| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كفاح محمود كريم

kmkinfo@gmail.com

 

 

 

                                                                                   الثلاثاء 24/5/ 2011

 

بين حضارة الشعوب وهمجية الأنظمة؟

كفاح محمود كريم 

كشفت الأحداث الأخيرة البون الشاسع بين حضارة الشعوب وهمجية الأنظمة التي تحكمها، وهي بالذات تلك المسافة التي تقع بينها وبين الأهالي في درجة القرب والبعد من تمثيلهم بشكل حر ومباشر في النظم الديمقراطية، ويبدو ان علاقة عكسية بين الاثنين تتحكم في منح هوية الدولة او النظام الاجتماعي والسياسي على اساس تلك المسافة وبعدها او قربها، فكلما ابتعدت المسافة كان شكل النظام وسلوكه اقرب الى انظمة البعث واللجان الشعبية وأمثالهما، والعكس صحيح.

وربما لعقود طويلة ومؤلمة كانت تلك الأنظمة وما زال الكثير منها حتى يومنا هذا يدعي تمثيله للأهالي من خلال مؤسسات موجهة ومصنوعة بشكل مثير للسخرية والتقزز كما كان هنا في العراق اذبان مجلسهم الذي أسسوه بقوانين مفصلة على قياس الحزب الواحد والقائد الضرورة، مع شلة من أحزاب الزينة التي لا تختلف كثيرا عن أشياء أخرى يستخدمها الإنسان للزينة في حديقة منزله او استقباله، ونتذكر ايضا كيف استحوذ رئيس تونس على السلطة من رئيسها الشرعي بورقيبة وكيف حول مجلسها النيابي الى فرقة للطرب لا شاغل لأعضائها الا مرضاة الرئيس وحاشيته والاستحواذ على المكاسب والامتيازات، ولم تختلف مجالس قبائل رئيس اليمن التي يفترض ان تكون برلمانا عن توائمها السيامية في العراق وتونس ومصر ومهازل اللجان الشعبية في ليبيا ومثيلهم في سوريا الذي ادعى ظلما وبهتانا ان اسمه مجلس الشعب كشقيقه المنحل في مصر وقبله في مهازل المجلس الوطني العراقي؟

وحينما نهضت هذه الشعوب لكي تعبر عن ذاتها قامت تلك الأنظمة جميعا وبدون استثناء بتحريك فرقها السرية للقيام بأعمال قذرة شهدناها هنا في العرق بعد هزيمة النظام في غزوه للكويت وبعد سقوطه في نيسان 2003م حيث قامت بأعمال السلب والنهب والقتل والتدمير وحرق المؤسسات، وفي الوقت الذي كان الأهالي يجمعون موجودات المخازن والدوائر في المساجد والجوامع لتأمينها من السرقة ويقومون بحراسة كثير من المؤسسات، كانت فرق وشعب وفروع حزب السلطة وأجهزته الخاصة تسلب وتنهب وتحرق البلاد، وكذلك فعلوا في ليبيا وما زالوا يدمرونها تدميرا كليا لسبب واحد فقط وهو ان الشعب لا يريد النظام؟

وفي تونس ومصر كادوا أن يفعلوها الا انها وئدت قبل أن تستفحل، ولعل ما حصل في المتحف الوطني المصري اوقف عصابات النظام التي بانت في هجومها على ميدان التحرير فيما اطلق عليه بمعركة الجمل، وبينما كانوا يغتالون الناس او يحرقون الدوائر كانت مجاميع من الشباب تنظف الشوارع وتنظم السير وتحرس البلاد في كل أنحاء مصر، وبينما يهتف المتظاهرون في كل مدن سوريا من اجل الحرية والوطن والحفاظ على المال العام ، تقوم مفارز النظام البعثي واجهزته الخاصة وفرقه القذرة بأعمال همجية بربرية من خلال الاندساس بين المتظاهرين او من اعالي العمارات والبيوت وإطلاق النار على أفراد من الجيش او الشرطة لإيهام الرأي العام بوجود قوى مسلحة ولإيجاد مبررات القيام بعمليات عسكرية واسعة كما حصل في درعا وبلداتها.

حقا لقد أكدت الأحداث الأخيرة في هذه المجموعة من الدول حضارة الشعوب ورقيها أمام همجية وبدائية الأنظمة التي تسلطت عليها في غفلة من الزمن بانقلاباتها وسرقتها لمقاليد السلطة والمال، وقد آن الأوان لتأسيس سلطة هذه الشعوب من خلال التداول السلمي  والديمقراطي للحكم في ظل دولة الدستور والمؤسسات. 

 

free web counter