| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

قاسم محمد علي

kasim-delovan@live.dk

 

 

الأربعاء 6/10/ 2010

     

حملة العنف ضد حرية الرأي والمغاير لعقلية السلطة الحاكمة في الإقليم الى أين؟

قاسم محمد علي 
kasim-delovan@live.dk
 

محاولة تحجيم دور الصحافة وأستمرار حملة العنف ضد الصحفيين وأصحاب الرأي الحر والمغاير لعقلية السلطة الحاكمة وملاحقتهم بإسم القانون وتقديمهم الى المحاكم الحزبية من قبل القوى الرئيسية الحاكمة في الإقليم وتغريمهم بمبالغ خيالية هائلة، بالإضافة الى منع الصحافة وبالتحديد الصحافة المرئية من العمل من داخل أروقة الپرلمان ونقل جلسات الپرلمان مباشرةً الى الجماهير من أجل إشراكها في صنع القرار السياسي وإطلاعها على دور ممثليها داخل الپرلمان ومدى انشغال هؤلاء الممثلين في خدمة المواطنين والعمل على معالجة مشاكلهم وتقديم المشاريع الخدمية اليهم، إنما هي في الحقيقة محاولات يائسة من قبل هذه القوى لتقييد حرية الرأي في الإقليم والقضاء عليه بغية الأستمرار في سياسة التضليل والتستر على ظاهرة الفساد المالي والسياسي والإداري الذي رسخته هذه القوى خلال عشرين عاماً في الإقليم، كما تثبت الفشل السياسي لهذه القوى في قيادتها المجتمع الكوردستاني في مرحلة النضال السياسي السلمي وفي مرحلة بناء الإقليم والمجتمع الكوردستاني على أسس ديمقراطية حقيقية وأحترام كرامة الأنسان والتعامل بأسلوب حضاري متمدن وديمقراطي مع القضايا السياسية والمشاكل الأجتماعية، من ضمان حقوق الإنسان وأحترام حرية الرأي وحرية الصحافة وقضايا المرأة ومشكلة البطالة وكيفية توزيع وتحديد صلاحيات السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

هذه الحالة السياسية الشمولية لقيادة الدولة في الإقليم تتضارب مع الممارسة الديمقراطية وتخالف حرية الرأي. الصحافة يجب أن تكون حرة ومن حقها، باعتبارها السلطة الرابعة، أن تعكس للمجتمع الحالة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية كما هي ومن دون الرقابة. الأعلام هو أعين واذان الشعب ومن مهام الأعلام الحر والمستقل مراقبة الأداء السياسي للحكومة ولممثلي الشعب داخل الپرلمان ليكشف للجماهير مصداقية وشفافية ممثليها، ومدى التزامهم بوعودهم وتعهداتهم للجماهير لمعالجة مشاكلهم الإجتماعية والسياسية والإقتصادية وتحسين ضروفهم المعيشية، لكن وللأسف الشديد تحاول القوى الحاكمة في الإقليم وبهذه الأساليب الغير الديمقراطية تحجيم دور الإعلام الحر والقضاء على كل فكر حر يختلف مع سياسية السلطة والقوى الرئيسية الحاكمة، من أجل قطع الصلة بين الحكومة والسلطة التشريعية وبين الجماهير، وبالتالي عزل الجماهير من المشاركة في الحياة السياسية ووضعها في موقع المتفرج على الساحة السياسية.

مشكلة خرق الحريات الديمقراطية وخرق حقوق الإنسان من قبل القوى الرئيسية الحاكمة، صاحبة السلطة في الإقليم، تعود أهم أسبابها الرئيسية الى ما يلي :

1- عدم وجود دستور في الإقليم لحماية القيم والقواعد الديمقراطية
حقوق الفرد الشخصية يجب أن تكون أحد المواد الأساسية في الدستور وأن تعرف بالتفصيل، بالإضافة الى تشريع قوانين ووضع آليات من أجل تنفيذها والعمل بموجبها. حقوق الفرد الشخصية تحدد الى أي مدى يمكن للدولة أن تتدخل في شؤون الحياة الشخصية للمواطنيين. نذكر للمواطن الكريم أدناه بعض الفقرات الأساسية التي تدخل ضمن الحقوق الفرد الشخصية، من أجل إطلاع المواطن على حقوقه ووضع السلطة والقوى الرئيسية الحاكمة في الإقليم التي تدعي بالديمقراطية وتدعي بأنها تراعي حقوق الإنسان، أمام مسؤولياتها الوطنية بأن تحترم هذه الحقوق الشخصية للمواطن وأن تلتزم بها عملاً وفعلاً وبقوانين، من أجل أن لاتقع هذه الحقوق تحت رحمة المسؤولين وأصحاب القرار وأن تطبق على هواهم ومزاجهم وكأنهم يقدمون المنيية والخيرات والصدقات للشعوب الكوردستانية المناضلة التي أوصلت هؤلاء القادة والمسؤولين الى السلطة والى مواقع المسؤولية.

الحرية الشخصية – لايحق للدولة وأجهزتها الأمنية القبض على المواطن على أساس العقيدة أو إتجاه سياسي معين أو مذهب أو عرق. وفي حالة اعتقال أي مواطن يجب أن يقدم الشخص الى القضاء خلال فترة قصيرة جداً. بمعنى آخر لايمكن توقيف شخص لأكثر من تلك الفترة الزمنية القصيرة التي يجب أن تحدد في الدستور.

إحترام حرمة المواطنيين- لايحق للدولة وأجهزتها الأمنية دخول بيوت المواطنيين من دون مذكرة رسمية مصدرة من القضاء أو بترخيص شفهي من صاحب المسكن نفسه.

حرية الرأي- يحق لكل مواطن التعبير عن رأيه وأفكاره شفهياً أو من خلال الطباعة والمقالات والكتابات وبمسؤولية، دون أن يتعرض الشخص للملاحقة من قبل الدولة وأجهزتها الأمنية. لا يحق للدولة فرض الرقابة على المطبوعات والصحف والمجلات، بأستثناء القضاء المستقل الذي يعتبر الجهة الرسمية المخولة بأصدار المنع على أية مجلة أو مطبوعة يقتنع بأنها لاتصلح للنشر، إستناداً الى المعايير الوطنية والقومية أو لربما تتضمن إساءة أو طعن شخصي. الصحافة أيضاً يجب أن تكون حرة ومسؤولة في نفس الوقت، ويجب أن لاتخضع لرقابة السلطة. الصحافة الحرة هي جزء حيوي وأساسي من حرية التعبيرعن الرأي، وبالتالي لايمكن الحديث عن وجود حرية الرأي من دون وجود صحافة حرة. أن حرية الرأي هي في الحقيقة جزء مهم وأساسي من حقوق الفرد الشخصية ومن حقوق الإنسان بشكل عام.

2- فقدان الثقافة الديمقراطية في الإقليم
إن ابسط تعريف للديمقراطية هو الإستماع الى الرأي الأخر واحترام الرأي الأخر والقبول بالرأي الأخر مهما كانت مخالفة لرأيك ولوجهة نظرك ولأفكارك ، لكن ليس بالضرورة الأعتراف به. هذه الثقافة وللأسف الشديد غير موجودة لا في داخل المجتمع ولا عند الأحزاب. لا توجد مساحة للحوار أصلاً. حيث تتعامل السلطة والقوى الرئيسية الحاكمة مع الرأي الأخر والمغاير لعقليتها بإعتبارها جريمة وخروج عن القانون وتهديداً لوجودها. بالتالي يجب القضاء عليه أوعلى أقل تقدير تحجيمه بشتى الوسائل. الرأي الأخر يواجه في الإقليم وللأسف الشديد بلغة التهديد وبثقافة العنف وحمل السلاح والمواجهة العسكرية وبثقافة الأغتيالات والتصفية الجسدية أو الإساءة الى السمعة الشخصية للمقابل والطعن بأخلاقيته .

3- الشفافية والنزاهة في العمل السياسي
بما أن السلطة والقوى الرئيسية الحاكمة تفتقد الى الشفافية والنزاهة في العمل السياسي، بالإضافة الى تفشي ظاهرة الفساد المالي والسياسي والإداري داخل مؤوسسات الدولة والحزب، ومن أجل المصلحة الحزبية الضيقة تتبنى سياسية التوافق الحزبي في طريقة إتخاذ القرارات، لذلك تبتعد هذه القوى عن الممارسة الحقيقية للديمقراطية في إدارة الحكم وتعارضها بل وتقف عائقاً أمامها، وبالتالي ترى من حرية الرأي وحرية الصحافة عدواً لها وتحاول القضاء عليها أو على أقل تقدير تحجيمها.

تتطلع الجماهير الكوردستانية ومن ضمنها الصحافة الكوردستانية الحرة والمستقلة الى ممارسة حقها في التعبير عن رأيها باعتبارها الأسلوب الديمقراطي والحضاري الأمثل لمواجهة سياسة إنعدام العدالة الإجتماعية التي تبنتها القوى الرئيسية الحاكمة، وفضح ظاهرة الفساد المالي والسياسي والإداري داخل مؤوسساتها الحزبية والحكومية.

إنها حقاً سخرية الزمن، حيث تحول ضحايا الأمس، قادة ومناضلي الحركة التحررية الكوردستانية، الى جلادي اليوم على رقاب شعوبهم من أجل التشبث بالسلطة، ويحاولون بأسم الديمقراطية سلب حريات شعوبهم. قد تستطيع السلطة الحاكمة كبت حريات الجماهير وهضم حقوقها لمرحلة معينة، لكن لا تستطيع الإستمرار الى الأبد في حرمان شعبها من حقوقه الشخصية ومن تطلعه الى الحرية والديمقراطية، ولا تستطيع الوقوف أمام بركان الغضب وسخط الجماهير عندما تتفجر.

 

دانيمارك\كوبنهاكن، الأربعاء 06 تشرين الأول 2010


 

free web counter