| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

قاسم محمد علي

kasim-delovan@live.dk

 

 

 

الأربعاء 22/9/ 2010

     

الصراع من أجل الظفر بمنصب رئاسة الوزراء في العراق
والحقوق القومية المشروعة للشعوب الكوردستانية

قاسم محمد علي 
kasim-delovan@live.dk
 

لقد مضت أكثر من ستة اشهر على اعلان نتائج انتخابات مجلس النواب العراقي، وتدور منذ تلك اللحظة صراعات سياسية ضارية وساخنة بين الكتل والقوائم السياسية العراقية العربية من اجل الظفر بمنصب رئاسة الوزراء، ضاربين عرض الحائط هموم المواطنين ومعاناة الناس والمصالح الوطنية العليا للبلد. وبالتالي تعطلت العملية السياسية وتوقف عمل مجلس النواب وتمر البلد بأزمة سياسية حقيقية وتعاني الشعوب العراقية من نقص الخدمات وانعدام المقومات الأساسية للحياة وأزدادت وتيرة الأعمال الإرهابية والتفجيرات في وسط وجنوب العراق.

الهدف من هذا المقال هوالأشارة الى ثلاثة محاور أساسية حول انتخابات مجلس النواب العراقي وربطه بقضايا وطنية وحقوق قومية مشروعة للشعوب العراقية الأخرى، منها أحقية الكتلة الپرلمانية الأكبر أو القائمة الفائزة في تشكيل الحكومة وفق الإستحقاق الأنتخابي واستناداً الى الدستور، كذلك خضوع الكتل والقوائم السياسية لقرار وحكم الجماهير في الأنتخابات وبين الحقوق القومية المشروعة للشعوب الكوردستانية في العراق.

كما يعلم الجميع، إن القائمة العراقية هي اكبر قائمة فائزة في الإنتخابات والتحالف الوطني هو اكبر كتلة پرلمانية تشكلت بعد الإنتخابات. الا ان هاتين الكتلتين لم تدخلا في حوارات جادة، حقيقة وبناءة من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية في هذه المرحلة السياسية الحساسة التي يمر بها العراق خدمةً للمصلحة الوطنية العليا.

كذلك القائمة العراقية وأئتلاف دولة القانون لم يدخلا في حوارات جادة وحقيقة وبناءة لحسم مشكلة منصب رئاسة الوزراء، ولم يكونوا مستعدين ولحد الآن القبول بالمقترحات الخارجية في تقاسم السلطة ولا لصرخات الجماهير ولا لقرارات المحكمة الإتحادية حول تفسير بنود الدستور ذات العلاقة بأولوية تشكيل الحكومة من قبل القائمة الفائزة في الإنتخابات أو الكتلة الپرلمانية الأكبر التي تشكلت بعد الإنتخابات. هاتان القائمتان متمسكتان وبعناد شديد بحقهما الدستوري لتشكيل الحكومة، كل قائمة من وجهة نظرها الخاصة، دون أخذ الإعتبار للمصلحة الوطنية العليا ومن دون احترام الدستور والخضوع لقرار الجماهير والقبول بنتائج الإنتخابات. إنها حقاً مهزلة وخزي لتلك القوائم وقيادتها السياسية التي لاتريد للعراق خيراً وتقبل من الدستور فقط ما يتناسب مع مصالحها الحزبية الضيقة.

نحن الشعوب الكوردستانية نؤمن إيماناً مطلقاً بالعملية الديمقراطية وأصول اللعبة الديمقراطية والعمل بمبدأ الأكثرية في إتخاذ القرارات، لكن شرط أن تكون أولاً الحقوق القومية والدينية مضمونة ومدونة في الدستور للشعوب العراقية الأخرى الغير عربية، لأن العراق ليس بلد متجانس لا من الناحية القومية ولا من الناحية الدينية والطائفية. وبالتالي صيانة وضمان حقوق هذه المكونات في الدستور وتنفيذ مواد الدستور المتعلقة بحقوق هذه المكونات على أرض الواقع هي أساس الديمقراطية وتشكل القاعدة الأساسية للممارسة الحقيقية للديمقراطية في العراق الجديد، وتعيد بناء جسور الثقة بين الشعوب العراقية.
لنأخذ على سبيل المثال أن بعض الشخصيات والتيارات داخل القائمة العراقية (مع كل تقديرنا وإحترامنا الى القائمة العراقية بشكل عام) التي تدعي بالديمقراطية وتطلق التصريحات اليومية بعدم قبولها بتهميش دورها وتطالب بحقها الدستوري لتشكيل الحكومة. إنها نفس هذه الشخصيات والتيارات العربية الشوفينية ضمن القائمة العراقية والتي تشكل نواة قائمة الحدباء، التي همشت خلال إنتخابات مجالس المحافظات في كانون الثاني عام 2009، قائمة التحالف الكوردستاني )قائمة نينوى المتأخية( التي حصلت على 12 مقعداً في محافظة نينوى، وشكلت لوحدها إدارة مجلس المحافظة، واحتكرت لنفسها جميع المناصب داخل المحافظة وفي الأقضية والنواحي التابعة للمحافظة، من دون أخذ أي إعتبار الى قائمة نينوى المتأخية بمقاعدها ال 12. هذه الخطوة لقائمة الحدباء تعتبر خرقاً لمبدأ التوافق الوطني الذي بنيت عليه كل مؤسسات الدولة العراقية الجديدة. هناك شخصيات وتيارات أخرى ضمن القائمة العراقية التي تطالب وتطلق التصريحات اليومية بضرورة ترشيح شخصية عربية لرئاسة الجمهورية في العراق من أجل إرجاع هذا البلد الى عمقه العربي، حسب ما تدعي هذه الشخصيات. هذه الإزدواجية في المعايير الديمقراطية تؤدي بالضرورة الى إنعدام المساواة في الحقوق القومية وبالتالي تؤدي الى فقدان ثقة الشعوب الكوردستانية مرةً أخرى بالدولة العراقية.

كذلك كتلة التحالف الوطني غير متفقة فيما بينها أصلاً، ولم تتمكن حتى اللحظة من ترشيح شخصية لشغل منصب رئاسة الوزراء تحظى بتأيد جميع الأطراف داخل التحالف الوطني نفسه. وبالتالي اصبح شغل منصب رئاسة الوزراء العائق الرئيسي الذى حال دون تشكيل الحكومة من قبل هذا التحالف الذي يعتبر اكبر كتلة پرلمانية.

وبالتالي لم تكن هذه القوى والكتل السياسية مستعدة أبداً وحتى هذه اللحظة التخلي عن منصب رئاسة الوزراء وان تبادر في المقابل بتقديم برنامج سياسي وطني لتشكل الأرضية والقاعدة الأساسية من أجل تشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية، خدمةً للمصلحة الوطنية العليا. لكن عندما تطالب الكتل والأحزاب الكوردستانية، في أية محادثات مع الحكومة العراقية أو مع الأحزاب والكتل الپرلمانية الأخرى، عندما تطالب الحكومة العراقية ومجلس النواب العراقي بتنفيذ مواد الدستور المتعلقة بالحقوق القومية المشروعة للشعوب الكوردستانية وفق الدستور، يتهم الكورد تارةً بعرقلة مسار العملية السياسية وتعطيل الحياة السياسية وتارةً أخرى بأن الكورد يستغلون الأوضاع السياسية الحساسة في هذه المرحلة لرفع سقف مطاليبهم.

نسأل ساسة العراق الجدد والكتل السياسية والأحزاب العراقية، بأنكم لم تكونوا مستعدين للتخلي عن منصب رئاسة الوزراء والذي يمكن الحصول عليه مرة كل أربع سنوات، لكن في المقابل تطالبون الشعوب الكوردستانية، وفي كل المباحثات الكوردستانية مع الدولة العراقية، بالتخلي عن حقوقها القومية، والتي لايمكن الحصول عليها مرة كل أربع سنوات. الكورد يدافعون ويطالبون بحقوقهم القومية المشروعة منذ تأسيس الدولة العراقية ولحد الآن، وسطروا أروع الأمثلة في الشهادة والتضحية وقدموا الآلآف والآلآف من الشهداء في سبيل الحرية والعدالة والديمقراطية والمساواة في الحقوق القومية. وأضطرت الشعوب الكوردستانية في مراحل تأريخية مختلفة لحمل السلاح ومقارعة الأنظمة العراقية المتعاقبة دفاعاً عن حقوقها القومية المشروعة في العراق. حيث أستمرت ثورتنا الوطنية والقومية التحررية وواجهنا النظام العراقي البائد مدة ثلاثون عاماً دفاعاً عن حقوق الشعوب الكوردستانية المشروعة وقدمنا التضحيات الغالية في مدينة هه لبجة وعمليات الأنفال السيئة الصيت وحرق وتدمير اكثر من 5000 قرية في كوردستان العراق وسقوط مئات الآلآف من الثوار الكوردستانيين في ساحات المعركة وأستشهاد الآلآف من شباب الكورد في سجون نظام صدام حسين وفي تعريب المدن الكوردستانية في وضوح النهار وأمام أنظار الجميع. في الوقت الذي كانت الشعوب الكوردستانية تقاتل النظام العراقي البائد، كان هؤلاء القادة في قائمة الحدباء اليوم، بالأضافة الى بعض الشخصيات والتيارات ضمن القائمة العراقية، بعيدين عن الحياة السياسية وعن صفوف المعارضة العراقية، إن لم يكونوا جزءاً من النظام العراقي البائد. اليوم أيضاً حيث بدأت المعركة السياسية الكوردستانية السلمية مع الدولة العراقية الجديدة، من أجل تثبيت الحقوق القومية المشروعة للشعوب الكوردستانية ، بعد سقوط النظام العراقي البائد. وبالتالي وقوف الشعوب الكوردستانية على ثوابتها الوطنية والقومية في محادثاتها مع الدولة العراقية لا هي لعرقلة مسار العملية السياسية في العراق ولا لتعطيل الحياة السياسية ولا لأن الكورد يستغلون الأوضاع السياسية في هذه المرحلة لرفع سقف مطاليبهم. هذه المطاليب إنما هي حقوق قومية مشروعة، سلبت من الشعوب الكوردستانية منذ تأسيس الدولة العراقية للمرة الأولى بعد الحرب العالمية الأولى وفي المرة الثانية بعد سقوط النظام العراقي البائد عام 2003.

وفي الختام نذكر الجهات والتيارات والشخصيات السياسية العراقية التي لم تكن مستعدة وحتى هذه اللحظة للإتفاق على برنامج وطني من أجل تشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقة في العراق والقبول بمبدأ المساومة على منصب رئاسة الوزراء بعيداً عن التأثيرات وأجندات الدول الإقليمية، فكيف تسمح لنفسها من الناحية السياسية والأخلاقية بأن تطالب الشعوب الكوردستانية بالتنازل عن بعض حقوقها القومية وعن بعض مواد الدستور المتعلقة بهذه الحقوق، في ظل عدم تنفيذ الدولة العراقية لمواد الدستور المتعلقة بالحقوق القومية للشعوب الكوردستانية وعدم تحديد الحدود الجغرافية لإقليم كوردستان لحد الأن وبعد مرور أكثر من سبع سنوات على سقوط النظام العراقي البائد!

 

دانيمارك\كوبنهاكن، الجمعة 17 تموز 2010


 

free web counter