| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كاظم السيد علي

 

 

 

الخميس 17/6/ 2008



عارف محسن كان فنانا من جيل لا يرتضي
أن يكون الغناء سلعة تجارية

كاظم السيد علي

قبل تسعة سنوات رحل عنا الفنان عارف محسن ونظرا لما قدمه هذا المبدع من إسهامات متميزة في الأغنية العراقية أثرنا أن نتوقف لتحيته والتذكير به في هذه المناسبة , على الرغم من الساحة الشبابية الغنائية تكتظ بعشرات الأصوات إلا أن عارف محسن أستطاع أن يبرز موهبته ويتثبت نفسه من خلال برنامج (ركن الهواة )عام 1969 للمخرج كمال عاكف فكانت لديه موهبة الصوت الجميل والحضور الجيد مما جعله متأهل تماما لأداء الأغنية التي أختبر فيها أمام اللجنة والتي وهي (مروا عليه الحلوين ) للمطرب القدير الراحل ناظم الغزالي , حتى حقق مكانة مرموقة فأنظم على أثر ذلك إلى كورس التلفاز آنذاك , إلى جانب زملائه كل من فاضل عواد وسعدون جابر وغيرهم , ومن ثم درس أصول الموسيقى وخاصة فن الموشحات على يد أستاذه الموسيقار روحي الخماش ,, وعند تخرجه قدم أطروحته وهي (دراسة عن الحان الفنان عباس جميل ) , وبعدها حصل على شهادة الماجستير من كلية الفنون الجميلة عن رسالته الموسومة أعمال ملا عثمان الموصلي الموسيقية دراسة تاريخية وتحليلية ,(وعندما بدأ يشعر بنمو وتطور ملكته الغنائية أٍستطاع أن يفرض صوته في الساحة الغنائية وذلك لكونه مثقف أغترف وعيه الفني من فرقة الإنشاد ومن المعهد ومن خبرات معظم الملحنين والمطربين ) هكذا وصفه الناقد يحيى إدريس , فكانت أول أغنية سجلها هي (لا صارت ولا تصير ) من ألحان الفنان فاضل عواد وبعدها أستمر بتقديم أغانيه لجمهوره منها (يانجمه ياسهرانه ) و(هي اللي صادفتها على الجسر ) من ألحان كاظم الساهر و(أكول الله على العايل ) و(الله ، الله يادنيانه ) و(من الله ) وكذلك الأغنية التي ذاعت شهرتها بين الناس وهي (زعلان السمر مايكلي مرحبا ) والكثير من الأغاني الجميلة ,, (وقد كانت لعارف محسن تجربة مهمة في أداء الموشحات والقصائد لكونه درسها وأجادهابصورة صحيحة على يد كبار الفنانين كما ذكرت سلفا , ولان صوته صوت حلقي مشبع بالعاطفة , فيه امتدادت في نبراته لكن هذه النبرات الممتدة فيها الخفوت لا الجهارة , ويستيطع صوته في غناء القوالب التراثية كالموشحات والأدوار والقصائد والموالات والطقاطيق أن يؤدي الغناء الصعب المراس ) هذا ماقال عنه الناقد الموسيقي عادل الهاشمي , وهذا عين الصواب , إضافة لكونه يمتلك مؤهلات صوتية وأدائية وتعبيرية ولذلك أجمل ماغنى القصائد المغناة وكانت أغنية (لو أنباني العراف ) للشاعرة لميعه عباس عمارة , وهي من الأغاني التطريبية الجميلة ,, ونظرا( لما يتمتع به من ثقافة عامة إلى جانب الثقافة الموسيقية فقد كان من الذين أرسى دعائم هذا اللون المهم في الفن العراقي ومن الفنانين الحريصين على الأغنية العراقية وسلامة تطورها في المسار الصحيح فقد ظل محتفظا برزانة شخصيته الفنية والاجتماعية ,, ولم يهرول لأداء الغناء الهابط ), فقد كان له رأي في الموجة التي استمرت في تشويه معالم الأغنية على يد الطارئين والذين امتلأت أشرطتهم بأغاني تافهة وواطئة من الكلمات السوقية وان المطرب عارف محسن يستغرب حالات التردي في الأغنية التي جاءت على كل من هب ودب ليسمى مطربا فيقول في إحدى لقاءاته : (مااسمعه يدفعني إلى هجرة الغناء , فانا من جيل لا يرتضي أن يكون الغناء سلعة تجارية ) هكذا كان مخلصا للفن وللغناء العراقي الأصيل وفعلا فقد ترك الغناء وهجر البلد ليستقر في ليبيا حيث عمل مدرسا للموسيقى وعند عودته عام 2002 إلى ارض الوطن رحل عنا اثر نوبة قلبية مفاجئة فكان رحيله خسارة للغناء العراقي لاتعوض أبدا . الذكر الطيب لعارف ، الانسان ، والفنان الأصيل .
 

Counters