| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كامل العضاض
kaladhadh@yahoo.com

 

 

 

السبت 18/10/ 2008



سبعة أخطاء مخطوءة

د. كامل العضاض

إعتدنا أن نقرأ بكثير من التقدير كتابات الأخ عبد المنعم الأعسم، وخصوصا منها ما يعالج الهم الوطني العام، ويساهم بالمشاركة في التنوير عن محنة الوطن العراقي الذي تتناوشه المصالح والفئات السياسية الفاسدة، السياسية الحزبية الطائفية والعرقية الضيقة، او المصالح الأجنبية والإقليمية، المحتلة والمجاورة. ولكنه في مقاله الذي قرأناه اليوم في عراق الغد الغراء، يبدو وكأنه يفلسف للدعوة الى قيام نظام فدرالي، على وفق مقاله، " سبعة أخطاء في الدعوة الى دولة عراقية قوية "
وفي تعليقنا هذا، نحن لا نطرح مناقشة مستفيضة لموضوعة النظام الفدرالي في العراق، فقد سبق وقدمنا ثلاث أو أربع دراسات مستفيضة حوله، وخصوصا، بحثنا الموسوم، الفدراليات والتقسيم ونهاية العراق" والذي نشر ، على نطاق واسع في عام 2006 ، وليس لدي الآن الرابط لهذا البحث، كما نشر في عراق الغد الغراء في حينه. أنما أود أن أبين تعليقي بنقاط قليلة، في أدناه،( ومن يرغب بالتفاصيل، ليكتب لي لأرسل له بحثي المشار إليه آنفا).

أولا: إن الخطأ الأول يبدأ بعنوان المقال؛ فما علاقة قوة الدولة المركزية بهيكلها التنظيمي الدستوري؟ والكاتب نفسه يشير الى وجود حكومات مركزية بصلاحيات واسعة لكنها ضعيفة، والعكس أيضا صحيح. ُثم ما هو المقصود بالقوة؟ هل هي عيب، أم هي صنو الديكتاتورية؟ إذا كانت القوة تعني الكفاءة في الأداء، فمرحبا بها، بغض النظر عن الشكل القانوني او الدستوري للدولة.

ثانيا: إن مقارنات السيد الكاتب بألمانيا والهند والإمارات هي مجتزأة، فهذه كانت في الأصل دويلات قررت الأتحاد في ما بينها، وأتفقت على تقاسم السلطات، وبعضها كألمانيا وسويسرة، أكملت إتحادها على مراحل وعبر عقود طويلة، اي كانت إتحادات تطورية، تتكيف لمتطلبات حاجات التنمية وإساليب إستغلال الموارد.

ثالثا: إن الوضع مختلف في العراق من عدة نواح؛ بإستثناء وضع منطقة كردستان التي لها كل المبررات أن تصبح إقليما متحدا مع العراق، ( وهذا على الرغم من فهم البعض بأن هذا الإتحاد أو الفدرالية الكردية هو كونفدرالية، أي دولة متحالفة لحماية مصالحها الخاصة، وليست متحدة؛ او حتى، حسب فهم البعض، ليست جزء من العراق).فالناحية الأولى للإختلاف هو أن الدعوات الفدرالية المطروحة من قبل الفصيل السياسي الديني المهيمن على اللعبة السياسية، يمثل نزعة موظفة لأغراض سياسية وسلطوية ومذهبية، لاتفقه شيئا عن أهمية وجود سلطة مركزية قادرة على إدارة موارد العراق النفطية، بما يخدم أغراض التنمية المتوازنة لكل العراق وليس لأجزاء دون غيرها. كما أن الإشكاليات الفنية في توزيع الموارد وتعبئة الطاقات والوقوف بشكل فاعل أمام الشركات النفطية، ولضمان الحصول على أفضل العوائد لا تتم بتجزأة إدارة الموارد الوطنية الناضبة، كالنفط، بل بإخضاعها الى تخطيط إستراتيجي مركزي. وعلى أية حال، هذا موضوع عملياتي وفني، أكثر منه ايديولوجي، ولا مجال له في هذه التعليقات السريعة.

رابعا: إن العلاقة بين المركزية والدكتاتورية، يجري تشويشها واللعب بها عمدا لأغراض سياسية، تخص أطراف اللعبة، اي التيار الذي يقوده المجلس الأعلى، من جهة، والقادة الكرد، من جهة أخرى.
وإلا، فماهي علاقة الدكتاتورية بالنظام المركزي، إذا كان ذلك النظام ديمقرطيا ودستوريا، تمارس فيه السلطات تحت رقابة البرلمان والمجتمع المدني والصحافة، ووفقا لدستور واضح ومحدد بخصوص صلاحيات السلطات الثلاث، وغيرها. فهناك دول مركزية غير دكتاتورية، كما هناك دول فدرالية، ولكنها دكتاتورية؛ فالدكتاتورية تقوم بغياب الديمقراطية، بغض النظر عن الهيكل التنظيمي للدولة، كما يمكن أن تقوم الديكتاتورية في الأقاليم المتفدرلة، عندما تهيمن عليها قوى لا تحترم القوانين والدستور .

خامسا: نود التشديد على نقطة جوهرية، وهي إن إستخدام المصطلحات، بدون التيقن من مدلولاتها الفعلية يؤدي الى الإلتباس والخلط والتوظيف السياسي. فمن الناحيتين النظرية والعملية، لم يعد هناك نظام مركزي صرف أو فدرالي صرف، فالسلطات المحلية كانت موجودة، حتى في أعتى الديكتاتوريات، أي حتى في العراق، لكنها كانت مهمشمة و ضعيفة، كما هناك فدراليات بأقاليم ضعيفة ومهمشة. فالمسألة ليست مسألة مركزية قوية أو ضعيفة، إنما هي كيفية تقسيم السلطات بين الإدارة المركزية والسلطات المحلية، حسب خصوصياتها، وإحترام القوانين والصلاحيات التي تنص عليها. ففي بعض النظم اللامركزية، هناك إدارات محلية لها صلاحيات أقوى من المركز، بما يخص إختصاصاتها، وهناك سلطات مركزية أضعف من السلطات المحلية في بعض التخصصات، فالمسألة هي مسألة تقوم على التوافق الدستوري، من جهة، وعلى الحاجات العملية للإدارة الكفؤة، من جهة أخرى، فالدفاع لابد أن يكون مركزي، والعلاقات الخارجية لا بد أن تكون مركزية، وإدارة الموارد الطبيعية لا بد أن تكون مركزية، وكذلك الحال بالنسبة لمصادر الموارد الوطنية، وغيرذلك، إذ ليس من الكفاءة أن تحشر الحكومة المركزية نفسها في نشاطات ذات خصوصيات محلية، او أنها افضل لو تترك للسلطات المحلية، لضمان كفاءة الأداء وللتناغم الديمقراطي مع حاجات الناس في المحافظات والأقاليم.

هذه نقاط سريعة للتعليق، ولكننا نشعر بأنها بحاجة الى إستفاضة؛ ربما سيكون ذلك في مناسبة أخرى، مع كل التقدير للأستاذ الكاتب.


15 ـ10-2008

د. كامل العضاض
kaladhadh@yahoo.com

 

free web counter