| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

كاظم فنجان الحمامي

 

 

 

                                                                                  الأثنين 22/8/ 2011



انتفاضة الحرامية

كاظم فنجان الحمامي

لا ندري كيف انتقلت فيروسات (الربيع العربي) لتجتاح العاصمة البريطانية لندن, ولا احد يدري كيف قفزت الشعارات التسقيطية من معاقل الأنظمة العربية المهددة بالزوال, لتهبط في محطة (انفيلد), فتتعالى الهتافات هناك على الطريقة الشعبية المعتمدة في ميدان التحرير: (الشعب يريد إسقاط العجوز), وغيرها من شعارات الربيع العربي المبرمج, من مثل: (الله. . بريطانيا. . حرية. . وبس), وتناقل الظرفاء العرب بعض الشعارات الساخرة من باب التندر:

(كلنا كلنا روبن هود. . ولندن إلنا راح تعود)
(يا وليام مانك منا. . خذ هاري وارحل عنا)
(لا هريسة ولا معمول حتى ترجع ليفربول)
(مانشستر حرة حرة. . إليزابيث اطلعي بره)

وربما سيطلق قائد البوليس السري بعض الصيحات المقتبسة من ملحمة باب العزيزية, يقول فيها: (استعدوا أيها اللندنيون لتطهير لندن يارد يارد, هاوس هاوس, روم روم, ستريت ستريت, كورنر كورنر, حتى تتطهر لندن من الباد بويز, والراتس).

كانت الرسائل الهاتفية تتناقل عبر الهواتف النقالة بين الشباب الانجليز, تدعوهم للتجمع في محطة (انفيلد), وتحرضهم على تدمير الشوارع, وسرقة المحال التجارية, في أسوأ موجة عنف تجتاح لندن منذ ثمانينات القرن الماضي, بحيث اتسعت أعمال الشغب لتشمل ثلاث مدن أخرى, تعرضت فيها المراكز التسويقية للنهب, وتحطمت فيها واجهات المتاجر, وسقطت قنابل المولوتوف في الأماكن العامة, وتصاعدت أعمدة الدخان من المباني, واحتدمت المواجهات مع رجال الشرطة.

ان انتفاضة الشباب المتهور في قلب لندن تدعو للرثاء بالمقارنة مع انتفاضات العواصم العربية, فالشباب في مصر وتونس كان لديهم ما يخسرونه ويضحون به, وكانوا يواجهون بطش السلطات المستبدة بصدور عارية, وكان لديهم ما يكسبونه في تلك المواجهات الدامية, ألا وهو الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية, أما الشباب البريطاني المدلل فليس عندهم ما يخسرونه, أو يكسبونه, باستثناء التعبير عن انفعالاتهم العنيفة تحت تأثير المخدرات والخمرة, وهم بهذه التصرفات الوحشية يؤكدون انحطاط المستوى الأخلاقي عند الأجيال اللندنية المتهتكة, ويسردون قصة حياتهم البائسة في الهواء الطلق.

لقد استنفرت الشرطة البريطانية جميع تشكيلاتها, ولم تتردد في إطلاق الرصاص المطاطي, ومدافع الماء ضد عصابات الشغب, وكانت تتلقى التوجيهات المباشرة من رئيس الوزراء البريطاني (ديفيد كامرون). الذي فقد صوابه وهو يرى عاصمة الضباب تحترق, وتستباح على يد الحرامية والبلطجية, ما اضطره إلى استدعاء بعض الفرق العسكرية من أجل تأمين الحماية لعامة الناس.

في عام 2003 كان القوات البريطانية التي اجتاحت البصرة من بوابة الكويت, هي التي تحرض الناس على تدمير الممتلكات العامة, وهي التي تشجعهم على نهب المؤسسات الحكومية وإتلاف محتوياتها, وكانت هي التي توفر الدعم اللوجستي للحرامية, بينما تمضي وقتها كله في الوقوف موقف المتفرج الشامت, وها هي اليوم تشرب من البئر نفسه, وتتعرض للنهب والسرقة في عقر دارها, وتكتشف بعد فوات الأوان ان (علي بابا) العربي اشرف بكثير من (Ali Baba) البريطاني. وستكتشف بعد إخماد انتفاضة حرامية لندن أنها أمام مهمة تربوية مصيرية تتجاوز بكثير مهمتها بإزالة الزجاج المهشم والإطارات المطاطية المحروقة. . .



جريدة المستقبل العراقية في 22/8/2011

 


 

free web counter