| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. خليل الجنابي

 

 

 

الأثنين 15/10/ 2007



وشهدَ شاهِدٌ مِنْ أهلِها !!

د. خليل الجنابي

في مجريات الأُمور الدولية التي تهمنا في الوقت الحاضر نرى البعض يفسر الأُمور على هواه ويقيسها بمقاسات خاصة , لا يمكنه الخروج من الدائرة الضيقة التي تحدد موقفه من هذه القضية أو تلك , وخاصة عندما تُبنى المواقف على ضوء إنعكاسات وإرهاصات الغير , وبعبارة أوضح عندما يكون الموقف متخذاً بعيداً عن أرض الواقع المُعاش . لذا فإن التحليلات السياسية المختلفة بما يخص الحرب على العراق , وخاصة من قِبل المحللين السياسيين وكذلك وكالات الأنباء جاءت في الكثير منها مخالفة للواقع المرير الذي يعيشه الشعب العراقي , لأنهم إنطلقوا من أرض هي غير ( أرض المعركة ) , كما يُقال في العلوم العسكرية وقت الحروب .
إن التصريحات المهمة التي أدلى بها مؤخراً ( الجنرال – ريكاردو سانشير ) قائد القوات الأمريكية السابق في العراق , من ( أن المهمة الأمريكية في العراق تُعتبر كابوساً لا نهاية واضحة له , والسبب هو الأخطاء السياسية التي اُرتُكبت وإستمرت بعد سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين ) , كما أن الموقع الهام الذي كان يشغله الجنرال ريكاردو يجعل لتصريحاته وقعاُ كبيراُ تصب في مجرى الأحداث , خاصة وأنه كان على رأس القوات المسلحة الأمريكية في العراق لمدة عام تقريباُ من ( حزيران 2003 – تموز 2004 ) , حيث إستقال من منصبه بعد فضيحة ( سجن أبو غريب ) , وأُحيل على التقاعد في ( 1 تشرين 2006 ) , بعد 33 عاماً من الخدمة . وهذه ليست المرة الأُولى التي تصدر عن الجنرال سانشير تصريحات إنتقادية للحرب على العراق , حيث كان قد صرح لوكالة فرانس برس ( أن الولايات المتحدة لن تحقق النصر في الحرب , وكان ذلك في حزبران من عام 2006 , وصرح في تشرين الثاني من نفس العام ( بأن الجيش الأمريكي لوحده لا يستطيع تحقيق النصر في العراق ما لم تُعالَج المشاكل السياسية والإقتصادية ) .
ولو تتبعنا الخط البياني لكل الأُمور لرأينا أن ما قاله الرجل يصيب الحقيقه , فهو إلى جانب أنه كان يحمل على أكتافه أعلى الرتب العسكرية , كان أيضاً يحمل الفشل الذي لازمه طيلة وجوده على رأس الهرم العسكري وذلك نتيجة التخطيط السيء الذي رافق الإحتلال وما بعده , فألتخبط في الأوحال العراقية وبعيداً عن المنطق والذي وقع فيه المُحتل والأخطاء الفادحة في التعامل مع الأُمور والتي أدت إلى الخسائر الفادحة في الأرواح العراقية البريئة , والسلوك الهمجي البعيد عن إحترام الإنسان وحقوقه المشروعة التي نصت عليها كل الشرائع الدولية , كل هذا جاء مناقضاً للقول بأن العراق سينعم بالخير والرفاهية والديمقراطية , وسيكون موضع إشعاع في المنطقة , بل أصبح مركزاً للجريمة , ومركزاً لتصفية الحسابات الدولية , إلى جانب إنهيار أركان الدولة ومؤسساتها وكذلك تخريب البُنى التحتية والفوقية لكل المشاريع الخدمية التي صُرفت تكاليفها من قوت الشعب وذهبت لمصلحة الشركات الأجنبية .
لقد وصف الجنرال سانشير قادة سياسيين أمريكيين بأنهم يتسمون ( بضعف الكفاءة والفساد ) وأضاف ( أن هؤلاء القادة السياسيين كانوا سيواجهون محاكمة عسكرية بتهمة التقصير في أداء الواجب لو أنهم كانوا يعملون في صفوف الجيش ) .
من هذا يتبين بوضوح أن التخطيط للحرب على العراق كان يتسم بالعنجهية لاغير , إذ أن من الأولويات التي كان يجب دراستها ووضع الخطط الناجعة لها هي الفترة التي تعقب الحرب خاصة وأن قوات الإحتلال أخذت على عاتقها وبتفويض من الأمم المتحدة إدارة شؤون البلاد والعِباد !! , وبعبارة أوضح حركوا ماكنتهم العسكرية كبيادق شطرنج وليكن بعد ذلك الطوفان !! .
إن الذي حدث ويحدث الآن في العراق يعطينا يقيناً بأن من وضع خطط الحرب يفتقر إلى أبسط العلوم العسكرية والسياسية وإلا ماذا نسمي هذا التمزق الذي حدث لأركان الدولة والخسائر البشرية الهائلة في أرواح المدنيين بما فيهم الأطفال والنساء , أما خسائر قوات الأحتلال فهي الاُخرى كبيرة والحبل على الجرار . ألم يكن بالإمكان الحفاظ على كل شيء كما كان قبل الإحتلال وغربلة الاُمور على نار هادئة وذلك بعد أن وصل العدد الإجمالي للقوات المسلحة العسكرية ما يزيد على ( 140 ) ألف عسكري إلى جانب آلآف اُخرى من القوات الأمنية المدججة بأحدث أنواع الأسلحة الفتاكة .
إن الدلائل تشير إلى أنهم أرادوها أن تكون فوضى هكذا , وأن تسود الفرقة بين مكونات المجتمع ( فرق تسُد ) , كي يسهل السيطرة عليهم وكبح تطلعاتهم .
لقد أعرب الجنرال ( ريكاردو سانشير ) عن تشاؤمه حيال الوضع في العراق بألقول ( أن ما يحدث فيه هو نتيجة أخطاء عسكرية ساعدت على ظهور وصعود التمرد المسلح ) وقال ( إن من أبرز هذه الأخطاء هو حل المؤسسة العسكرية التي كانت قائمة في البلاد ) .
إن الهرج والمرج الذي رافق الإحتلال كان مقصوداً , وإن الفوضى والخراب والدمار ساعدت هي الاُخرى للتشبث بأذيال المُحتل لإنقاذنا من براثنها . فهل نعي ما نحن فيه !! .

 


 

Counters