| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كامل العضاض
kaladhadh@yahoo.com

 

 

 

الأثنين 1/3/ 2010

 

لكل ناخب صوت، ولكل صوت دور

د. كامل العضاض

لا تمنعوا ولا تنثروا أصواتكم هباءا في الإنتخابات القريبة جدا"”
إذا كان لابد أن ننتخب، و يجب أن ننتخب، على الرغم من عدم عدالة قانون الإنتخابات وقواعد المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات، وخصوصا في مجال توزيع الأصوات الفائضة لمن لم ينالوا القاسم الإنتخابي من الأصوات، لصالح مرشحين في كيانات نالت أصوات أعلى، بصفتها كيانات كتلوية ومذهبية عصبوية، وكذلك في إحباط وضع قواعد لمنع التمويل المشبوه سياسيا. وعلى الرغم من عربدة المال السياسي الفاسد، ووضاعة الفاسدين الراشين، وعلى الرغم من فشل المهيمنين على السلطة والشارع، بأدواتهم غير الأخلاقية والطائفية، و بمسالك رديئة وبتبعية بعضهم الذليلة لقوى أجنبية خارجية لها أغراضها المتعارضة مع المشروع الوطني الديمقراطي العراقي، فشلهم في تحقيق أي تقدم حقيقي شامل في حياة الناس والمعدمين. نقول، رغم كل هذا وذاك، لم تخلو الساحة، حتى الآن، من خيارات قليلة باقية، قد تحمل بصيص أمل، للخروج من مستنقع الفشل، او في الأقل للإقتراب الى حافات الخروج منه. فمن سنختار؟

علينا أن نقرر أولا بأن صوتنا هذا هو حقنا الدستوري، ويجب أن لا نفرط به. وإذا كنا قد أصابنا اليأس من معظم نواب المجلس الحالي المنتهية ولايته، ومن أداء هذه الحكومة والحكومتين اللتين سبقتاها، خلال السنوات السبع الماضية، فهذا لا يجب أن يدعونا الى التنازل عن حقنا الدستوري، ففي ذلك هزيمة لغايتنا الأساسية المتمثلة بإيجاد ممثلين شرفاء وأكفاء وناضجين وصادقين ومتجردين عن مصالحهم الذاتية الأنانية، و/ اوأجنداتهم الدفينة المنافية لوحدة البلاد، ولنظامها السياسي الديمقراطي الحر والحضاري. ذلك، لأن عدم التصويت، هو تصويت غير مباشر للفاسدين والفاشلين الذين خبرناهم وعرفناهم خلال السنوات السبع الماضية. فإذا كنت غير مقتنع بهم، فإن عدم ذهابك للتصويت هو تصويت لهم ليعيدوا الكرة؛ من مآسي ومحن، وتخبط وفوضى، وهدر وعدم كفاءة وفساد، فضلا عن إعادة إنتاج الطائفية، بغطاء جديد من الطائفية السياسية، لسنوات أربع أخرى، ولا تدري، ماذا سيحصل للعراق خلالها، هل سيباع في سوق النخاسة؟

لو إستعرضنا قوائم المرشحين التي بلغت بضعة مئات، تعرض علينا أكثر من ستة آلاف مرشح ومرشحة، تتنافس على 325 مقعد إنتخابي، فماذا سنجد؟ وإذا إستمعنا الى البرامج الحيّة في الفضائيات العراقية التي تنقل عروض المرشحين عن كفاءاتهم وعن برامجهم ووعودهم، فماذا سنستنتج؟
صحيح أن المواطن العادي ستختلط عليه الأمور، فمن أين له الوقت والدراية لدراسة هذا الكم الهائل من المرشحين، ولدراسة برامجهم بشكل مفصل وواضح؟ نعم، هذا أمر مخيف فعلا، لاسيما وأن المواطن سيتعرض للإغراء والمحسوبية والإرشاء والخداع، تحت قناعات دينية او طائفية، أو دعائية إعلامية تضليلية؛ كما أن غالبية الناس، في الريف وفي الأحياء الفقيرة في المدن، هم اميون، ولكنهم قد يشاهدون وسائل الإعلام الضوئية والصورية، وقد يعرفون الكثير من المرشحين من خلال صورهم التي يشاهدونها على شاشات التلفاز، وخصوصا صور أولئك المحترفين والمستحوذين على وسائل الإعلام من رجال البرلمان والمسؤولين في الحكومة، ولكن ماذا عن المرشحين الذين لايملكون السطوة والمال، ولا الفرصة العادلة للظهور على شاشات التلفاز للتعبير عن برامجهم ولعرض مؤهلاتهم؟ طبعا، هؤلاء، سوف لا ينتبه إليهم عدد كاف من الناس، ما عدا، ربما، بعض أقاربهم أو معارفهم المباشرين. وعليه، سيكون حظهم في الفوز ضئيل. وهنا تقوم مسؤولية الكتّاب والصحفيين والإعلاميين الأحرار، لمدّ يد العون لتعريف هؤلاء، بل وللترويج لهم، في حالة كونهم متفقين معهم في أهدافهم وبرامجهم. وهنا لابد من تحديد موقف مبدأي، وقد يكون ذلك على صعيد شخصي أو فردي. فإذا كنت ترى بأن خيارك هو نحو عراق ديمقراطي موّحد، يقوده أكفاء وعلماء وتكنوقراط، وليس محترفو سياسة هادفون للكسب والغنى والجاه وليس للتكريس من أجل الخدمة الوطنية الشريفة، ففتش إذن عن مثل هؤلاء الأكفاء والعلماء، ولا تترد عن عرضهم على الناس والترويج لهم، فبذلك انت مساهما، ليس فقط في خدمة الديمقراطية، بل في إيجاد بواكير البديل، وليس البديل كاملا في هذه المرحلة من تطور العملية السياسية.

من خلال قراءة البرامج السياسية الإنتخابية لمئات الكيانات والأفراد التي قرأناها أو إستمعنا الى من يتحدث عنها، تولدت لدينا مجموعة من الإنطباعات والإستنتاجات، نوجزها كالآتي:
1.ان معظم البرامج هي شعارات وتمنيات فضفاضة لا تقوم على دراسات تشخيصية علمية، فالكلام المفتوح عن القضاء على الطائفية والإرهاب و تقديم الخدمات الإجتماعية والسكنية والصحية، ومعالجة الفساد وتقليل البطالة وإنعاش الإقتصاد، هي كلها نوايا طيبة، وليست هناك قائمة واحدة أو مرشح فردي لا يدعو إليها بصيغة أو بأخرى. ولكن لدى السؤال عن الآليات والموارد والبعد الزمني والثقافات والإصلاحات التربوية والتعديلات الدستورية والمؤسسات التنظيمية اللازمة لكل ذلك؟ لا نجد جوابا واضحا عنه، ذلك لأن المرشحين، عموما، وكياناتهم خصوصا، ولاسيما الإئتلافات الكبيرة منها، التي يسميها الناس "الحيتان الكبيرة"، تواصل الزيف من خلال تقديم الوعود البراقة، دون أن تجتهد فعلا، لدراسة الكيف والمستلزمات والوسائل والعوائق المتوقعة، خلال أفق زمني محدود، هو أربعة سنوات للدورة البرلمانية القادمة. المهم بالنسبة لغالبية المتنافسين الكبار، ممن يريدون العودة الى مقاعدهم الوثيرة، هو العودة إليها، طالما ان توزيع الوعود والعطايا لايكلف، في الواقع، شيئا ذي بال!!

2. من بين كيانات عديدة، وجدنا ثلاثة كيانات صغيرة، ولعل أحدها ليس صغيرا بمعيار تأريخه النضالي؛ الأول يتمثل بقائمة إتحاد الشعب، والثاني، هو قائمة تحالف الوحدة الوطنية، والثالث، هو قائمة كيان العلماء والكفاءآت الوطنية. ولسنا هنا لمناقشة برامج هذه الكيانات ولا نوعية مرشحيها، بصورة مفصّلة، إذ لايتسع المجال لذلك. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نحن لا نهدف للترويج لقائمة بذاتها أو لأشخاص بذاتهم، بل نود أن نثير إنتباه القارئ والمواطن العراقي الذي سئم من المخاتلين والفاشلين، ونطالبه بأن يعطي نفسه فرصة للإطلاع على برامج وشخصيات هذه الكيانات الثلاث، ليقرربعد ذلك، لمن يعطي صوته، ولنوفر عليه عناء الغوص في البحث بين سيول الدعايات، عمن يناسب خياراته وحاجاته الوطنية، وذلك فقط عندما تكون خياراته الوطنية تتلخص؛ بعراق ديمقراطي موّحد، ونظام حكم مدني يقوم على المواطنة والمساواة، وتحت ظلال دستور عادل وديمقراطي، وإقتصاد يدار بقيادات نظيفة شريفة وغير فاسدة، وعلماء أكفاء، لديهم حرص حقيقي لخلاص الوطن من براثن الدمار والفرقة والنهب، والولاء للعراق وحده وليس لغيره، والتركيز على المستقبل وليس الماضي، بعد الإستفادة من دروسه. في هذه الحالة، لنعيد لكم أرقام هذه الكيانات الثلاث، لتفحصوا برامجها، وتتحروا بأنفسكم عن مرشحيها؛ فكيان إتحاد الشعب هو برقم 363، وكيان تحالف الوحدة الوطنية برقم 330، وكيان العلماء والكفاءآت الوطنية هو برقم 367. أما أنا شخصيا فلي خياري الذي أقتنع به، وسأحاول أن أقنع من يريد أن يستشيرني.

سيبقى الأمل يراودنا ولا ينفصل عن مخيالنا، فالنظرة الإيجابية للحياة هي ضرورة لإدامتها، لمنع القنوط والياس. فنحن نعتقد بصدق بأن العراق كبير بمنظار التأريخ والأرث الإنساني، ومهما طاولته المصائب والصعاب، فهو سينهض، كما شأنه عبر التأريخ، كطائر الفينق، من تحت الرماد.
 

 

1مارس،2010


 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس