| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

د. قيس مغشغش السعـدي
drabsha@yahoo.com

 

 

 

 

 

                                                                                    الأحد 22/5/ 2010

 

عبد الجبار عبد الله : الحدث والمناسبة

أ . د. قيس مغشغش السعدي *

المناسبة حدث غير عادي تملي قيمته الإحتفال أو الإحتفاء به، بعضها يصير عاما على مستوى الإنسانية والآخر يمكن أن يكون خاصا على مستوى الفرد.

وقد وفرت الديانة المندائية للمندائيين من الأحداث ما جعلت لديهم مناسبات عديدة يحتفلون بها. وغير المناسبات الدينية لم يألف المندائيون إحتفالا أو أحتفاء، ربما لأنه لم يتح لهم أن يثبّتوا أحداثا تسمح بأن تكون مناسبات.

وصار عبد الجبار عبد الله حدثا بما صار منه وصار فيه وآل إليه. فهو علم متميز إرتفع عاليا وارتقى برج التخصص والخصائص، واحتل المواقع المرموقة في زمن كانت فيه هذه المواقع بكرا والإنجاز فيها يعد إنجازا تأسيسيا. ولم يكن نتاجه محدودا أو مقتصرا على فئة بعينها، بل خدمة للإنسانية في أرقى ما تسعى وهو العلم، فإن قال العلم كلمته جاءت التكنولوجيا لخدمته ووضعه موضع التطبيق والإفادة، من هنا فالعلم سابق.

ورحل عبد الجبار سريعا، رحل وهو في قمة عطائه وقمة الحاجة إليه، رحل مؤمنا بإرادة الحي الذي عرفه وآمن به منذ أن تفتحت عيناه في بيت دين وعبادة ومعرفة. ولقيمة عبد الجبار في كل ما له فقد صار حدثا، والحدث يملي المناسبة ويفرضها. ومن أبرز الإحتفاءات به ما إعتمده نادي التعارف ببغداد من إقامة جائزة وإحتفالية باسمه يكرم فيها المتفوقون من الطلبة المندائيين في تخرجهم بالدراسة الإعدادية منذ بداية تسعينات القرن الماضي ثم توقفت.

وخير ما تم القيام به اليوم هو إعتماد الذكرى المئوية لولادته مناسبة للإحتفاء. وقد عملت الجمعية الثقافية المندائية في لوند/ السويد على تبني هذه الإحتفالية. وكانت التهيئة منذ وقت مبكر دليلا على الإهتمام، وكانت الشمولية في التبني دليل القيمة الممنوحة. وعلى الرغم من كثرة متطلبات إقامة هذه المناسبة، فقد كان الجهد فيها واضحا وكبيرا يظهر في الحضور من أمريكا وحتى العراق، وفي التمثيل الرسمي والعام، وفي الحضور المندائي وغير المندائي، وفي العرض التأريخي والعلمي، وفي المباحث الأكاديمية والفنية والإجتماعية، وفي الحضور المكثف والمتميز للمندائيين بمكان سعى المنظمون لأن يكون مناسبا تماما ووقفوا فيه على خدمة الحاضرين تنظيما وإستضافة. وكانت الإستعدادات تليق بإحتفالية لعبد الجبار عبد الله قياسا بالإمكانات المتاحة، بل وفي السعي لما هو أكثر من متاح. وكل ذلك كان وراء نجاح الإحتفالية، فاستحقت الجمعية الشكر والثناء.

والتميز الأكبر عندي يكمن في أن المندائيين بحاجة لأن يقدّموا أنفسهم لأنفسهم بإستمرار بنماذج التفوق والتقدم التي لديهم، لأن ذلك يشكل عندهم نماذج إعتزاز وتقدير للنفس ويقود إلى الشعور بتحقيق الذات والإيمان بالقدرات فيسهم بشكل كبير في الحرص على الوجود والبقاء. ونحن اليوم أحوج ما نكون لتقديم النماذج المتقدمة فينا في جميع الميادين لنحفز الشعور المندائي بطاقاته وكفاءاته من أجل أن يعتز الجميع به ويحسبون أن المندائية قيّمة وقادرة وولادة. فالمراحل السابقة من حياتهم لم تسمح بإبراز كامل الطاقات ولا الإحتفاء بها، كما أن عيشهم في العراق كان ساعيا لحفظ البقاء بحاله. أما اليوم وعلى أثر هذا التوزع وحاجتنا للم المندائية والمندائيين، فإن من أبرز ما يجب أن نسعى ونقدم عليه هو تقديم نماذجنا المتميزة وإعتمادها أحداثا تفرض إقامة مناسبات يحضرها المندائيون ويشاهدونها ويقرأون عنها ويروها في عيون الآخرين ويقدموها لغيرهم بإعتماد مختلف الوسائط الميسرة وعلى المستوى المندائي والعراقي والدولي.

ونرى أن من الضروري العمل على متابعة كل التفوق الذي بدأ يظهر في الحياة الجديدة للمندائيين وأن ترصد وتشجع مبادرات الشباب وتفوقاتهم وأن تفتح صفحات إعلامية تعرف بذلك فنعمل على تربيتهم وتقديمهم باسم المندائية وتقديم المندائية بهم، فيكون الإعتزاز متبادلا.

بهذا يفرح عبد الجبار عبد الله أن يكون من نسله من حرص على التفوق، فقد فرحت بالتواصل حين علمت أن شابا مندائيا قد درس وتخرج في نفس المعهد الذي حصل فيه عبد الجبار على درجة الدكتوراة في أمريكا. فلنسعى إذن لكل مصادر الفخر والإفتخار التي نحن بحاجة لها من أجل أن نعزز بها قيمة المندائية في نفوسنا وبذلك لا نتخلى عنها لأنها من ولدتنا ولأنها من علمتنا أن نحب المعرفة وأول المعرفة معرفة الحي الذي وراء الحياة.


* أمين الرابطة المندائية لعموم ألمانيا
عضو مكتب سكرتارية إتحاد الجمعيات المندائية في المهجر
سفير السلام العالمي


 

 

 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس