| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

د. قيس مغشغش السعـدي
drabsha@yahoo.com

 

 

 

 

 

السبت 30/1/ 2010



مؤتمر للسلام في أقدم جمهورية في العالم

د. قيس مغشغش السعدي

 

سان مارينو، ثالث أصغر بلد في العالم بعد الفاتيكان وموناكوفيللا، وهي أقدم جمهورية ما تزال قائمة تشكلت في عام 301 م. تقع سان مارينو داخل الأراضي الإيطالية التي تحيطها من جميع الجهات، فهي ليس لها منفذا على البحر، ومع ذلك فهي جمهورية مستقلة بنظامها وسياستها وإدارتها وإقتصادها رغم أن ديانتها ولغتها وثقافتها مثل كل إيطاليا. تسمى الجمهورية الوادعة، ودستورها المكتوب عام 1600 هو أقدم دستور ما زال ساريا العمل به. نظامها الإداري برلماني ينتخب لمدة خمس سنوات، ويتناوب على رئاستها رئيس ينتخب كل ستة أشهر.    

الملفت للإنتباه أن عدد سكان هذه الجمهورية لا يصل الى 30000 ثلاثين ألف نسمة، ومع ذلك فهي جمهورية بست مقاطعات رغم أن مساحتها حواي 61 كيلومترا مربعا فقط ، أي أنها أصغر بحوالي       75 مرة من مساحة محافظة بغداد التي تعد أصغر محافظات العراق! ومع ذلك فاقتصادها مزدهر وهو يقوم أساسا على السياحة وبعض الصناعات. لم تشترك سان مارينو في الحروب وكانت حيادية في الحرب العالمية الثانية. كسبت إحترام الجميع لأنها تحب السلام وتسعى للسلام وليس فيها  غير مظاهر السلام. قادني الفضول أن أسأل رئيس جمعية السلام في المدينة: هل لديكم سجن، قال: نعم، لدينا سجن ولكن ليس فيه سجين!

رشحتها الجمعية العالمية للسلام لإحتضان مؤتمرها الأوربي هذا العام حيث عقد فيها للفترة 21-24 كانون الثاني. وتقاطر عليها رسل وسفراء السلام من أربعين جنسية من بلدان أوربا. أعراق متعددة وأديان متعددة ولغات متعددة وألوان متعددة وثقافات متعددة يوحدها  السلام. بدأت تهاليله في مطار مدينة بولونيا الإيطالية، وهي الأقرب الى سان مارينو، ذلك أن ليس في سان مارينو مطارا خاصا بها. وما أن تجمعت الوفود القادمة لمؤتمر السلام بانتظار الحافلة التي تقلها الى سان مارينو حتى تآزرت وكأن الحاضرين أسرة واحدة. تعارفوا بشكل سريع وتداخلوا بالنقاش والآمال، وتبادلوا التعارف وعلت اصوات المجاملات وتحولت إمارات الفرح الذي ظهرت بشائره على وجوه الجميع إلى إبتسامات ومن ثم الى أغاني للسلام.

على مدى أيام المؤتمر كانت المحاضرات والنقاشات تدور حول السلام أساس الخلق ومنـّة الخالق على خلقه، وحاجة الإنسان. لا نكتفي بالحصول عليه من أجل سعادتنا، بل بالسعي لإشاعته بين الناس كل الناس. وحيث لا تكتمل سعادة الإنسان إلا بالإشتراك مع أخيه الإنسان كان الإقتران الذي أوجبه الخالق بين خلقه ذكورا وأناثا. إقترانا يفوق إرتباطه البدني بإشباع غريزة من أجل إستمرار النوع، بل بسعادة من أجل سلام ووئام دائم لا يبعد النوع عن بعضه. وكأن النوع الإنساني قد زُود إرادة ً بديمومة اللقاء الذي فرض التكوين الأسري بحنان أبوي وحنو أمومي وما بينهما رباطا. وهكذا في الأسر والتجمعات والمجتمعات والروح الإنساني الذي لاتحده حدود ولا تفصله فواصل، يقوم على قيم مطلقة لا تعرف الجنس واللون والدين. فهي محبة وهي سلام وهي سعادة بالسلام. لقد كان الحرص على الأسرة وهي لبنة المجتمع بقيمها المترابطة بين الزوجين وبما يقدمانه للأبناء محبة وتربية للسلام هو التركيز الغالب في نقاش الحاضرين. ومن باب إدامة روح أعمدة الأسرة جرت ممارسات جميلة تمثلت في لقاء كل زوجين حاضرين بعهد محبة وتجديد روح رباط الزواج الذي جمعهما، فشربا نخبه عصيرا وماء إعتبراه مقدسا قدسية الماء الحي الذي كرم به الخالق خلقه هبة للحياة، وثبت الزوجان من جديد خواتم الزواج تبادلا بينهما وسط فرح مهرجاني وعهد لحماية الأسرة والإنطلاق منها للمجتمع.                                                           

وحين سنحت لنا الفرصة بالحديث، أشرت إلى العراق، مهبط شريعة السلام، في حاجته للسلام ولقاء السلام وسعي السلام من قبل الجميع، وأظهرت للحاضرين قيمة ذلك بكل تأريخ وحضارة العراق، ومثاله أني بينهم من العراق ومن الصابئة المندائيين أقل مكونات العراق عددا وأقدم مكوناته كيانا مازالوا حريصين على الوجود والحياة بخصوصية المثال على السلام وعلى الحفاظ على الإرث المتمثل بهم وبوجودهم عمرا  يمتد آلاف السنين. ما يفرح أن الجميع يعرف تفاصيل العراق، وحاجة العراق للسلام مما جعل الجميع يدعو للعراق بالسلام، بل تعالت الأصوات في ضوء ما أطلقناه أملا بأن يشهد العراق في القادم تجمعا وحشدا دوليا للسلام فكان التأييد  وكان الإصرار على زرع النخيل بإسم السلام في كل مدن العراق. 

                                                                                                                      


 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس