| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

خالد صبر سالم

 

 

 

 

الأثنين 5/11/ 2007



موجز لســيرة ذاتيـــة لمواطن يدعى (س)

خالد صبر سالم

أذكرُ مُنذ ُعقودٍ كنتُ وفي كلِّ صباح ٍ ومساءْ
أقعدُ في أسواق (اﻠﻠﻧﮔﺍﺖِ) ببغدادْ
أفرشُ ما أملكُ منْ كتب الجنس ِ وأشرطة ًلأغاني العشق ِالشرقيّ
أعرضُها فوقَ رصيفِ مَزادْ
وأقصُّ مِنَ الشـَعر الأجعدِ ما يتيسَّرُ في راسي لأبيع
فلقد كثرتْ في ذاكَ الحينْ
فـُرَقٌ لسياساتِ السيركِ الرسميّهْ
كانتْ تحتاجُ لِحىً تـُلبـِسُها القفـّازينَ المخصيّينَ أو القوّّّادينْ
كنتُ أرى بيعَ الشـَعر الأجعدِ أنفعَ مِنْ بيع دمي الناقص هيموغلوبينْ
ولأنَّ النشراتِ الإخبارية َ تطرقُ رأسي يوميّا ًبمطارق كذب ٍ مَطليّهْ
اعتدْتُ على أنْ أتعاطى أقراصا ًلصداع ٍ يستوطنُ رأسي
وظللـْتُ أغيبُ عن ِالوعي معَ الآمال ِالورديّه ْ
واُمنـِّي نفسي مُنتظِرا مَهديّا ًيخرجُ يوما ًيملأ ُبالعدل الأرضَ
ويُنقذ ُني مِنْ أسواق (ﺍﻠﻠﻧﮔﺍﺖْ)
ولقوّةِ إيماني بالفرج الموشِكِ أنْ يأتيَ حلا ًّ لجميع الأزماتْ
أعددْتُ لهُ قائمة ًتتضمنُ ما يطلبُهُ الفقراءُ وفي آخرها توفيرُ الحمضيّاتْ

حتى تـُنقذ َهمْ مِنْ نقص الفيتامين C
ولأنـّي اُغرمْتُ بأشعار الصعلوكِ ابن ِالورد ِ حلمْتُ بأنـّي سأقودُعصاباتِ صعاليكَ
لكي اُعطيَ كلَّ الفقراءْ
ما أسلبُهُ مِنْ أموال التجّارْ
لكنـّي أجبنُ منْ أنْ أحملَ سيفا ً أو أنْ اُطلِق َ نارْ
حتى لو كانَ الهدفْ المرميُّ ـــ كما يفعلُ دونْ كيشوتَ ـــ دواليبَ هواءْ
كنتُ إذا شاهدْتُ دما ًمسفوحا ً يأخذ ُني قيءٌ ودُوارْ
فحقدْتُ على حظـّي العاثر والأقدارْ
ولذلكَ كنتُ حريصا ًكلَّ الحرص على أنْ أبتاعَ الأعدادَ الاسبوعيّهْ
مِنْ مطبوع مجلـّةِ( ألف باءْ )
كي أعرفَ منها حظـّي في الأبراج الفلكيّهْ
ولقد كانتْ آمالي زاهرة ً لمّا أخبرَني برجُ ُ السرطانْ
انـّي سأقابلُ مَنْ يهواها القلبُ هوىً افلاطونيّا ً بعدَ معاناةٍ وهَوانْ
لكنـّي فوجئـْتُ وفي اليوم التالي انَّ عجوزا ًمنفوطا ً مِن دول النفطِ المحظيّهْ
قدْ حَملوا مَنْ أحببْتُ إليهِ كي يتزوَّجَ منها بمقابل مَهر ٍبالدولارْ
ولذلكَ كنتُ كريما ًجدّا إذ ْأشبعْتُ قـُمامة َحارتِنا تلكَ المنسيّة مِنْ سلطاتِ البلديّةِ
ليلَ نهارْ
بمئاتٍ منْ أعداد (ألف باءْ)
لكنَّ شريفا ًجدّا ًيُحسِن ُتحريرَ تقارير ٍسريّهْ
أخبرَ سلطاتِ الأمن ِ بأنـّي أقممْتُ الأعدادَ الغرّاءْ
كرْها ًمِنـّي للصور الرسميّةِ واللآرسميّهْ
لسيادةِ مَن يحفظـُهُ اللهُ ويرعاهُ
فقضيتُ سنينا ًفي غـُرَفِ التعذيب ِاليوميّهْ

وهنا لا أنسى انـّي اُقعدْتُ على قنـّينـة كولا
حَمْدا ًلله ِما كانـَتْ تلكَ القنـّينة ُعضْوا ً مِنْ فـَحْل ٍ بشَريٍّ عذريّة ُ اُسْتي تأباهُ
اُقسمُ لستُ اُكذ ِّبُ إنـّهمُ كانوا أشرافا ً ليسوا لوطيّينْ
لكن َّ الأصعبَ ما في الأمر لقد كنتُ اُساءَلُ
عن تنظيم ٍسريٍّ أعملُ فيه للإسلاميّينْ
أو لشيوعيـّينْ
وأنا لا أعرفْ شيئا ًغيرَالحزبِ القائدِ وبطاقاتِ(اللـّوتو) وأغاني(مَيٍّّ ووحيدْ)
لكنـّي أشكرُ مَلِكَ الأمريكان(بليرَ)الصنديدْ
ورئيسَ الجزر البريطانيةِ (مِسترْ بوشْ)
إذ ْ لولا حربُهما لقضيتُ سنينا اُخرى في سجن ٍ وقيودٍ مِنْ ذل ٍوصديدْ
ولكنـْتُ الآنَ بقايا مِنْ بعض عظام ٍفي مقبرةٍ يصطلحونَ عليها الآنَ جماعيّهْ
وبإحساسي الدونـْكيشوتيّ بأنـّي المطلوبُ الأولُ مِنْ ذاكَ الزرقاويِّ المُعجـِز ِفي القدْرهْ
لطـْفا ً
كانتْ اُمّي قدْ نـَذرَتْ ــ إنْ تمَّ القبضُ عليهِ ــ غداءَ الزهرهْ
وهيَ وفي كلِّ صباح ٍومساءْ
تدعو اللهَ وكلَّ أئمتِنا المعصومينَ وكلَّ السادةِ والشرفاءْ
أنْ يُلقى القبضُ على هذا القادم مِنْ بلدٍ كانَ نبيُّ اللهِ المعروفُ بلوطٍ يسكنُ فيهِ
ما أغربَ ما تنذرُ اُمّي ! كي تـُبعِدَ عنـّي الأزماتْ
أمريكا تـَمنحُ مَنْ يُلقي القبضَ على الزرقاويِّ ملايينَ الدولاراتْ
أمّا اُمّي فتساوي الزرقاويَّ بنـَذر ِغداءِ الزَهرهْ
وهوَ حُبَيْباتُ الماش ِالمطبوخ ِمعَ الرُزِّ وبعضٌ مِنْ لبن ٍرائبْ
وبذاكَ الإحساس ِالدونـْكيشوتيِّ أدمنـْتْ على أنْ لا أخرجَ مِنْ بيتي بالمرّهْ
خوفا ًمِنْ تفخيخاتِ الزرقاويِّ الحاضر ِ دَوما ً والغائبْ

لكنـّي طالبْتُ بتأييدٍ يُثبـِتُ انـّي كنتُ سجينا ً وضحية َقهر ٍومصائبْ
كي أعملَ فرّاشا أو زبّالا ًبٳجور ٍيوميّهْ
لكنَّ جهودي ذهبَتْ للأدراج المنسيّهْ
إذ ْطلبوا مِنـّي أنْ لا أحلقَ ذقني بل بالشـَعر ِالوارفِ أرعاهْ
أنْ أرسمَ فوقَ جبيني خارطة ً لتضاريسِ سجودي للهْ
أنْ تتبرَّكَ بعضُ أصابعيَ العاطلةِ الغـَضّهْ
بخواتيم َالفِضّهْ
وبإيماني بالقول المأثورْ :ــ
يغوصُ البحرَ مَنْ طـَلـَبَ اللآلي ويحظى بالســــــيادةِ والنـــوال ِ
أصررْتُ على أنْ أصنعَ ما يُطلبُ منـّي حتى أحظى بسيادةِ مجدٍ يتعالى
أنْ اُصبحَ فرّاشا أو زبّالا
فإذنْ ما أسهلَ إطلاقَ اللحيةِ مِنْ مَكمنِها !
وبتضحية ٍ غاليةٍ مِن اُمِّي المسكونةِ بالحُبِّ بالعجبِ
أعطتـْني ما ادَّخرَتْ لزيارةِ مَثوى ـ يَرحمُهُ اللهُ ـ أبي
وزيارةِ أهل ِالبيتِ ــ سلامُ اللهِ عليهم ــ
هي تضحية ٌغالية ٌمِنْ اُمِّي أنْ تـُحرَمَ مِنْ فرصتِها في أنْ تبكيَ قرْبَ الأضرحةِ الذهبيّهْ
وعلى مَثوى المرحوم ِ أبي
لا أكشفُ سِرّا ًحينَ أقولْ :ــ
ٳنَّ مخازنَ حزن ٍوبكاءٍ في عُمْق مشاعر اُمّي
هي أوسعُ مِن كلِّ مخازنِنا للحصص التموينيّهْ
وبذاكَ المبلغ ِمِنْ اُمّي طوقـْتُ أصابعيَ الغـَضَّهْ
بالتقوى المسكونةِ في الفضَّهْ
لكنـّي ما كنتُ جريئا ً كي أرسمَ فوقَ جبيني بالنارْ

خارطة ًتـُلحقـُني بالناس الأبرارْ
فلجأتُ إلى أحَدِ الختـّانينَ ليرسمَ فوقَ جبيني تحتَ التخديرْ
خارطة َالتقوى والتبشيرْ
وبذاكَ حصلـْتُ على ذاكَ التأييدِ المِعْطيرْ
وبشيء ٍمِنْ نقـْدٍ يُدْعى ــ أستغفرُ ربّي ــ الرَشوهْ
وذهبْتُ ويغمرُني فرحٌ ورجاءْ
أنْ اُصبحَ فراشـّا أو زبّالا ً كي اُنقـَذ َمِنْ بؤس ٍوعَناءْ
لكنَّ مديرَ الدائرة ِالمعنيّهْ
فاجأني أنْ لا تعييناتٍ حتى لو كانتْ باجور ٍ يوميّهْ
لسببٍ لا أعرفُ معناهُ
إذ ْقالَ بأنَّ حكومتـَنا الوطنيّهْ
ــ يحفظـُها ويسدِّدُها اللهُ ــ تـُشغلـُها الخطط ُالأمنيّهْ
وهيَ تـُحقـّقُ في ذاكَ نجاحاتٍ
جَعلـَتْ فرَقَ الارهابِ تـُعاودُ يوميّا ًقصْفَ المنطقةِ الخضراءْ
فصُرفـْتُ ، أسيرُ على كلِّ شوارع بغدادْ
فلعلَّ الزرقاويَّ يُفجِّرُ في دربي عبواتْ
فأكونَ شهيدا ً تـُمنـَحُ عائلتي تعويضاتْ

تنويهٌ/
كتبَ المواطنُ (س) هذهِ السيرة َقبلَ مقتل الزرقاوي الذي تزامـن َمعَ رحيل اُمِّهِ إلى مثواهـا الأخير وبذلكَ فقـَدَ العالمُ فرصـة ً ذهـبيّــة ًفـي أنْ يرى اُمَّ المـواطـن (س) وهـي تـُقيـمُ غـداءَ الزهـرةِ احتفـالا ًبمقتـل الزرقاوي .

آذار 2006
 


 

Counters