| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كفاح محمود كريم

kmkinfo@gmail.com

 

 

 

                                                          الثلاثاء 10 / 9 / 2013

 

أزمة الانتماء

كفاح محمود كريم      

لا أعرف إن كانت الأمور في بلادنا فقط بهذه الحيرة والعجقة كما يقولون في تعددية الانتماء، أم أنها صفة ملازمة لسكان هذه البقعة من الأرض، واعني بها منطقة الشرق الأوسط وتحديدا بلادنا وما حولها ومن شابهها في الشكل والمضمون إلى يوم الدين، واقصد بالحيرة والعجقة، ازدواجية الانتماء إلى سلسلة عجيبة غريبة من المفاهيم التي تقزم الوطن إلى قرية والشعب إلى عشيرة، فلقد أثبتت الأحداث والحقب التي عاشتها هذه البلاد أشكالا عديدة من الانتماء لم يكن من بينها الوطن بمفهومه الذي قرأناه منذ السنوات الأولى للتربية والتعليم، ولم يكن تعريف الشعب أو الأمة متطابقا مع ما تعلمناه في مدارسنا وكلياتنا، وكانت المساحة بين ما تعلمناه وبين ما عشناه ميدانيا كسلوك وممارسة بعيدة جدا إلى الدرجة التي يصعب فيها التقريب أو حتى التشبيه، فهناك دوما أحجاما مختلفة بشكل لا يقبل التناسب أو المقارنة مثل الانتماء إلى عشيرة لا يتجاوز عدد أفرادها بالانتماء إلى الحامض النووي إلا بضعة مئات أو آلاف بالكثير، وآلاف أخرى ملحقة بأسلوب ( اللزك ) أو اللصق لأي اعتبار على شاكلة قانون تصحيح القومية المثير للسخرية، أو بالانتماء الجغرافي إلى القرية أو البلدة، أو الانتماء إلى الدين أو المذهب في حالة قيام قيامة الطائفية التي تبيح استبدال كلمة رفيقي بمولانا!؟

وفي خضم هذه العجقة من الانتماءات للعشيرة وشيخها والقرية ومختارها والمدينة وبيوتاتها والدين وملاليه، تضيع المواطنة أو تضمحل تدريجيا حتى تبدو قزما ممسوخا، وهم ينظرون إليه على خلفية أن مجموعة العشائر تكون الشعب ومجموعة القرى تكون الوطن تحت مضلة مرجعية الملالي التي تبيح وتحرم وتحيي وتميت بعنعنات لا أول لها ولا آخر، بعيدا عن أي مفهوم مشترك يجمع كل الانتماءات في مواطنة ترتقي على كل الأجزاء.

أقول قولي هذا وانا أدرك كملايين البشر في بلادي أن لا هم للمواطن العادي والذي يشكل أغلبية السكان المطلقة إلا أسرته ورزقه وليس لديه أي انتماء إلى أي شيء إلا إلى تلك الأسرة والبقعة التي تعيش فيها، وليس في منظوره وتطلعاته أي منصب يتقاتل أو يتاجر به كما يفعل البعض، فأعلى طموح له هو أن يعود آخر النهار إلى بيتٍ تأوي إليه أسرته بسلم وأمان، ورزق تعيش منه بكرامة، ومدرسة يتعلم فيها أبنائه، وعلى من يدعي انه يناضل أو يعمل من اجل الشعب والوطن، أن يُشعر هذا المواطن بحبه وحرصه عليه، وأن ينمي هذا الانتماء الذي بينه وبين اسرته وبيته إلى انتماء اكبر من العشيرة والقرية والدين والمذهب، ذلك هو الانتماء إلى وطن وشعب اكبر من العشيرة والدين والعرق، وأن نجعله يحب الوطن والناس ويحرص عليهما كما يحب بيته وأهله، وحينما نحقق ذلك يحق لنا الافتخار بالانتماء إلى وطن وشعب!؟

 

free web counter