| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

قاسم محمد علي

kasim-delovan@live.dk

 

 

 

الأربعاء 28/7/ 2010

     

توحيد الأجهزة العسكرية في الإقليم كان يتوجب أن يكون واجباً وطنياً وقومياً ملحاً

قاسم محمد علي 
kasim-delovan@live.dk

عندما يمتلك أي حزب سياسي المؤسسات العسكرية والأمنية والإستخباراتية يمكن تصنيفه ضمن المليشيات العسكرية وبالتالي لا يتمكن هذا الحزب من ممارسة الحياة السياسية المدنية والمبنية على الأسس الديمقراطية.

الهدف من هذا المقال هو توجيه النداء مرةً أخرى الى القيادة السياسية الكوردستانية والقوى الرئيسية الحاكمة (الحزب الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني الكوردستاني)، أصحاب المؤسسات العسكرية والأمنية والإستخباراتية للتوحيد الفعلي والعملي لهذه الأجهزة خدمةً للمصلحة القومية والوطنية، ومنع التحزب داخل هذه الأجهزة وأن تكون بعيدة عن التوجه الحزبي، بأعتبار أن هذه الأجهزة ملك للإقليم وللشعوب الكوردستانية، وولاءها للأرض والشعب فقط وليس للأحزاب والقيادة، ومهماتها وطنية وقومية مقدسة لحماية المواطنين وتوفير الأمن والإستقرار لهم ومن أجل جمع المعلومات الإستخباراتية لصالح الإقليم ولحماية الحدود الخارجية للإقليم. بإصافة الى وضع هذه القوى وقيادتها السياسية أمام مسؤولياتها التأريخية والقومية والوطنية تجاه الشعب الكوردي المضحي الذي ناضل لأكثر من قرن وقدم آلآ ف الضحايا من اجل الحرية والعدالة والمساواة في الحقوق القومية وصيانة كرامة الانسان الكوردي والدفاع عن ارضه.

يعيش إقليم كوردستان بعد سقوط النظام البائد عام 2003، على الصعيد العراقي، مرحلة النضال السياسي السلمي من أجل تثبيت الحقوق القومية المشروعة للكورد في العراق، وعلى الصعيد الداخلي في الإقليم، هناك حالة الإستقرار السياسي رغم جميع النواقص والسلبيات، لذلك كان يتوجب على القوى الرئيسية الحاكمة التخلي عن عقلية الجبل الحزبية ومحاولة توسيع نفوذ أحزابها وتقويتها عن طريق الإستمرار في إمتلاكها للأجهزة العسكرية والأمنية ومحاولتها المكثفة والمستمرة لتقوية وتوسيع هذه الأجهزة، كل حزب في مناطق نفوذه. إن المصلحة الوطنية والقومية العليا كانت تفرض على هذه القوى التكيف مع الحالة السياسية السلمية الجديدة والعمل على نشر الثقافة الديمقراطية والإلتزام بالقيم والمباديْ الديمقراطية في ممارسة الحكم وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية في الإقليم.

إذا كان التحالف الإستراتيجي بين هذه القوى مبني حقاً على النوايا الصادقة لتحقيق الأهداف الوطنية والقومية المشتركة في هذه المرحلة السياسية الحساسة في العراق الجديد وقطع الطريق أمام قوى 22 تموز الشوفينية لضرب المصالح القومية المشروعة للكورد، فما هي إذن العراقيل التي تمنع من التوحيد الفعلي والعملي لتلك الأجهزة العسكرية والأمنية والإستخباراتية في الإقليم. لقد طالبت الجماهير الكوردستانية مراراً ومنذ سنين من قيادة الحزبين الكوردستانيين الرئيسيين، بتوحيد هذه الأجهزة، لكن وللأسف الشديد من دون جدوى. الإسراع في توحيد هذه الأجهزة ومنذ عام 1992 كان يتوجب أن يكون قراراً أستراتيجياً وواجباً وطنياً وقومياً ملحاً، أو على أقل تقدير بعد سقوط النظام البائد عام 2003، من أجل ترتيب البيت الكوردي وتقوية دوره ومواقفه في المعادلة السياسية في العراق الجديد. ما يثير الجدل اليوم هو أن الإدارة الأمريكية بنفسها تطالب وتضعط على هذه القوى الكوردستانية لتوحيد قوات البيشمركة من أجل تدريبها وتسليحها، ولم تستجب هذه القوى حتى للنداءات الأمريكية في هذا المجال. هنا نسأل القيادة الكوردستانية، هل أن المصالح الحزبية في هذه المسألة أقوى من الأعتبارات الوطنية والقومية؟ ومتى نتعلم نحن أيضاً اللعبة السياسية في خدمة مصالحنا الوطنية والقومية، وإعطاء الضمانات الى أصدقائنا بأننا حقاً وفعلاً عامل إستقرار وقوة في المنطقة يمكن الإعتماد عليها، وبمقدورنا إنشاء أرضية حقيقية لبناء المصالح المشتركة بيننا.

يتوجب علينا أن نتذكر دائماً بأن الدول الكبرى تتعامل مع الشعوب على أساس مصالحها التي تحاول تحقيقها بأقل ثمن وبأقل خسارة ممكنة. عندما لانتجاوب نحن مع مصالح أصدقائنا اليوم (أصدقائنا في هذه المرحلة، لأنه لا توجد في السياسية صداقة دائمة، وأنما هناك مصالح دائمة)، والتي تتطابق في هذه المرحلة مع مصالح الشعوب الكوردستانية، ربما قد تحدث وتتطلب المتغيرات السياسية في مرحلة أخرى الى تتقاطع مصالح أصدقائنا مع مصالحنا ، عندها يتم بكل تأكيد التخلي عنا والإستعاضة بنا، من أجل تحقيق مصالحهم، وحينها من غير المنصف والمنطق السياسي إلقاء اللوم على أصدقاء البارحة والقول بأنهم تخلوا عنا ولم يدعموننا في إسترداد حقوقنا الوطنية والقومية المشروعة، بل يجب علينا أن نتذكر آنذاك بأننا هدرنا تلك الفرصة التأريخية بإرادتنا، خدمةً للمصالح الحزبية الضيقة، علينا أن نتذكر بأن الخلل يكمن في قيادتنا السياسية وفي قراءتها الخاطئة للأوضاع السياسية. حينها تكون هذه المقالات والنداءات خير شاهد على التأريخ!

إمتلاك القوى الرئيسية الحاكمة في الإقليم للأجهزة العسكرية والأمنية وعدم إستعدادها لتوحيد هذه الأجهزة، رغم جميع النداءات الداخلية والخارجية وحتى نداءات الولايات المتحدة الأمريكية، تعود أهم أسبابها الرئيسية الى :

- عدم وجود الثقة المتبادلة بين هذه القوى، وبالتالي ترى في أجهزتها العسكرية الضمانة الوحيدة التي تعتمد عليها لحماية مصالحها الحزبية واستخدامها لتسوية الخلافات الحزبية متى ما أقتضت المصلحة الحزبية، بالإضافة الى إستخدام هذه الأجهزة في تخويف وترعيب الجماهير من أجل الإبقاء والأستمرار على الهيمنة الحزبية في مناطق نفوذها.

- إفتقار هذه الأحزاب الى ثقافة الصراع السياسي الفكري والسلمي والشفاف على أساس المعايير الوطنية والقومية، من خلال تقديم أفضل الخدمات للمواطنين وتوفير فرص العمل لهم وإحترام كرامة المواطن وضمان حقوقه الشخصية، بالإضافة الى تثبيت الحقوق القومية المشروعة للكورد في العراق الجديد.

- إفتقار هذه الأحزاب الى ثقافة التداول السلمي للسلطة وفق الإستحقاق الإنتخابي. بالإضافة الى عدم تحررهما، وبعد عشرين سنة، من عقلية الجبل بأنهم أصحاب الثورة واليهم يعود الإستحقاق النضالي التأريخي، ناسين بأن الجماهير الكوردستانية هي الصاحبة الحقيقية للثورة، وهي التي قدمت آلآف الشهداء والضحايا لرفع راية الثورة عالية.

لقد آن الآوان بأن تكون هذه المؤسسات العسكرية تابعة حقاً وفعلاً وعملاً للإقليم وتدار من قبل حكومات الإقليم المتعاقبة لحماية الشعب وتوفير الأمن لهم، بالإضافة الى حماية حدود الإقليم من إحتمال الخطر الخارجي القادم، وأن لاتبقى أداة بيد الأحزاب لقمع الجماهير ولحماية المصالح الحزبية الضيقة.

 

دانيمارك\كوبنهاكن، الأربعاء 28 تموز 2010


 

free web counter