| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كامل العضاض
kaladhadh@yahoo.com

 

 

 

                                                                                      الأحد 8/1/ 2012


 

هل هناك تحوّل في الرأي العام العراقي؟

د. كامل العضاض * 

سؤال بدأ يجول في الخاطر، بل وصار ملحا. وبما اننا لا نملك مؤسسة لإجراء إستطلاع الرأي في العراق، فماذا نفعل؟ هل سنفسر التحوّل، إن حصل، على وفق قناعاتنا أو إنحيازنا أو تفضيلنا الشخصي، ام نسعى لتكوين فكرة بالإحتكاك المباشر بالناس للوقوف على أفضلياتهم أو قناعاتهم؟ يبدو لي أن هذا الخيار الأخير هو أفضل، رغم ما قد يعترية من تقصير في الشمول الممثل إحصائيا للسكان، ولكنه على أية حال قد يكون أفضل من الرأي الشخصي الذي قد يكون منحازا.

وهكذا جبنا الشوارع وبعض المدن والأحياء، في بغداد والجنوب، وزرنا العشرات من الأصدقاء، وذهبنا حيثما نتصور بأننا سنصادف غرباء يُؤتمن لهم من عامة الناس لنسألهم بطريقة غير مباشرة أو صريحة عن رأيهم بقادة البلاد وكيف تسير الأمور؟ وهل سيصوتون في الإنتخابات القادمة لنفس الناس؟ ام ماذا سيفعلون؟ وخرجنا بحصيلة من الآراء والتوجّهات، بعضها يصعب تصنيفه في قائمة المتحولين عما كانوا قد صوّتوا عليه، وهناك أقوال ذات دلالة بالغة على التغيّر أو التحوّل، سنشير الى بعضها. ولكن حصيلة التجربة الفردية المحدودة، قد أوحت لنا بوجود تحوّل، عموما، ولكنه غير واضح المعالم، أي هو عبارة عن تذمر أكثر منه تخطيط لفعل رفض في التصويت القادم لنفس من صوّتوا لهم من الناس في الإنتخابات الماضية. ولم يتسع المجال للتحري عن الأسباب والدواعي، ولكن الكثير من المستجوبين افصحوا،

أولا، عن عدم رضاهم، عموما، عن الوضع العام، ولكنهم لا يجدون بديلا أو بدائل أفضل من الساسة الحاليين الجاثمين في دستة الحكم أو على منبر المعارضة إن وجد بشكله المعقول!

وثانيا، هناك من تذمر من الحكام الحاليين ولكنه يلوم الناس لأنهم فاسدين ويعرقلون أداء الحكومة.

وثالثا، هناك من عبّر عن شعور بالخديعة، فكل الذين أُنتخبوا هم في النتيجة من التابعين للأمريكان أو إيران وبالتوافق ما بين الجهتين الأجنبيتين.

وهناك، رابعا، من قدم تحليلا ناضجا، وأوعز الأمر الى جهل الناس بطبيعة مرشحيهم، مما دفعهم للتصويت على الهوية المذهبية، من جهة، ومن جهة ثانية، فإن الساسة والقادة الجدد تعوزهم الخبرة والكفاءة، إن لم تكن الأخلاق معها أيضا.

أما الرأي الذي تكرر وأثار إهتمامي، فهو القائل، بأن القوى الديمقراطية غير المتهوسة بالمذهب والدين والطائفة، على الرغم من عدم ضآلتها العددية، لكنها غير منظمة ومشتتة وغير فاعلة سياسيا، ولربما فقيرة ماليا وماديا، بل ومهمشة في كل الأحوال. فماذا لو تجمعت هذه القوى وحسمت أمرها، وجمعت من قوتها بعض المال، فإنها بلا شك سوف تحقق تحول نوعي في الإنتخابات القادمة .

ولكني وددت أن أسأل نموذجا من المتهوسين مذهبيا عن رأيه في هذا الخصوص. ولما أتيحت لي فرصة أن ألتقي فلاحا من حَمَلة الراية الحسينية في جميع المسيرات الى كربلاء، إنطلاقا من ريف الناصرية في الجنوب، أي هو يقطع ما يقرب من ثلاثمئة كيلومتر للذهاب الى النجف وكربلاء، حاملا رايته الحسينية، فسألته عن رأيه في الحكومة والقادة الجدد، أي بعد سقوط النظام السابق، فأجابني اول الأمر بثلاث كلمات بليغة ومختصرة وبلهجته المحلية؛ "جا عمي شحصلنا؟". ثم ذهب ليفسر معنى مقولته؛ بالقول أنه يذهب ويكابر على معاناته، مفتخرا برجولته، متأملا خير الله وشفاعة أولياءه وفي مقدمتهم حسينه الغالي، و الكرار علي، ولكن بعدما يعود مضنىً الى كوخه، يتهالك على الأرض المقفرة وليس لديه شئ يقدمه لعياله، ثم يجمع أفلاسا ليعود طبيبا يرضى أن يعالجه. يعني هل هذه المرقة والخبزة التي أطعمه أياهما القائمون على الحملة هي كل مراده الذي طلبه من الحسين والعباس أبو فاضل؟؟ وختم بالقول؛ "بعد عيني عين الحسين، وبعد كل هل اللهط والركض، جا بوية إشحصلنا"؟؟؟


8/1/2012
 

- عضو اللجنة العليا للتيار الديمقراطي في العراق
* الكاتب، إقتصادي متخرج في جامعة ويلز في بريطانية، وله دراسات وبحوث إقتصادية قياسية عديدة، وعمل لسنوات
 بصفته مستشارا إقليميا في الأمم المتحدة في الحسابات القومية والإحصاءآت الإقتصادية.
 

 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس