| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

قاسم محمد علي

kasim-delovan@live.dk

 

 

 

الأحد 21/11/ 2010

     

الحصول على المواقع السيادية والرئاسية ليست الغاية

قاسم محمد علي  
kasim-delovan@live.dk
 

لقد حصل الكورد على موقع رئاسة الجمهورية في العراق وأختير الأستاذ جلال الطالباني لولاية ثانية. حصول الكورد على هذا المنصب هل حقاً يعتبر إنتصاراً كما روجت له القنوات الحزبية والإعلامية في الإقليم وحشدت جماهيرها في الشارع إبتهاجاً وإحتفالاً بهذه المناسبة؟

الحصول على المواقع السيادية والرئاسية ليس إنتصاراً بحد ذاته، إنما الإنتصار السياسي الحقيقي يكمن في كيفية إستثمار تلك المواقع في خدمة القضايا الوطنية والعمل على بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية وترسيخ أسس المساواة في الحقوق القومية بين جميع المكونات العراقية. يكمن الإنتصار في كيفية إستثمار تلك المواقع في التاثير، بشكل إيجابي ووفق الصلاحيات الدستورية والقانونية، على مراكز القرار وفي صنع القرار. الحصول على المواقع السيادية والرئاسية ليست الغاية من أجل الوصول الى السلطة لممارسة السلطة حباً في السلطة، وإنما هي وسيلة أو يجب أن تكون الوسيلة من أجل تحقيق أهداف وطنية وقومية ومن أجل خدمة الجماهير وتحقيق الحياة السعيدة لهم. لقد نجح السيد رئيس الجمهورية في فترة الخمس سنوات الماضية الى حد ما في تحقيق الأهداف الوطنية، وبالتأكيد هذا العمل الوطني فيه مصلحة العراق وهذا ما يحتاجه العراق في هذه المرحلة السياسية الصعبة، حيث كان للأستاذ جلال الطالباني دور مشرف ووطني في تقارب وجهات النظر بين القوى السياسية العراقية واحتواء الأزمات السياسية بينهم، كذلك كان له الدور الكبير في تطبيع العلاقات بين العراق والعالم العربي. لكن من ناحية أخرى كان يتوجب عليه أن يعترض على حالة إنعدام الأوضاع الخدمية في عموم العراق وتفشي ظاهرة الفساد المالي والسياسي والإداري داخل مؤوسسات الدولة، ومطالبة الحكومة بتقديم الخدمات الأساسية للمواطنيين وتوفير فرص العمل لهم وتحسين أوضاعهم المعيشية. أما من ناحية القضايا القومية من حقنا نحن الكورد أن نسأل ماهي المكتسبات التي تحققت في عهد سيادته ووفق الدستور، أكرر ولعدة مرات في هذا المقال عبارة ووفق الدستور، لأن للشعوب الكوردستانية حقوق شرعية دستورية لم تنفذ على أرض الواقع وبقيت لأكثر من خمس سنوات كما هي مجرد مواد دستورية وحبر على الورق. تجربة الخمس سنوات الماضية بينت وللأسف الشديد بأن المطاليب والحقوق الوطنية والقومية المشروعة للشعوب الكوردستانية وفق الدستور لم تتحقق، حين كانت القيادات الكوردية تحتل المواقع السيادية والمسؤولية داخل الحكومة والپرلمان العراقي، حين كان رئيس جمهورية كوردياً، عندما كان نائب رئيس مجلس النواب كوردياً، حين كان نائب رئيس الوزراء كوردياً وعندما كان للكورد سبع وزراء داخل الحكومة العراقية السابقة. من جانب آخر لقد مرت سنين على تأزم العلاقة السياسية بين الحكومة المركزية وإقليم كوردستان على خلفية المشاكل العالقة بين الطرفين. من ضمن تلك المشاكل أكرر مرةً أخرى
- مشاكل قومية حقيقية في مناطق كثيرة ضمن محافظة ديالى وفي محافظة نينوى وكركوك.
- مشكلة المناطق المستقطعة عن إقليم كوردستان، وبالتالي رسم الحدود الجغرافية للإقليم.
- مشكلة الثروات النفطية وقانون النفط والغاز بين الإقليم والمركز
- مشكلة قوات الپيشمركة
- مشكلة ميزانية الإقليم مع المركز
ماذا كان دور ومواقف رئيس الجمهورية تجاه تلك المشاكل والتحديات الحقيقة؟

هل كان له تأثير إيجابي على مركز القرار وعلى صنع القرار، ضمن صلاحياته الدستورية والقانونية وخبرته السياسية، بوضع السلطة التشريعية والتنفيذية أمام مسؤولياتها الوطنية لحسم تلك المشاكل العالقة بين الإقليم والمركز؟

مقدماً أود أن أوضح للقاريْ الكريم بأننا لسنا مع إنحياز رئيس الجمهورية الى جانب الكورد على حساب المكونات العراقية الأخرى، وإنما يتوجب عليه، وهو كذلك، أن يقف على مسافة واحدة من جميع المكونات العراقية وأن يعمل وفق صلاحياته الدستورية والقانونية على ضمان الحقوق ومصالح جميع المكونات العراقية. وانطلاقاً من هذا المبدأ بالذات كان يتوجب عليه، خلال الخمس سنوات الماضية أن يعترض ويحتج ولو مرة واحدة علناً أو من خلال مجلس الرئاسة على الوضع السياسي المتفاقم بين الإقليم والمركز وحث الجهات المعنية القيام بخطوات عملية من أجل معالجة المشاكل العالقة بين الطرفين والمطالبة بتنفيذ مواد الدستور المتعلقة بالحقوق الوطنية والقومية للشعوب الكوردستانية في العراق. كان يتوجب عليه أن يكون المحور الرئيسي في تفعيل الدور السياسي لمجلس الرئاسة للمطالبة بالشراكة الحقيقة للحكم في العراق وعدم القبول بتفرد رئيس الوزراء بالسلطة وفي إتخاذ القرارات من دون الرجوع الى مجلس النواب أو حتى الى مجلس الوزراء، بالإضافة الى المطالبة بتفعيل الدور الرقابي الحازم لمجلس النواب على السلطة التنفيذية، وبالتالي ترسيخ أسس الديمقراطية الحقيقة في العراق.

ما هو أذن سر هذا الإنتصار القومي في الحصول على منصب رئيس الجمهورية في العراق لولاية ثانية، الذي يدعي المسؤولون وأعضاء الحكومة والقوى الرئيسية الحاكمة في الإقليم، وحولوها من خلال إعلامهم الى شعار يتردد على السنة جماهيرها . إذا كان الحصول هذا الموقع يعتبر إنتصار شخصي الى السيد رئيس الجمهورية فهنيئا له، لكن الإنتصار السياسي الحقيقي للإقليم هو ذلك اليوم الذي تثبت فيه الحقوق الوطنية والقومية الشرعية للشعوب الكوردستانية في العراق الجديد ويتم تنفيذ جميع مواد الدستور المتعلقة بتلك الحقوق على أرض الواقع. هو ذلك اليوم الذي يتم فيه معالجة آخر المشاكل العالقة بين الإقليم والمركز. هو ذلك اليوم الذي يتم فيه إسترجاع جميع المناطق المستقطعة عن الإقليم الى إدارة الإقليم ويرسم حدوده الجغرافية. الإنتصار الحقيقي هو ذلك اليوم الذي يتم فيه بناء نظام العدالة الأجتماعية في الإقليم ويوزع ثرواته بالتساوي بين أبنائه، هو ذلك اليوم الذي يتمكن المواطن الكوردستاني من ممارسة حقه في التعبير عن رأيه دون ملاحقته بإسم القانون وتقديمه الى المحاكم الحزبية من قبل القوى الرئيسية الحاكمة، هو ذلك اليوم الذي تعلو سلطة القانون فوق الجميع وتنتهي زمن الإمتيازات الحزبية والحكومية الهائلة والمفرطة على حساب حقوق المواطنيين الفقراء المسحوقين والمظلومين.

ترى ماهو ثمن فاتورة التنازلات التي يترتب على الكورد دفعها في المرحلة القادمة مقابل حصوله على موقع رئاسة الجمهورية؟

هل حقاً إصرار القيادة السياسية الكوردستانية للحصول على موقع رئاسة الجمهورية في العراق كان من منطلق المطالبة بالإستحقاق القومي أم هناك إتفاق أو مساومة سياسية، لتوزيع المناصب الرئاسية في الاقليم والعراق بين قادة الحزبين الكورديين الرئيسيين، بغية تجاوز الصراعات الشخصية والحزبية وتدهور الاوضاع السياسية مرةً اخرى في الاقليم بين هذين الحزبين؟

 

دانيمارك\كوبنهاكن، الأحد 21 تشرين الثاني 2010


 

free web counter