| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كاظم السيد علي

 

 

 

السبت 11/9/ 2010

 

من شواطئ الذكريات

السيد مرزة الحلي
الشاعر الصلب في وطنيته

كاظم السيد علي  *

للشعر الشعبي في مدينة الحلة شأن كبير وأصالة ، حيث كانت نهضة الحالة الأدبية في القرن الثالث عشر الملهم الأول لكثير من الشعراء الشعر العربي والشعبي الذي أمدهم بالعطاء والإبداع حيث وجدنا منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا أثار شعرية خلفها لنا أصحاب المواهب المبدعة حيث كان إنتاجهم الشعري يتردد على السنة كل الطبقات من الناس في الفرات وفي عموم البلد الحبيب ، لانهم تركوا اثارا حميدة لاتزال تذكرها الأجيال كالغزل ووصف الحبيب وجماله والعتا ب والمعاناة ومحاربة المستعمر الغاصب .

وشاعرنا الكبير الراحل السيد مرزة الحلي ، واحد من هؤلاء الذين كتبوا وأجادوا في كتابة الوان الشعر الشعبي ، فكان امير وسيد شعراء عصره .. ولد عام 1845 في قرية الحصين أحدى قرى جنوب الحلة تابعة لناحية المدحتية .. تعلم الشعر والأدب عن طريق والده الذي كان من وجهاء أسرة آل سليمان الكبير الحسيني واعيان ساداتها ، العائلة التي ينتمي إليها الشاعر الكبير السيد حيدر الحلي .

والشاعر الراحل نهج في حياته نهج إبائه وأجداده في الكرم والسخاء ، وكان محبوبا بين كل الطبقات ، مهاب الجانب ، حيث كان صلبا في وطنيته لايهاب طامعا او مستعمرا ، وفي اواخر حياته وقبل اندلاع الثورة العراقية عام 1920 أطلق لسانه فساهم مساهمة فعالة بيده ولسانه في التحريض على المستعمر البريطاني ، بينما كان يحرض الثوار المرابطين في القرى الجنوبية من مدينة الحلة .

كان السيد الحلي يكتب الشعر باللغة الفصحى وبالعامية أيضا وكان للأخيرة النصيب الاكبر في كتاباته ، فهو الذي وضع الأسس لفن ( الشبكها ) احد الفنون التابعة ل(المربع ) وينظم على بحر (مجزوء الرمل ) مع زميله الشاعر الحاج زاير الدويج عندما قال : ( داده خي عون الشبكها ) وهما يسيران في سوق " الجعارة " في منطقة الحيرة حاليا التابعة لقضاء المناذرة ، ولهذه قصة لامجال لذكرهالا .. فأخذ السيد مرزة الحلي مكملا لمستهل زميله الدويج مرتجلا :

من تطب للسوك صبحه
صابت الدلال فرحه
جيت اعاملهه الوكحه
غطت الروبه ابطبكها
* * *
فأجابه الحاج زاير :

لابسه الريزه ابطبكها
اولايك اعليه اشلطفه
يل ردت مني وصفها
وردة ملفوفة بوركها

والى آخر القصيدة ، حتى أصبح ( الشبكها ) فن من فنون أدبنا الشعبي العراقي نسبة الى هذه القصيدة الشهيرة .
هذا ونظم في جميع الأوزان وله باع طويل في الموشح والبحر الطويل والموال والابوذية والركباني والحداء ، حتى شاع ذكره على السنة الناس في نظمه الغزل والمديح والرثاء والشعر السياسي ومختلف الإغراض الاخرى ، وعندما تقرأ في قصائده تجد فيها روعة التعبير عن إحساسه وعاطفته كما في هذه القصيدة العصماء التي يقول فيها:

شنهو البخدك تشعشع ضيه
نيران لوهي !! انجوم الثرية
* * *
نار البخدك دكلي لونجم
عنهن اشدك ؟ آنه ماعندي علم
كال اشمرامك ؟ كتله ارد افتهم
اشئلون صارن فرد جمعية
* * *
وفي شعر الابوذية الذي جاء معبرا فيها عن حبه الصادق للحبيب ومايدور في روحه العاشقة :

هجرك شلع دلالي من اسبح
أي والجابت الوادم من اسبح
انه اوياك يمدلل من اســـبح
بحوض الكوثر يشكون بيه

هذا وقد اختار الشاعر الحلي ابياتا رفيعة من القريض فصاغ ابوذيته من حبه وشوقه للحبيب ولوعته ، فعارض به هذا البيت من الشعر الفصيح التالي  :

فلو بات من اهواه وسط حشاشتي
لقلت ادنو مني ايها المتباعد

فجاء مجاريا بهذه الابوذية :

همت ونسلت عكلي اوزاد مرضاي
على المامر عليه شخص مرضاي
لون تسكن ابلب احشاي مرضاي
اكــــــول اكرب يهـــل مبعد عليه

وأخيرا رحل إلى عالمه الأبدي عام 1919 وقد بلغ من العمر (74) عاما له ديوان شعري محفوظا وبخط يده اصدر جزء منه قدمه له حفيده الأستاذ حازم سليمان الحلي .

 

* رئيس تحرير مجلة الشرارة في النجف .
 

 

Counters