| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كاظم السيد علي

 

 

 

الثلاثاء 22/6/ 2008



إسماعيل الشيخلي .. عاشق القرويات

كاظم السيد علي

إن الحرب العالمية الثانية .. أيقظت الوعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لدى الإنسان العراقي في تلك الحقبة ، وأصبح للفنان التشكيلي ، الحرية الداخلية فلابد أن يخلق ويولد شيء من ذلك الوعي في مضماره ، وكانت انتفاضة 1948 بعد تلك الحرب متنفسا له فتحول الفنان شيئا فشيئا للتعبير عن واقعه الذي يعيشه من الجانب الاجتماعي والإنساني من خلال ممارسة فن إبداعي وثقافي خلاق ، ضمن التوجه الجديد هما التيار الواقعي الاجتماعي من جهة ، والتيار الثقافي والحضاري من جهة أخرى ، واليوم نسلط الضوء على واحد من فناني التيار الأول " الواقعية التعبيرية " إلا وهو الفنان الكبير إسماعيل الشيخلي ، الذي شق طريقه مع نخبة طيبة من الفنانين كل من فائق حسن ومحمود صبري وجواد سليم وغيرهم من الفنانين في تلك الحقبة ، والذين حققوا تحولا في التعبير ونقل الواقع الاجتماعي والإنساني وتجسيد الحياة الشعبية العراقية والعزوف عن المنظر الطبيعي والأشياء الجامدة ، والابتعاد عن رسم " البورتريت " أي رسم وجوه الأشخاص ، مما اتخذ الشيخلي إسماعيل البيئة العراقية موضوعا لإعماله الفنية ونتيجة للوعي ولثورة تموز عام 1958 الذي مهدت للفنان حريته الإنسانية ، اخذ الشيخلي يبحث في فنه بتقنية جديدة مهدته إلى خلق أسلوبا جديدا وكان هذا تحولا في تجربته نظرا للتبلوره الواقعي ، بعيدا عن الملامح الطبيعية لاستخدامه الألوان والكتل والمساحات " التشبيهية " بعيدا عن المألوف وألوانه الحارة المعروفة وخاصة في تصويره لواقع الريف العراقي .. النخيل .. المياه .. القرية .. الهور .. الخ ، ولشخوصه التجريدية بشفافيتها وهدؤوها ، التي تعمل على خدمة الموضوع المعبر في اللوحة ، فيقوم كذلك برسم الوجوه والحركات بأكثر حرية وخاصة في نسجه للون رغم انه قليل في لوحته يقول عنه الناقد جبرا إبراهيم جبرا بهذا الخصوص :" ليس في رسوم إسماعيل الشيخلي شيء من التصوير الشخصي ، فهو يقولب الوجوه والأجسام بحرية أكثر مما قد تتجه النظرة السيكو لوجية ، نساؤه عراقيات بلفتاتهن وعطفا تهن وجلساتهن ووقفاتهن ، ويكاد المشاهد يرى تغزل الرسام بكل ذلك ، محافظا في الوقت نفسه على سيطرة الشكل ونسج اللون والنسج مهم في ألوانه القليلة التي يضعها أحيانا في تقابل جريء ، ويستخرج منها شفافية رقراقة ، لاسيما في عدد من صورة التي يدور موضوعها حول الأم وطفلها فإسماعيل ، في تعلقه بقيمة اللون ، قريب من فائق حسن ، الذي كان أستاذا له قبل أن يكمل إسماعيل دروسه في باريس ، وقد مرت رسومه في مراحل متباينة أخرى ، في كل منها تجارب على موضوع متقارب بلغت به هذه المحولات الغنائية ، ولوحاته الأخيرة تمتاز بمساحاتها اللونية التي يوزع ضمنها مجموعات ، معظمها نسائي ، في تكوين مترع بالفرح " . لقد ابتعد إسماعيل عن الأسلوب الذي كان معروفا به بالواقعية التعبيرية الشعبية في الخمسينات ، فقد ظهر بأسلوب جديد في الساحة الفنية بين زملائه آنذاك وعرف به هو " الأسلوب الهندسي " يقول عنه الفنان ماهود احمد : " ظهرت أعمال إسماعيل الشيخلي باتجاه هندسي فيه تبسيط للمساحات ، وبقع لونية شفافة غالبا وقوية أحيانا تتدخل ضمن تلك المساحات الهندسية ، الوجوه ، دوائر العيون نقاط ، والأجساد والملابس مجموعة من المستطيلات والمثلثات والمربعات تتمازج بعلامة تركيبية منتظمة وقد ظهر هذا الاتجاه الفني تحت اسم ( التجريدية الهندسية ) بعد الحرب العالمية الثانية ، لكن المضمون التعبيري في أعماله ، لم يبتعد عن الروحية الشعبية التي كانت متشعبة في نفسية إسماعيل الفنان الممتدة عميقا في حياتنا الاجتماعية في الريف والهور ، والنخيل ، والفضاء الجميل ، والقرية ، والفلاحين والقرويات ، وهي " تميز عراقيته " بوجه خاص ، وكذلك في " أشكال ووضعيات النساء ، وكذلك الاسترخاء ألسكوني المملتىء ببراءة العشق والحياة ولهذا فليس غريبا أن أطلق عليه اسم ( عاشق القرويات ) هكذا كتب عنه زميله ماهود احمد في كتابه الموسوم " إسماعيل الشيخلي " واخيرا لابد أن اذكر ، كان الشيخلي 1924 من أوائل الذين اختارتهم متوسطة الرصافة للدخول إلى معهد الفنون الجميلة بين عام 1939 – 1940 ، وبعد أن تخرج في أول دورة للمعهد فرع الرسم 1945 مارس تدريس لفن في الإعدادية المركزية ، ثم عين مساعدا لأستاذه فائق حسن بمعهد الفنون الجميلة 1947 . بعدها حصل على عضوية البعثة العلمية سافر إلى باريس عام 1948 درس الرسم في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة ( البوزارت 1948 -1952 على يد الفنان " جون دوبا " ودرس بصورة حرة في أكاديمية جوليان مع الفنان " اندريه لوت " بعد تخرجه وعودته إلى العاصمة بغداد عام 1952 واصل تدريسه للرسم في معهد الفنون الجميلة بعدها انتقل إلى أكاديمية الفنون الجميلة ومنح لقب أستاذ فن ، ويذكر إن الشيخلي هو احد مؤسسي جمعية التشكيلين العراقيين عام 1956 والزميل الأول لجماعة الرواد ، ساهم حلال تجربته هذه في جميع المعارض التي أقيمت داخل البلاد وخارجه الجماعية ، ولا يقدم لوحاته بمعارض شخصية " ومع انه ينتج قرابة العشرين لوحة في السنة.












 

Counters