| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

قيس قره داغي

 

 

 

 

الجمعة 21/7/ 2006

 

 

هل تركيا جادة في أجتياح كوردستان العراق ؟

 

قيس قره داغي

منذ أيام ونحن نسمع من هذا المسؤول التركي وذاك الجنرال العسكري تصعيد من لهجة تهديداتهم بصدد أجتياح كوردستان مبررين وجود مقاتلي حزب العمال الكوردستاني ومدعين أن الهجمات تشن على جنودهم منطلقة من كوردستان العراق ، تلك الحجج القديمة الحديثة التي باتت كاسطوانة مشروخة لا يصدقها أحد ، حيث أن باهوز أردال القائد العام لقوات الدفاع الشعبي ( الجناح العسكري لحزب العمال الكوردستاني ) قد صرح في بيان خاص أصدرتها القيادة المذكورة مؤخرا بانهم لا ولم يشنوا أي هجوم  على القوات التركية في الحدود الدولية بين كوردستان وتركيا ونحن نعلم أيضا يان  مقاتلي العمال الكوردستاني لا يرتكبون مثل هذا الخطأ ، فأن فعلوها فسيقدمون  هدية للدولة التركية الاستبدادية على طبق من ذهب ، ولا هم بحاجة الى فتح مثل  هذه الثغرة ، فمن السهل عليهم مزاولة النشاط القتالي في أي جزء في تركيا سواء  في كوردستان تركيا أو أية مدينة تركية في أقصى الشمال ، فلهذا الحزب قاعدة  جماهيرية واسعة لا نجد مثيلا لها لا في تركيا فحسب بل في عموم منطقة الشرق الاوسط ولتلك الجماهير اقدام دائم على الاستشهاد في طريق مبادئهم التي يؤمنون بها ، فقد شهدنا نشاطات هذه الجماهير في الداخل التركي ودول أوروبا أثناء عملية القرصنة الرسمية والارهابية للدولة التركية بإلقاء القبض على السيد عبدالله أوجلان ، وكما شاهدنا عدد غير قليل من مؤيدي هذا الحزب أقدموا على حرق أجسادهم في الساحات العامة حتى الموت وهو دليل لا يقبل الشك على أن تلك القاعدة الجماهيرية على أهبة الأستعداد لتنفيذ كل ما يصدر من قيادتها ، لكن الحقيقة التي لا ينكرها كل من له أدنى أطلاع على نشاط هذا الحزب هي أن قيادة الحزب وعلى رأسها عبدالله أوجلان نفسه ( قبل سجنه وبعده ) هم الذين يحاولون بشتى الطرق والوسائل إخماد البركان المتأهب للأنفجار دوما على أمل إيجاد خيط للحوار الرسمي بينها وبين الدولة التركية وهي غاية لا تدرك ما دامت تلك الدولة تأسست أصلا على قاعدة تركيا للاتراك وسواهم ليسوا إلا خدم وهوامش للقومية الرئيسية وجل قادتهم من العسكر والسياسيين قد تشرئبوا بالافكار الاستعلائية والشوفينية العنصرية التي بثها مصطفى كمال أتاتورك وسار عليها كل من خلفه في قيادة تركيا الى درجة يلاحظ المرء وبكل وضوح أنه لا وجود لوجه من وجوه المقارنة بين الكورد في شمال كوردستان ( كوردستان تركيا ) وأقرانهم في الاجزاء الاخرى ( إيران والعراق وسوريا ) فهناك ولولا الثورة التي فجرها حزب العمال لكانت اللغة الكوردية في عداد النسيان التام ، فحينما يقرأ المرأ خبر أفتتاح راديو إف إم تنطق باللغة الكوردية في مدينة كوردية سيولى الخبر بإهتمام وتلك إشارة للكبت المستديم الذي عاناه الكورد في ظل تلك الدولة الشوفينة .
الدولة التركية أجتاحت كوردستان العراق لمرات عديدة في مرحلة ما قبل أنهيار نظام صدام حسين الذي حاولت تركيا عبثا الوقوف في طريق عدم أنهياره وقد عملت ما يشبه المستحيل ،والمستحيل يكمن في خروج تركيا عن طاعة أقدم وأقرب حليفة لها وهي الولايات المتحدة الامركية ، غير أن كل تلك المحاولات كانت يائسة الى درجة تشبيهها ب ( ضرطة عابر سبيل في سوق الصفافير ) ببغداد ، ما طرأت تغيرات كثيرة على خارطة التحالفات في المنطقة ، حيث وضعت الولايات المتحدة علامات أستفهام  أزاء علاقاتها مع تركيا ، وثقتها بها كحليفة قد تزعزعت مقابل ولادة علاقات  وثيقة بينها وبين القيادة الكوردية في كوردستان العراق في طريقا الى النمو والارتقاء الى مستوى علاقات تحالف جديدة لها ربما في المستقبل غير المنظور ، والكثير من المراقبين والمحللين السياسيين يعدون ( دولة كوردستان ) المستقبلية ساق أمريكا الثانية في المنطقة بعد دولة إسرائيل ، والامور سائرة فعلا في هذا الاتجاه لكن بخطى ثقيلة وهو السير الطبيعي لتطورات الأحداث على الارض في منطقة مرشحة لتفكيك خارطة ( سايكس _ بيكو ) التي لم تعد تفيد المصالح الغربية التي رسمتها أثناء الحرب العالمية الأولى وتركيب خارطة جديدة أو بالاحرى العودة الى الخارطة الطبيعية للتوزيع الاثني الطبيعي في المنطقة ، وإن كان هناك ثم صراع بين دعاة الخارطة القديمة ودعاة تفكيكها فالرجحان يشير الى ثقل كفة الداعين الى تفكيك تلك الخارطة ، حيث أن الفريق الاول ( دعاة إبقاء الخارطة القديمة )والمتمثلين بدول تركيا وأيران وسوريا والعراق ( سابقا ) لهم أجندة كثيرة ومشاكل متعددة ستشغلهم عن وضع العصي في عجلة هذا التطور الكبير ، ومحاولة تركيا لأجتياح كوردستان أو التصريح به على الأقل هو بالون أختبار للدخول في عملية وضع العصي في عجلة الحافلة الكورية السائرة نحو تشيد الكيان الذي طالما قدموا التضحيات النفيسة من أجل الاقتراب منه ، فالأتراك إن دخلوا كوردستان العراق فلا يتابعون الاعداد القليلة جدا من منتسبي الحزب العمالي الكوردستاني مثلما يصرحون علنا ، بل هدفهم هو عسكرة تشكيلات من قواتها المسلحة في العمق الكوردستاني على شكل قوة ضاربة مستعدة لزعزعة الاستقرار الموجود في كوردستان بفضل الترجمة الجيدة نوعا ما لفرصة أنهاء النظام الدكتاتوري في العراق من قبل قيادات الكورد السياسية ، ولكن السؤال المطروح هو : هل تتمكن تركيا بالوصول الى هذا الهدف بتلك السهولة التي تبدوا في تصريحات مسؤوليها ؟
فالجواب ، لا يمكن لتركيا القيام ما يحلوا لهم تسميتها بنزهة عسكر ، فالمسألة أكبر واعمق من أن يقرأ المرأ رسالة تركيا من عنوان المظروف فقط ، بل عليه سبر أغوار المسألة جيدا ليتوصل الى تحصيل مقنع ، فيخط كل من يحاول الوصول الى الأجابة على السؤال المطروح بأن يقوم بمقارنة حجم الجيش التركي كما ونوعا وتسليحا بمن تقابله من المقاتلين ، فربما يغوص هذا الجيش الجرار وحل كوردستان دون أن يجد مقاتلا واحدا من العمال الكوردستان لينازله ، فمقاتلي الكوردستاني مقاتلون من نوع الكريلا ، فإنهم ككثبان الرمل في الصحارى ، تجدهم اليوم هنا وغدا تجدهم في مكان آخر ، فلو كان الأجتياح يفيد لفادهم في المرات السابقة حينما كان هذا الجيش يصول ويجول في العمق الكوردستاني في ظروف لا تشبه ظروف اليوم من أية ناحية وأي جانب ، ففي السابق كانت تركيا تستمد شئ من شرعية أجتياحها للاراضي العراقية من المعاهدات المبرمة بينها وبين النظام العراقي التي تنص بعض بنودها على حق الدولتين بأجتياز الحدود الدولية لمسافة خمسة عشر كيلومترا لملاحقة الثوار الكورد في الدولتين ، هذا الحق الباطل الذي أنفردت تركيا باستخدامه طوال السنوات الماضية وتجاوزت المسافة أضعاف مضاعفة ، ولكن العراق الجديد قد ألغت كل تلك المعاهدات المبرمة بين نظام صدام وتركيا كما جاء على لسان رئيس جمهورية العراق جلال طالباني ووزير خارجيته هوشيار زيباري ، أي ان تلك الورقة قد سقطت من يد تركيا ، وأهم من تلك الورقة دخلت الولايات المتحدة الامريكية المعادلة من أوسع الابواب ، وأمريكا كما نعرف ينظر الى مسألة الاستقرار الامني الموجود في كوردستان نظرتها الى نجاحها من فشلها في حملة مكافحة الارهاب كما تسميها ، ولا يمكن أن تفسح المجال لكائن من تكون من الدول أن تحاول زعزعة ذلك الاستقرار في كوردستان والاجتياح المنتظر لتركيا سيكون سببا لزعزعة ذلك الاستقرار الذي تهمه أمريكا أن يزحف رويدا رويدا الى باقي مناطق العراق ، فبمجرد وضع مفرزة رمزية من الجيش الامريكي في معبر خابور الدولي الذي أعتادت تركيا أستخدامها للعبور في سابقاتها الجرمية يكفي لكبح جماح العسكر والساسة في النظام التركي أن يتراجعوا بزاوية منفرجة عن كل التصريحات الجوفاء التي لا تخيف كل من في رأسه مخ .أما عن ألاتحاد الاوروبي فرد فعله سيكون عسيرا لتركيا فيما لو ارادت ترجمة تلك التصريحات الى فعل جرمي ، وقد قالت المستشارة الالمانية ميركل بصريح العبارة عند لقاءها مع عبدالله كول وزير الخارجية التركي حينما قالت مفاوضات دخول تركيا الى الاسرة الاوروبية ستكون عسيرة جدا وتستغرق فترة طويلة وجائت تلك التصريحات متزامنة مع إشاعة أخبار التصريحات التركية بأجتياح كوردستان العراق ولا حاجة بنا الى تذكير أحد بأهمية هذا الهدف بالنسبة لتركيا ، فهو يتقدم كافة الغايات والاهداف لانه كان حلم آتاتورك القديم حينما أسس تركيا العلمانية الحديثة على أنقاض الامبراطورية العثمانية التي كانت تحكم نصف العالم باسم الخلافة الاسلامية ، فتركيا وكما يبدوا للمراقب لايتخلى عن شيئين أثنين وأولهما الدخول الى النادي الاوروبي والثاني السير في عملية تهميش أكثر من عشرين مليون كوردي في كوردستان تركيا الى النهاية ، وكلا العمليتين ذات علاقة طردية وعكسية أحدهما بالآخر في آن واحد ، ولابد لها التخلي بعنادها أزاء الاعتراف بكوردها كي تفوز بالعضوية الاوروبية ولولاه ستزرع أمنياتها في حقل من الريح . أما ما تخسره تركيا أقتصاديا هي خسارتها لمحصول مئات المشاريع الكبيرة والصغيرة التي تنفذها الشركات التركية في كوردستان بمطلق الحرية والامان ، آنئذ
لا يدع الشاب الكوردي أن تعمل تلك الشركات مستفيدة من الاستقرار المهدد من قبل جيش الدولة التي تنتسب اليها تلك الشركات ومن الطبيعي أن تحل شركات دول أخرى محل الشركات التركية وأقرب الشركات هي شركات الجمهورية الاسلامية التي لا تلتق مع تركيا الا في التآمر على تجربة كوردستان ، أما حزب العمال فمن المرجح أن يكف عن سد بركان الغضب الجماهيري من الانفجار وللتذكير نقول أن نسبة %45 من سكان أستانبول أكراد وعدد كبير منهم رهن للاشارة بتحويل استقرار العاصمة الثقافية والصناعية لتركيا لمثل ما يخلفه جيشها في جنوب كوردستان . فتصريحات الاتراك فقاعات قابلة للانفلاق سريعا جدا ، ترقبوا .