| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كامل العضاض
kaladhadh@yahoo.com

 

 

 

                                                                                      الخميس 1/12/ 2011


 

متى وكيف يكون النظام في العراق ديمقراطياً ؟

د. كامل العضاض * 

تعليقا على مقال كتبه الدكتور عبد الخالق حسين في أكثر من موقع ، بعنوان، "هل النظام في العراق ديمقراطي؟"
(1)
، نود التعقيب عليه، آخذين بالإعتبار جدية المقال ورصانة الكاتب. يخلص الدكتور عبد الخالق في مقاله الى أن النظام في العراق على وفق الشروط التي عددها هو نظام ديمقراطي. ويبدو انه إعتبر أن بعض الإجراءآت التي تستلزمها، عادة، ممارسة الديمقراطية في نظم العالم الديمقراطية الأخرى، هي مطبقة في العراق، وبالتالي فإن الديمقراطية، تبعا لذلك، تكون موجودة، كنظام. ونحن إذ نتفق معه بأن للديمقراطية سمات ومبادئ لا تقوم بدون الإجراءآت أو المستلزمات التطبيقية الملازمة لها، ولكننا نصوّب هذا القول، بالقول أن الإجراءآت التطبيقية، مثل الإنتخاب الحر والمباشر، وحرية الصحافة والتعبير عن الرأي، وفصل السلطات وتداول السلطة؛ هذه كلها هي ضمن الشرط الضروري للديمقراطية، ولكنه شرط غير كاف، فالشروط الضرورية والكافية هي: وجود ديمقراطيين الى جانب وجود إجراءآت ومبادئ. وهنا سيكون وجود الديمقراطيين كافيا لتأخذ الديمقراطية بعدها الكامل. ويتو جب أن نوضح معنى وجود ديمقراطيين، كشرط كافٍ لتحقق الديمقراطية، ونوجز بالقول كالآتي؛ بما أن الشعب هو مصدر السلطات، فيتوجب على هذا الشعب أن يعي هذه الحقيقة، أي عليه أن يمارس الديمقراطية وهو واعٍ لأبعادها، أولا، وأن يملك الشعب أو يفرز منظمات وأحزاب لتمثيله تمثيلا صحيحا على وفق إرادته الحقيقية، ثانيا، وان يتوفر قادة وزعماء قادرين على عكس إرادة الشعب الحقيقية، بل هم ينبغي أن ينبثقوا من رحم هذا الشعب، ثالثا؛ هذه كلها تمثل الشرط الكافي لتحقق الديمقراطية فعلا. أما مضامين هذا الشرط فمتعددة ومتشابكة وقد نوه ببعضها الدكتور عبد الخالق نفسه في هذا المقال وفي مقالاته الأخرى التي تفيض بالإستعارات من كتابات المرحوم علي الوردي الباحث الإجتماعي المعروف. فهو يتفق بوجود كوابح على الوعي الكلي لصالح الوعي التجزيئي الفئوي؛ ريف/مدينة، سني/شيعي، عربي/ كردي/ تركماني/ آخر. أن هذه الإزدواجيات الموروثة لا تزال باقية ومترسخة، أحيانا، لدى بعض الشرائح الإجتماعية، بينما تتطلب الديمقراطية مفهوما آخر، مفهوم يقوم على المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص والتطابق في شعور الإنتماء الى وطن واحد. وهذه هي المعضلة الكبرى التي لايمكن إزاحتها إلا بترصين وعي وطني ديمقراطي طاغ لدى المواطنين. وهذه ليس مهمة تلقائية تقع على عموم الناس، بل هي مهمة المثقفين والمتنورين بالفكر الديمقراطي الحقيقي. ومن هنا جاء القول بان لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين!

وبطبيعة الحال، من يؤمن بالديمقراطية، كنظام تُسترد فيه آدمية الإنسان العراقي، وكطريق للخلاص من النظم الديكتاتورية المستبدة التي عانى منها الشعب العراقي لعقود، بل ولقرون، فإنه لايرفض النظام الديمقراطي بحجة عدم تكامل الوعي أو لعدم وجود ديمقراطيين حقيقيين، بل هو يفضل فتح كل النوافذ والأبواب لهبوب رياح الديمقراطية ولا ينتظر حتى يأتي الديمقراطيون، فهم لا يأتون إلا عبر الممارسة الفعلية للديمقراطية حتي و لو بصيغتها الأولية التي قد تكون شوهاء في بادئ الأمر. وهنا نحن في إتفاق تام مع الدكتور عبد الخالق فيما ذهب إليه، بأن الديمقراطية هي بنت الممارسة، رغم الكلفة الإجتماعية العالية. أما نحن فنعدها المرحلة الإبتدائية التي سيعتورها الفساد ويغيب عنها الوعي الديمقراطي و الديمقراطيون، نعدها مرحلة تحوّل نحو الديمقراطية وليست هي الديمقراطية بعينها. واذا ما قبل الدكتور عبد الخالق هذا التعديل سنكون متوافقين مع طرحه الهادئ والرزين.

 

1 كانون أول 2011


(1)
http://www.akhbaar.org/home/2011/11/119655.html
 

- عضو اللجنة العليا للتيار الديمقراطي في العراق
* الكاتب، إقتصادي متخرج في جامعة ويلز في بريطانية، وله دراسات وبحوث إقتصادية قياسية عديدة، وعمل لسنوات
 بصفته مستشارا إقليميا في الأمم المتحدة في الحسابات القومية والإحصاءآت الإقتصادية.
 

 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس