| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كامل العضاض
kaladhadh@yahoo.com

 

 

 

                                                                                      الثلاثاء 22/11/ 2011


 

تعليق على مقالة السيد فرج موسى
"إستمرار النمط الريعي للإقتصاد النفطي يعني ترسيخ الفساد والإستبداد"
 

د. كامل العضاض * 

أولا، اشيد بهذه المقالة القيمة والتي أحاطت بالمشكلة إحاطة تامة، وخصوصا في جوانبها المالية والسياسية والإدارية، إلا أنها لم تلق ضؤا كافيا على جانبها الإقتصادي التنموي، وهذا ما نود إستكماله بإيجاز.  

ثانيا، طبيعة المشكلة الإقتصادية في هذا المضمار؛    

حينما يتألف الإقتصاد من مجموعة نشاطات إنتاجية وخدمية، وتكون كلها بحالة تخلّف، ما عدا نشاط أو قطاع الإستخراج المعدني، وهنا هو إستخراج النفط الخام، على وجه الخصوص، حيث يكون الطلب علية عاليا وغير مرن في السوق العالمية، عندئذٍ سيتحقق فائض من الموارد المالية بالعملة الصعبة. تضع هذه الموارد بيد الحكومة قدرة شرائية عالية تستطيع توظيفها كما تشاء. وهنا مكمن القضية، كيف ستشاء هذه الحكومة؟ هل ستتصرف كمالك ريع يوظفه لبناء سلطته وتسلطه وفساد "معيته"، حسب تعبير الأستاذ فرج، أم توظفه بكفاءة ليس فقط لإدارة الإقتصاد و الدولة، إنما، أساسا، للإستثمار في النشاطات الإنتاجية المتخلفة، كالزراعة والصناعة والتشييد والبناء والنقل والمواصلات والتكنلوجية وخدمات المنافع الهيكلية الجوهرية، ومنها الكهرباء والطاقة والبنى التحتية المختلفة الأساسية؟ وهنا سنجد مفتاحا للقضية، كيف ستفعل ذلك؟                             

تشكل النشاطات أو القطاعات الأنتاجية غير النفطية، بالأساس، قطاعات إنتاجية  وخدمية ملازمة لها ذات طبيعة دائمة وليست زائلة أو وقتية، كحالة النفط الخام، حيث هناك مدى زمني مقدر لنضوبة، طال أم قصر، فهو سينضب، وتقديرات وكالة الطاقة العالمية تقدر النضوب التشغيلي وليس الفعلي تماما عند مقتربات القرن الثاني والعشرين، أي بحدود تسعين عام، كحد أقصى في جميع أنحاء العالم، وليكن العراق آخرها. ولكن إحتمالات ظهور وتطوير بدائل لطاقة النفط فهي كبيرة وقد تتحقق خلال أربعين أو خمسين سنة، إن لم يكن أقل. كما أن أسعار النفط المدفوعة بالدولار، مرهونة ليس فقط بقيمة الدولار المتآكلة بسبب الأزمة المالية العالمية الضاربة حاليا في أوربا و الولايات المتحدة، وقد ينهار الدولار كوحدة نقد للإحتياطي النقدي العالمي، ** نقول ليس هذا فقط، إنما بسبب مزاحمة مصادر أخرى للطاقة النظيفة، كمادة اللثيوم والطاقة الكهربائية والنيتروجينية. وهنا على الحكومات  ذات الإقتصادات الريعية أن تفكر بحصافة، إن كانت حريصة على الحصول على مستقبل ما. كيف سترسم سياساتها النفطية؟ هل بتعظيم مواردها المالية النقدية، أم بتعظيم  تنمية نشاطاتها غير النفطية؟ فهذه وحدها هي النفط الدائم وليس البترول الزائل! ولا يمكن رسم هذه السياسات التنموية، وليست المالية النقدية، بدون التوفر على إستراتيجية تنموية عليا، تُنّفذ على وفق خطط متوسطة وبعيدة المدى، ترتكز الى دراسات علمية ونماذج للإنتاج النفطي وكيفية التصرف به، أي تصنيعه، أم مجرد تصديره؟ فإذا تكالبت الحكومة على التصدير وزيادة التصدير بهدف تعظيم الموارد النقدية الريعية، فإنها بالتأكيد ستحول إقتصادها الى تابع للتجارة الدولية، وستحول القوائض للإستهلاك الآني والفساد وبناء البيروقراطية والسلطة الغاشمة، ناسيةً بناء "النفط الدائم" أي النشطات غير النفطية، كالصناعة والزراعة، و ذلك لن يتم بدون تصنيع النفط وليس تصديره، وهذا يعني بأن سياسة التصدير يجب أن تكون خاضعة لساسية الإنتاج غير النفطي، أي أن التصرف بالفائض النفطي يتبع تماما لسياسات الإستثمار في القطاعات غير النفطية، ولا يجوز فتح الحبل على الغارب، بما يعني ذلك أن معدلات النمو في القطاعات التفطية يجب أن تتعادل إن لم تصبح أقل من معدلات النمو في القطاعات غير النفطية، وهذه معادلات تنموية يجيد إحتسابها الإقتصاديون القياسيون وليس مهندسو الإنتاج او السياسيون، ومن هنا تأتي أهمية الرؤية التنموية، ناهيك عن النزاهة والشرف والعفة في إدارة الدولة والمجتمع.


20 تشرين الثاني 2011

 

* لمزيد من التفصيل والإيضاح أنظرمقالنا، باللغة الإتكليزية، في مجلة ميدل إيست رفيو عدد تمور/آب لعام 2011

** لمزيد من التفصيل يرجى الإطلاع على كتابنا الصادر في حزيران/تمور 2011، بعنوان؛ "الأزمة المالية العالمية، أبعادها وآثارها"، بيروت

أقرأ مقالة السيد فرج موسى على صفحات الجديدة أدناه؛
http://al-nnas.com/ARTICLE/MFarag/13p01.htm

 

- عضو اللجنة العليا للتيار الديمقراطي في العراق
* الكاتب، إقتصادي متخرج في جامعة ويلز في بريطانية، وله دراسات وبحوث إقتصادية قياسية عديدة، وعمل لسنوات
 بصفته مستشارا إقليميا في الأمم المتحدة في الحسابات القومية والإحصاءآت الإقتصادية.
 

 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس