| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كامل العضاض
kaladhadh@yahoo.com

 

 

 

الجمعة 2/4/ 2010

 

الديمقراطية بين اللفظ والسلوك

د. كامل العضاض

(كما ترويها لنا مجريات الإنتخابات الأخيرة)
اللفظ هو أن تقول ما تفعل، وما تفعل هو ما تؤمن به وتجاهد من أجله بحق. فإن كان ما بين اللفظ والسلوك بون شاسع، إن لم نقل إسفين عميق، عندئذِ يحق لنا أن نستدعي قول الله تعالى، لنواجه به من يحفرون ذلك الإسفين بإسمه، او يدعون بإسمه وبالنيابة عنه. فقد قال الله بمحكم كتابه المبين؛ "كبر مقّتا عند الله أن تقولون ما لا تفعلون"، الى آخر الآية. كما أن ثمة فرق ما بين إدعاء الإسلام والإيمان الحقيقي برسالته، فقد خاطب القرآن الأعراب الذين قالوا آمنا، وما هم بمؤمنين، إذ قال لهم قولوا أسلمنا، فأنتم لم تؤمنوا بعد. والذين يجزلون اليوم القول بالديمقراطية، ويزايدون على غيرهم من العلمانيين والديمقراطيين في حماسهم لها ولمبادئها ولرسالتها، وقبولهم بمعاييرها، من تداول سلمي للسلطة، ومن تعددية، وتبادل الأدوار، ما بين تولي الحكم أو الإكتفاء بالمعارضة السياسية السلمية. لنسأل هؤلاء الإسلاميين، ما سر حماسكم هذا للديمقراطية اللفظية؟ ألستم مؤمنين بكتاب الله المنزّل، وما أمر به بأن الحاكمية لله وليست للبشر، فالديمقراطية هذه تعني حاكمية الناس وليست حاكمية الله!؟ فكيف تفسرون لنا هذا التناقض بين ما تؤمنون به وما تدعون إليه؟ هل ستقولون أن الزمان الحالي لا يسمح بتطبيق حاكمية الله؟ ولكننا نعلم وانتم تعلمون وتقولون، بان آيات الله ومنزلات كتابه المبين هي اوامر إلهية خالدة عبر الزمان والمكان، وإنها محفوظة في أم الكتاب، حتى قبل التبليغ، فكيف إذن لا يسمح بتطبيقها في زمان ما أو مكان معين؟ وإذا قال بعضكم في سره أنه تكتيك نتبناه ريثما نستولي على السلطة، ومن ثم نعود لفرض حاكمية الله. ففي هذه الحالة أنكم تضمرون ما لا تقولون، وبالتالي، فإنكم تقولون ما لا تريدون ان تفعلوا، وهو تطبيق الديمقراطية وضوابطها بالتعددية وتداول السلطة وإحترام حاكمية الشعب،! اي أنكم تقولون ما لا تفعلون.

ان من أهم مبادئ الديمقراطية السياسية هي أن يسعى الحزب الديمقراطي، إن كان ديمقراطيا حقا، لخوض الإنتخابات، بهدف الوصول للسلطة لتطبيق برنامجه، إن إختارته غالبية الشعب لذلك، وإن لم تختاره، فدوره سيكون بلعب دور المعارضة البناء؛ اولا، للدفاع عن حقوق الشعب والتصدي لإية إنتهاكات لها، والثاني، هو السعي للتأثير على التشريعات والقوانين، في ضوء ما اعلنه من برنامج، كان قد درسه وآمن به. ولكن الظاهرة الغريبة التي ترويها لنا الأحداث والمناورات والأخبار الجارية الآن في العراق، بعد إعلان نتائج الإنتخابات، بما افرزته من توزيعات للمقاعد الفائزة بين الكتل السياسية، هو أن الجميع يريد أن يكون في قارب السلطة، اي ان يحصل على هذا القدر أو ذاك من المناصب والوجاهات! وهذه الظاهرة لا تستثني أحدا، سواء كانوا دعاة إسلاميين، أو دعاة علمانيين ليبراليين. ولعل التقارب الكبير الذي أفرزته النتائج بين كتلة علاوي العلماني، وكتلة المالكي الإسلامي، وتمحور الكتلتين الأخريتين، الحكيم والكرد، حول طرفي هذه المعادلة الهشة، لا نجد بينهم أحدا ممن يقول بأنه يجد من المناسب أن يتفرغ لدور المعارضة البناءة، ذلك لأن الديمقراطية لا تقوم بدون معارضة سلمية وبناءة، والبعد البنائي فيها هو أنها ستتولى تثقيف الشعب وتوعّيته، فتقدم له، بذلك، أمثولة في الثبات على المبادئ ومكارم الأخلاق. والمتمسكون بمكارم الأخلاق هم أقرب لحاكمية الله، ممن لا يتمسكون بها ويدعون اليها لفظا! لماذا لا يريد أحد من سياسيي اليوم أن يلعب هذا الدور الرفيع؟ ولربما هو أرفع حتى من دور تولي السلطة الزائلة؟ لماذا؟ لعل ذلك، في رأينا، على الأغلب الأعم، ينزّ عن حقيقة كون الإيمان بالديمقراطية هو أما إيمان لفظي، او أنه مجرد وسيله للحصول على جاه أو منصب، و راتب كبير وإمتيازات، وليس لخدمة الشعب الصافية لوجه الله. هذه هي أزمة سياسيينا الحاليين الذاتية؛ وعليه، فالشعب العراقي ينتظر ذلك الطراز الفذ من سياسيين يقولون ما يفعلون، ويتمسكون بالمبادئ وبمكارم الأخلاق، فهل سيأتي دورهم؟ نعم، فمهبل التأريخ لا يعقم.
 

2/4/2010


 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس