| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

قاسم محمد علي

kasim-delovan@live.dk

 

 

 

الخميس 9/12/ 2010

     

للإقليم وللشعوب الكوردستانية حقوق شرعية أكثر أهميةً تتطلب إبداء التصريحات حولها

قاسم محمد علي  
kasim-delovan@live.dk
 

صرح الأستاذ جلال الطالباني، بُعيد إنتخابه من خلال التوافق السياسي الى رئاسة الجمهورية في العراق لولاية ثانية، بأن'' تركيا لعبت على الحصان الخاسر'' في إشارة الى دعم تركيا لتولي أحد قادة القائمة العراقية منصب رئاسة الجمهورية، حسب مايدعي السيد الرئيس.

الهدف من هذا المقال هو الإشارة الى الدوافع الحقيقية الكامنة وراء هذا التصرح المتعلق بمنصب رئاسة الجمهورية بالذات، في حين لزمت القيادة السياسية الكوردستانية الصمت خلال سنين طويلة حيال المواقف والسياسات المعادية لدول الجوار ضد مصالح الشعوب الكوردستانية الأكثر أهمية من منصب رئاسة الجمهورية، بالإضافة الى التدخلات المباشرة لهذه الدول في الأوضاع والمشاكل الداخلية بين الشعوب العراقية.

تواجه الشعوب الكوردستانية مشاكل وتحديات حقيقية وطنية وقومية أكثر إلحاحاً وأهميةً من المواقع السيادية والرئاسية التي يتوجب أن تضع القيادة السياسية الكوردستانية أمام مسؤولياتها التأريخية والوطنية والقومية وتتطلب منها إبداء تصريحات جريئة حولها وأن تتحول تلك التصريحات الى مواقف والوقوف عليها بثبات وعزيمة وإصرار، بالإضافة الى إستخدام مواقها السيادية والرئاسية في العراق وفي الإقليم للمطالبة باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية تحت أية مسميات وفق أصول العلاقات بين الدول والشعوب والأمم إستناداً الى المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

لم نسمع تصريحات القيادة السياسية الكوردستانية عندما كان يتطلب الوضع السياسي في إتخاذ مواقف ضد سياسة دول الجوار المسيئة لعلاقات حسن الجوار ومن أجل إحترام سيادة العراق وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق وللإقليم، بل على العكس سمعنا من فخامة الرئيس تصريحات الإطمئنان الى دول الجوار''حلم الأكراد القومي بكوردستان الكبرى هو حلم في قصائد الشعر'' خلال زيارته الى تركيا في آذار من العام الماضي، كذلك تصريحه '' زيارة الشيخ هاشمي رفسنجاني الى العراق هي بركة ونعمة من الله'' في آذار عام 2009، وبالمناسبة كتبت مقالاً حول هذه التصريحات في حينها ونشر في صحيفة هاولاتي في 24 نيسان من العام الماضي.

هذا التصريح يثبت وبشكل لا يقبل الشك عندما تتعرض مصالح القيادة الكوردستانية الشخصية والحزبية للخطر السياسي، فإنهم مستعدون لعمل المستحيل من أجل إنقاذ تلك المصالح على حساب المصالح الوطنية والقومية العليا للإقليم وللشعوب الكوردستانية. حيث الإقتتال الداخلي بين الحزبين الكورديين الرئيسيين في زمن النضال الثوري الشاق في ثمانينيات القرن الماضي خير شاهد على ذلك. في الوقت الذي إنشغل هذان الحزبان بالإقتتال الداخلي ووضعوا المصلحة القومية جانباً، كانت الجماهير الكوردستانية وخلايا التنظيمات في داخل المدن، إنطلاقاً من إيمانها العميق بقضية شعبها العادل، تقارع نظام صدام حسين وتواجه أبشع أنواع الظلم والإضطهاد على يد جلاوزة ذلك النظام . كذلك الإقتتال الداخلي بين هذين الحزبين عام 1996 شاهد آخرعلى عدم إلتزامهم بالمسؤولية القومية وعلى ضربهم عرض الحائط المصالح القومية العليا للشعوب الكوردستانية بغية توسيع نفوذ سلطتهم السياسية ومن أجل الحصول على القدر الأكبر من ثروات وأموال الإقليم . حفاظاً على مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة أحدثوا توازن عسكري لدول الجوارعلى أرض كوردستان العراق، بدخول المساعدات العسكرية الإيرانية والقوات العسكرية التركية بالإضافة الى قوات وقطعات جيش صدام حسين آنذاك الى داخل الإقليم. ونتيجةً لتلك الحرب غير المبررة والظالمة قسمت الإقليم الى إمارتين آثارها ومخلفاتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية باقية لحد الآن، ودفعت الجماهير الكوردستانية ثمن ذلك الصراع الدموي، حيث أستشهد المئات من الأخوة الكورد من الطرفين وشردت آلاف العوائل.

مواقف الدول المجاورة ونواياها السياسية ومعاداتها العلنية والمباشرة لحقوق الشعب الكوردي المشروع وتطلع هذا الشعب الى الحرية والديمقراطية والمساواة في الحقوق القومية في العراق الجديد معروفة وليس من جديد ماتضمنه موقف تركيا، حسب مايدعي السيد الرئيس في تصريحه، ولا هو بمفاجئة على الجماهير الكوردستانية ولا هو تغير في مواقف دول الجوار تجاه الكورد في العراق ، لكن الجديد في الأمر هو تصريح الأستاذ جلال طالباني ضد مواقف القيادة السياسية التركية حول شغل هذا المنصب لغير الكورد. تكمن المعضلة في أن السيد الرئيس يطرح الموضوع بالشكل وكأن جميع مصالح الشعوب الكوردستانية وحقوقهم فقط موهونة بمنصب رئاسة الجمهورية. وبالتالي أنها المرة الأولى يدلي بتصريح مباشر ضد مواقف إحدى دول الجوار، ولكن حول أية مسألة؟ تقف دول الجوار بشكل علني ومباشر ضد مصالح الشعوب الكوردستانية الشرعية في العراق. لنرجع قليلاً الى الوراء، بعد تحرير إقليم كوردستان من سلطة النظام العراقي البائد بعد أعقاب حرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت)، ونعيد الى الذاكرة الإجتماعات الثلاثية والدورية لكل من سوريا وإيران وتركيا خلال الأعوام 1992 – 1996 لمتابعة ومراقبة الأوضاع والتطورات السياسية في إقليم كوردستان ومحاولاتهم الدؤوبة لأحتواء الأوضاع السياسية هناك بغية التدخل في شؤونها الداخلية من أجل السيطرة عليها وتحريكها خدمةً لمصالحها القومية. وفعلاً تحقق هدفهم بقيادة الحزبين الكورديين الرئيسيين، مما أدى الى دخول القوات التركية بذريعة حفظ السلام في كوردستان في أعقاب الأحداث المؤسفة التي جرت هناك عام 1996 والاقتتال الداخلي بين الأخوة.

تقصف المدفعية الإيرانية والطائرات الحربية التركية باستمرار القرى والأقضية والمدن الكوردستانية الآمنة والآهلة بالسكان المدنيين والمحاذية للحدود الإيرانية والتركية، والتي تعتبرعدواناً صريحاً وخرقاً للأعراف والمواثيق الدولية ومخالفاً لقوانين حقوق الإنسان، بذريعة ملاحقة واستهداف عناصر «حزب الحياة الحرة» (پزاك) من جانب إيران، وبحجة ملاحقة الحزب العمال الكوردستاني من قبل تركيا، وتسبب في تشريد الآلاف والآلاف من المواطنين الكورد العزل الذين لاحول لهم ولاقوة. وبالتالي تنتهك هذه الدول وباستمرار السيادة العراقية ولم يقدم العراق، وبمبادرة من قبل السيد رئيس الجمهورية وثيقة إحتجاج رسمي الى الأمم المتحدة والى الإتحاد الأورپي، ضد إنتهاك السيادة العراقية لإحراج هذه الدول في المحافل الدولية ، أو كحد أدنى أن يصرح السيد الرئيس ضد هذه التدخلات والإعتداءات الخارجية على أراضي كوردستان العراق.

لم نسمع تصريحات القيادة السياسية الكوردستانية لإدانة مواقف إيران غير الإنسانية لحرمان إقليم كوردستان وشعوبها من الثروة المائية بقطعها لمياه نهري ألون وسيروان، وهما من الأنهار الكوردستانية من المنبع حتى المصب، خلال السنوات الخمس الماضية، ولأغراض عدة، من أجل بناء مشاريع إقتصادية وزراعية وبناء سدود عملاقة وضخمة عليهما من أجل توليد الطاقة الكهربائية، ومن ناحية أخرى من أجل تحقيق أهداف سياسية وإستخدامها ورقة ضغط على العراق والإقليم وأن تخلف عمداً جفاف وكارثة أنسانية داخل أراضي إقليم كوردستان من خانقين وحتى منطقة حمرين.

من ناحية الأوضاع السياسية الداخلية في العراق لم نسمع تصريحات السيد رئيس الجمهورية ومواقفه ضد إقرار قانون الإنتخابات النيابية المعدل في العراق في تشرين الثاني عام 2009 ، وبموجب القانون الجديد تم أزدياد عدد المقاعد لمحافظة نينوى بنسبة 63% وأزدياد عدد مقاعد محافظة ديالى بنسبة 31% مقارنةً مع إنتخابات عام 2005، بينما أزداد عدد المقاعد المخصصة لمحافظات الإقليم الثلاث بنسبة 8.6%، أي بنسبة ربع عدد المقاعد لمحافظة ديالى وحدها. وبدلاً من إتخاذ مواقف من قبل السيد الرئيس والقيادة السياسية الكوردستانية ضد هذا الإجحاف المتعمد بحق الشعوب الكوردستانية، وافقت كتلة التحالف الكوردستاني على القانون المعدل داخل الپرلمان العراقي ومن ثم صادق مجلس الرئاسة وفخامة رئيس الجمهورية عليه دون أعتراض في تشرين الثاني عام 2009.

لم نسمع تصريحات فخامة الرئيس وإعتراضاته وإحتجاجاته ومن خلال مجلس الرئاسة على الوضع السياسي المتأزم ولسنوات طويلة بين الإقليم والمركز وحث الحكومة ومجلس النواب والمسؤولين المعنيين داخل الدولة العراقية للعمل على معالجة المشاكل العالقة بين الطرفين (مشكلة المناطق المستقطعة عن إقليم كوردستان، مشكلة قوات الپيشمركة، مشكلة ميزانية الإقليم ومشكلة الثروات النفطية وقانون النفط والغاز) والمطالبة بتنفيذ جميع مواد الدستور المتعلقة بالحقوق الوطنية والقومية المشروعة للشعوب الكوردستانية في العراق.

على ما يبدو أن منظم ضرورة وتوقيت الإبداء بالتصريحات في الزمان والمكان المناسب حول القضايا الوطنية والقومية تعطل عند فخامة الرئيس الأستاذ جلال الطالباني أو أن هذا المنظم يعمل فقط وفق المصالح الشخصية والحزبية عند القيادة السياسية الكوردستانية!

 

دانيمارك\كوبنهاكن، الأربعاء 08 كانون الأول 2010


 

free web counter