| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. كامل العضاض
kaladhadh@yahoo.com

 

 

 

الأحد 11/7/ 2010

 

كيف الخروج من هذه المآزق؟

د. كامل العضاض

مآزقنا في العراق كثيرة، فعن أيها نتحدث؟ هل نتحدث عن الإحتلال وتداعياته التدميرية؟ هل نتحدث عن الإرهاب وسفك الدماء البريئة؟ هل نتحدث عن غياب حقوق الإنسان و الكراهيات الجديدة؟ ام هل نتحدث عن الطائفية والتعصبية العرقية؟ أم هل نتحدث عن غياب الأمن والخدمات الأساسية والحقوق؟ أم هل نتحدث عن إنحطاط الأخلاق، وإنتهازية الكثير من ساسة اليوم، وتحوّل الكثير منهم الى لصوص، لصوص هكذا بالمعنى القاموسي للكلمة؟ أم هل نتحدث عن ضياع العراق وتمزقة الآتي دون ريب؟ أم هل نتحدث عن غياب العقل، وفقدان البوصلة على كل المستويات، وخصوصا على مستوى القادة الذين إنتخبهم الشعب العراقي المبتلى، متأملا، دونما يقين، بأنهم ربما يمدون إياديهم، بشهامة الرجال، لإنتشالهم من الرمال الحارقة والمتحركة التي أوقعوه فيها، هم قبل غيرهم، منذ البداية؟ لا تتسع مجلدات للإجابة على هذه المآسي، فكيف بمقال صغير؟ ولكن للضرورة أحكام، فدعنا من باب سد الذرائع، نتأمل أكثر مما نجيب، وبما يقل من الكلام ولا يشفي غليل الكرام، بما ينطوي عليه التسائل الحائر الأخير من هذه الأسئلة الحرى. لنتحدث عن غياب العقل، وللتأدب نصفه بفقدان البوصلة لدى القادة المهيمنين اليوم على الساحة السياسية والذين جاء موكبهم الى العراق مترافقا مع تدفق دبابات الإحتلال، فهم جاءوا بصفتهم كانوا مناضلين ومعارضين للجور والدكتاتورية الصدامية، بل وحتى لإية دكتاتورية ستنشأ، فهم جاءوا يقرأون نشيد الديمقراطية بأصوات عالية مع الموسيقى الصادحة، فهم إذن صاروا أمل العراق وصمام أمانه وضمانة خروجه من دوائر الرمال الحلزونية المتحركة والحارقة. صحيح، ان هؤلاء القادة صادفتهم ظروف عسيرة، فالإرهاب السلفي، و ذعر دول الجوار من تطويقهم بقوات أمريكية معادية لهم، لاسيما وأن هؤلاء الأمريكان جاءوا بمشروع سياسي يقوم على الديمقراطية، وهذا أمر يقضّ مضاجعهم، وهم الذين ينعمون بالنظام الوراثي، وبشعوب مستلبة، تنام رغيدة تحت أنغام الشعار الثلاثي، الله والوطن والملك، او وحدة، حرية، إشتراكية، فذلك يكفي لينام الحاكم بدوره قرير العين، فلماذا يعكر العراق الأمريكي الآن لذة نومه؟ نعم هم يتدخلون، ويسهّلون لأنصار النظام السابق أن "يقاوم"، أي أن يقتل الناس الأبرياء او يسهّل ذلك القتل، ذلك لأن قتل الناس أكثر أمانا وأقل خطرا من قتل الأمريكان المحتلين أنفسهم، ولابد من ترك المهمات الصعبة في هذه الحالة للمجاهدين الشرسين الأشاوس من نفايات البشرية من القاعدة والسلفيين. وثمة ركن آخر لمضلع الموت تكفل به الطائفيون المرتبطون بدول يقوم قوامها على الطائفية المذهبية، إيران من الشرق والسعودية من الجنوب والجنوب الغربي، فالمهمة صعبة فعلا، أمام الرجال الوطنيين والمناضلين المعارضين سابقا، كيف سيديرون دفة الحكم؟ ولكن حين يكون بعضهم قد نهل من نفس الماء الطائفي، كيف يتسنى له أن يتنكر لشرابه الذي كان ينهله في دولة الطائفة التي آمنته من خوف، وأطعمته من جوع؟ من هنا بدأ ضياع البوصلة. أنكم أيها القادة اليوم تُأتمنون على مستقبل شعب هو شعبكم الذي كنتم تقولون بأنكم تناضلون من أجل خلاصه، وانكم اليوم ساسة، ولستم مبشرين بالآخرة، هذه مهمة تترك للجامع والمسجد ورجل الدين، مشروط عليكم لكي يصح تسميتكم بالقادة، هو حماية حياة الناس، حقوق الناس، دون تفريق، ديني، أثني، طائفي، جنس، نوعي أو غير ذلك، مشروط عليكم، نكران ذواتكم و مصالحكم لإنقاذ بلادكم، فالذئاب المسعورة تحيط بها من كل صوب وجانب، ومشروط عليكم أن تحترموا قواعد النشيد الديمقراطي الذي تتغنون به في كل تصريحاتكم و مهرجاناتكم، ولكنكم ما فتئتم تفسرون الدستور لتغيير شروط اللعبة الديمقراطية، كلما كان ذلك لا يناسبكم الأمر، ولكنكم ما زالتم تعاندون الحق، ولكنكم ما زلتم تلوون الشروط، وتتحذلقون بالكلمات، والشعب يموت، حرا، وتفجيرا، و مرضا وخوفا، فأي قادة أنتم؟ فها هم الأمريكان، يقولون لكم احسموا أمركم، بعد ان قولبوكم على شكل طوائف ومذاهب واعراق تتقاتل لا تتناغم، يقولون لكم، ليس لدينا إستعداد ليموت جنودنا، موتوا أنتم أو الصغار من شعبكم بدلا عنا، ونحن سنكتفي بعقود النفط الغزيرة، وبعض القواعد المحسوبة وبعض السراكيل المؤتمنين، فكيف إذن سيهب العقل عليكم لمعالجة هذه المآزق الرهيبة، فقادة الكرد لهم قدح مُعلى لدى السادة المريكان، هم الآن دولة مستقلة، لكنها دولة تريد أن تكون ايضا شريكا للإستعمار الأمريكي للعراق، وإيران تصول وتجول وتحتل آبار نفط، وتتحكم بالبصرة وشط العراق وتقطع المياه، وسوريا لا يكفيها دعم فلول النظام أو تسهيل عبور الإرهابيين لتدمير العراق، ولا تحويل مياه الفرات، بل هي الان تريد، بشراكة كويتية، تحويل مجرى دجلة في أراضيها، وتركيا تريد لها حصة، كيف لا؟ ومنابع النهرين لديها، هكذا إذن تكاثرت السيوف والرماح، ولم يبق مكان للطعن في جسد العراق الشهيد. فاين انتم يا قادة من هذه المآزق او المآسي؟ لو كانت هناك حصافة عقل، لماذا لا تشكلوا حكومة؟ وبغض النظر عن رأي الناس في بعضكم، شكلوها حسب قواعد اللعبة الديقراطية التي ترددون نشيدها، فإذا كانت قائمة العراقية هي الغالبة حتى ولو بمقدار مقعد واحد، فهي الكتلة الأكبر إنتخابيا، وليس بالتلفيقات الإئتلافية، فهي الأولى بتأليف الحكومة، وهي الأولى أن تتحالف معها كتلة دولة القانون، بإعتبارها الكتلة الثانية إنتخابيا، والغريب ان تأتي كتلة الإئتلاف الوطني لتطرح مرشحا لها لمنصب رئيس الوزراء وهي بالدرجة الثالثة، إنتخابيا، وياتي الكرد ليصروا على منصب رئيس الجمهورية، وما يقرب من 25% من مناصب الحكومة، وبعض المناصب السيادية، وهم بقضيضهم لديهم 55 مقعد من مجموع 275 مقعدا!؟ أين هي قواعد الديمقراطية، اين هو العقل إذن؟ بل أين هو المنطق؟ أين هي الأولويات؟ فالشعب اليوم يموت والزمن يفوت والقادة في سكوت!
 

10تموز-2010


 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس