|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  26  / 2 / 2017                          قرطبة عدنان الظاهر                                   كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 
 

 

الاستراتيجية الامريكية ..
الحوار السعودي ـ العراقي..وماذا بعد؟

قرطبة الظاهر
(موقع الناس)

رحب الجميع بمجيئ الوفد السعودي الرفيع برئاسة وزير الخارجية السعودي عادل بن احمد الجبير إلى العراق بناء على الرغبة الامريكية لفتح الحوار "العربي ـ الايراني" مع السيد حيدر العبادي فيما يخص التواجد الايراني في العراق وتفكيك المليشيات وانهاء الطائفية والنزاع السياسي المحتدم بين الساسة السنة والساسة الشيعة. كما اتضح ان هذا اللقاء تديره المخابرات الامريكية العسكرية وبخطة مدروسة للتمهيد للمرحلة ما بعد تحرير غرب الموصل واعلان التحرير في تاريخ 09ـ04ـ2017!

الامور كما تبدو للعيان واضحة وتسير بكل شفافية وانسيابية تزامنا مع التقدم العسكري الهائل في ثغور داعش على الساحل الغربي من الموصل. وايضا التمدد العسكري لضرب داعش في عمق السيادة السورية على يد الجيش العراقي وتحت الاوامر الامريكية اصبح يشكل رؤية لدى المراقب فيما سيكون مستقبلا. تلك الارض المحررة على ايدي القوات الامريكية والقوات الروسية بكافة فصائلهما ستشكل الدولة الجديدة في المنطقة وهي العراق الجديد الذي ستستقطع منه كردستان مقابل الجانب الشرقي من سوريا وضم تلك الاراضي للسيطرة الامركية ـ العراقية بينما تتمهد تركيا للحصول على الكعكة في شمال سوريا لانهاء تمرد حزب العمال الكردستاني البي كي كي ومنحهم مناطق لهم ضمن رقعة دولة كردستان الجديدة. بينما يحظى الطرف الروسي على الساحل الغربي كليا والجزء الغربي واجزاء في الوسط من سوريا لحماية الاسد والحكومة السورية الجديدة.

كل شيئ يخضع للتوقيع السعودي في الرياض وأختامه! لكون المملكة الممول والداعم الاكبر للمسلحين في سوريا المناهضين لنظام الاسد. لذا فان الوفد السعودي في بغداد كان مرحبا به لاخطار العراق باخر التطورات على الساحة السورية والعراقية مستقبلا.
الوقوف مع جميع العراقيين على مسافة واحدة هي رسالة واضحة تشير دلالاتها على ما سوف يجري بعد تحرير الموصل من متغيرات جيوـ سياسية مهمة في المنطقة.

عزل إيران:
هناك تحدي كبير يواجه المنطقة باسرها وهي الغنائم "السياسية والاستراتيجية" الايرانية في المنطقة: قرر الكونغرس على اثر هذا الامر شطب الحرس الثوري الايراني من قائمة الارهاب مقابل التنازل الايراني الشامل من العراق وسوريا والكف عن دعم الحركات والمليشيات الموالية لها. كما ان التحالف الامريكي ـ العربي ـ الاسرائيلي ضد ايران هو رسالة تمهد حسم هذا الموضوع كليا. ويبدو ان الادارة الايرانية قد استجابت لهذه المطاليب وتلتزم الصمت "الخطير" الان لكنها تعلم ان التنازل عن اي مكسب يجب ان يكون مدفوع الثمن مقدما فإنها تعمل خلف الكواليس مع نوري المالكي لاضعاف سياسة العبادي وتوجيه ضربات موجعة لساسته وللامن الداخلي. ويبدو ان سقوط ورقة نوري المالكي هي القادمة لانهاء التدخل الايراني ومليشاته التي تسيطرعلى كافة اقطاب القوى الامنية في العراق. كما ان ايران لازالت تعول على بقاء ذات الوجوه العميلة لها داخل العملية السياسية عبر دفعهم نحو طرح تسويات لم تعد ذات مصداقية عالية تارة وعبر الضغط نحو انتخابات تمهد هي الصناديق لعملائها مسبقا مقابل اموال طائلة تحول للحكومة الايرانية بعد الانتخابات مباشرة عبرالارباح التي تجنيها الاحزاب الموالية لها من الاتجار بالمناصب والاستحقاقات والامتيازات. كما ان كافة الاحزاب تدفع لايران جزء من ارباح العراق من النفط مقابل التسليح والتدريب للمليشيات الموالية لها والمشاركة في علميات التحرير تحت امرة قاسم سليماني ومسجدي ونوري المالكي وفالح الفياض. الرسالة السعودية ـ الامريكية لحيدر العبادي واضحة هنا وهي انهاء كل هذه التدخلات كليا.

تأمين استقرارالمناطق المحررة:
لن تتحرر المناطق كليا بعد تحرير الموصل ولهذا السبب ستكون هناك تحديات كبيرة امام الجيش الامريكي وحكومة بغداد لايجاد الطرق المناسبة لاستتباب الامن واعادة النازحين اليها. فاكبر تحدي سيواجه الجميع هي الجيوب والخلايا النائمة بين الاحياء السكنية في كافة المحافظات المتحررة ناهيك عن الاعمال الانتقامية والارهابية التي تقاد من قبل دول اقليمية تعتبر التواجد الامريكي هو تهديد لمصالحها وعرقلة لتصدير مآربها وافكارها للعراق. لذا فان بناء قواعد امريكية واجنبية في المحافظات المحررة واستتباب الامن فيها امر لا بد منه للمضي قدما في عملية بناء الاجهزة الحكومية والبنى التحيتة واعلان تلك المناطق اقاليم فيدرالية ضمن السيادة العراقية ـ الامريكية. هنا يتطلب الامر الكثير من الحوار مع الوجهاء وشيوخ العشائر بعيدا عن اؤلائك الذين ينهبون المال العام ويستغلونه لبناء مليشيات خاصة بهم من محافظين سابقين ومدارء عامين. يجب على اهالي المناطق المحررة المشاركة الفعالة في بناء مناطقهم والحفاظ عليها عبر انتخابهم لوجوه جديدة تتحمل المسؤولية العالية امام المجتمع والارض وتتفاعل بايجابية تامة مع التواجد العسكري الامريكي. الرسالة السعودية تحتوي في فحواها على مسؤولية حماية العرب السنة تحت الوصاية الامريكية حصرا.

USAID
المنظمة الامريكية للمساعدة في اتمام مهام الجيش الامريكي في العراق والتي يعرفها الجميع منذ عام 2003 ستعود إلى المناطق المحررة لمشاركة الجيش الامريكي في عمليات البناء والاعمار وتصنيف المشاريع وتوزيع الاموال بشكل صحيح على الشركات التي ستتوافد بكثرة ووفرة للحصول على عقود كبيرة في الاعمار الممول دوليا ومحليا. كما سيكون لاوروبا وخاصة المانيا التي منحت العراق 500 مليون يورو للاعمار دورا رائدا في الزراعة والصناعة. ايضا سيكون لدول الخليج العربي الحصة الكبيرة في القطاع الخاص الاستثماري في هذه المناطق.

التغيير الجذري في السياسة العراقية
سيتحمل كافة الساسة الحاليين قرار التحالف الدولي القادم و الذي يقضي بتغيير العملية السياسية العراقية برمتها نحو تاسيس دولة علمانية ليبرالية مدنية ذات مؤسسات شفافة وواضحة لا يسمح فيها باي تدخل ديني او طائفي في المنظومة الادارية الحكومية او القضائية او الدستورية. وكذلك لن يكون لاي من الاحزاب الحالية مكان في الدولة العراقية الجديدة بسبب ماضيهم الذي لم يخلو من الفساد والنهب وتخريب الدولة بشكل ممنهج ومدروس.

انهاء الاسلام السياسي في العراق كان ايضا اللقمة الكبيرة التي تخنق انفاس السعودية والعراق وايران لكنها ستتحول إلى واقع حال لا يمكن التراجع عنه ابدا والذي ستبدا ملامحه تطوف فوق الافق بعد تحرير الموصل واعلان البديل السياسي عن كل هذه العصابات الدينية التي افسدت العراق بالكامل من الناحية الفكرية والعقلية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. سيكون للدول العربية كلمة في هذا الامر وكذلك تقسيم السلطات في المناطق المحررة والمناطق المستقرة في جنوب العراق.

الجنوب العراقي سيتغير
تسعة محافظات تعيش منذ 144 عام في وحل من الفساد والخراب ولا اعمار ولا اي تطور ملحوظ فيها. محافظة نينوى ستكون قاعدة الادارة الامريكية لتحرير كل العراق وتنظيفه من براثن الفاسدين والمفسدين وعصاباتهم الاقتصادية بتعاون اهالي تلك المحافظات والتي ستتقوى عزيمتهم للقضاء على وحول الفساد والجريمة المنظمة في حقول النفط الجنوبية. هنا سيتدخل حلف الناتو المستقر في الكويت لانهاء كل هذه الفوضى. البصرة ستكون ركيزة مهمة جدا للقواعد البريطانية الامريكية في الحفاظ على امن الملاحة البحرية والحدود مع ايران.

لذا لايمكن التحدث الان عن اي متغيرات آنية إلا بعد تحرير الموصل بالكامل واعادة العراق "إلى مجاريه الطبيعية"...

 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter