه
ها كضينه ..ها بعد بينه نفس
وها لكينه أعيونه .. وها.. ما لكينه
وها نسينه الشوف وها بان الخرس
ياهم احنه امنين اجينه
اليا نهايه احنه أبتدينه
اتيه بينه اشفافنه أحروف السؤال
وتهنه وسط أبيوت أهلنه
او لا تصح جلمة تعال

ومحمد كان من الشعراء القلائل الذين لم تغويهم إغراءات الدكتاتور ..حتى بقي صامدا بوجه الظلم والظلام ، أبى أن يكون (ديماغوجيا ) ومتلونا رغم العوز والحرمان والتعب الذي لبسه ثوبا لم يخلعه طول حياته وحتى مماته وهذا خير دليل ما تقوله إحدى قصائده حيث يقول :

لا حجينه بألف شفه
او لا لبسنه اوجوه ترفه
او لا كدرنه أنعيش يوم ملونين

وآخرين رحل محمد الغريب أنسانا وشاعرا غريبا مبكرا لم يودعنا بوداعته التي عرف بها ( أبو سمر ) مشغولا بهموم الوطن وبهموم الفقراء والكادحين من أبناء جلدته وفي رأسه مشاريع شعرية وأحلام كبيرة ... فسلاما على محمد الغريب في الخالدين وتحية لقصائده الراسخة في وجدان كل إنسان .





 

Counters