| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

قرطبة عدنان الظاهر

 

 

 

                                                                                     السبت 19/5/ 2012



عن الفلم العراقي إبن بابل
للمخرج محمد الدراجي

قرطبة الظاهر 

فلم عراقي من اخراج السيد محمد الدراجي عُرِض يوم الاربعاء المصادف 16/05/2012 على قناة العراقية في تمام الساعة العاشرة بتوقيت بغداد. الفلم يتحدث عن أم وحفيدها من كردستان تبحث عن ولدها الذي تم سجنه في أحد سجون صدام في الناصرية. وتبدأ رحلة البحث عنه بثلاثة اسابيع بعد سقوط النظام عام 2003 حيث الاجواء الملبدة بالنيران والركام ..تبدأ الجَدةُ رحلتها في ربوع جبال كردستان وعلى متن سيارة قديمة تدفع اجرتها (500 دينار) ثم تواصل سفرها عبر بغداد (العلاوي) بحثا عمّن ينقلها وحفيدها إلى الناصرية. وتبدأ معاناة السفر بين رضوخ الانسان إلى مشقات الطريق ووجود الطيبة الفطرية للناس وتعاونهم وتماسكهم عن طريق المساعدة والاحساس بالمسؤولية تجاه بعضهم البعض. تستريح الحافلة في وسط الطريق في بابل..الطفل احمد يذهب لقضاء حاجة وقد تعلم من سائق السيارة الكردي ان يقول : إني ذاهب أسأل عن صدام!. لكنه وجد تاريخ وطنه شامخا امامه وبدأ يتمعن به متلمسا الجدران متسلقا فوقها. السيارة تستمر في الطريق حتى الناصرية. الجدة تحضر حفيدها لرؤية والده وتقوم بغسل وجهه وجسمه بقطعة قماش من نهر الفرات ثم تلبسه ثيابا انيقة. يشكر الطفل جدته بغسل وجهها من تراب الطريق ثم يمضيان نحو سجن الناصرية. يتفاجأ الطفل احمد بما يرى من مشاهد امهات ثكالى واقفات يلطمن عند سماع استشهاد ذويهن. يتوجه احمد إلى الشيخ الذي يحتفظ بقائمة المفقودين في سجن الناصرية ليساله باللغة العربية عن والده ابراهيم لكنه لا يجده في القائمة. ثم يمضيان في البحث في جامع يصطحبهم الرجل رزّاق الذي كان يعمل في شمال العراق في الحرس الجمهوري ومارس شتى اعمال الاجرام بحق الكورد. الجدة تطلب طرده لكنه تمسك بهم لاحساسه بالذنب بما اقترف ويقوم بمساعدتهم في البحث..يبحثون في المقابر الجماعية ثم يستمرون في البحث صعوداً حتى قضاء المحاويل ليفاجأوا بحجم الكارثة..الجدة تنهار ومرضها لا يسمح لها بالاستمرار في البحث فينتهني الفلم بوفاتها أثناء البحث مستعرضين الحاضر والماضي: بوابة عشتار .. ثم يعزف احمد على الناي...

اجمل مفاتيح هذا الفلم هو الناي الذي ورثه الطفل احمد من والده المفقود والذي لا يفارق يديه وهي دلالة على إستمرارية الحياة وانه هو من يحمل روح الوالد الفقيد والموسيقى هي تنقية وتطهير للروح ولحن للامل مهما كانت الحان الناي حزينة فإنَّ الامل موجود في ابناء الشهداء حتى لو كان الحزن والامل يفوقان طاقات الاطفال فانهم لا يكفون عن العزف. المعطف الذي ورثه الطفل احمد عن ابيه وهو معطف العسكرية يرمز للعنف وللحروب ولذاك الزمن. الطفل احمد يريد ان يكون جنديا عندما يساله رزاق لكنه يتخلى عن المعطف ويقرر ان يكون عازفا للناي..السلام بدل العنف..الحياة بدل الحرب..البناء بدل الدمار...
الجدة تعلم حفيدها العفو والتسامح: بداية صفحة جديدة مع النظام الجديد .. التسامح مع النفس ومع الاخرين..ثم تسامح الجدة المجرم رزاق الذي يطوي هو صفحة الماضي بطريقته عبر مساعدة الجدة في البحث عن ابنها بين رمال جنوب العراق..
الاثار: بابل رمز الحضارة والنهوض والشموخ والقوة. الطفل احمد يحلم بزيارة اثار بابل وهو ينظر بشغف وبدموع إلى تاريخه عند وفاة جدته في الطريق. بابل توحي له بأن العراق لا يموت وترسل له رسالة بان عليه ان يعزف على ناي والده لحن الحياة..
بائع السكائر: طفل يبيع السكائر في العلاوي في بغداد. يقوم احمد بمساعدته في البيع ويصبحان صديقين. العربي والكردي ..الوطن يتلاقى من جديد..الوطن العراقي يجتمع في العاصمة بغداد بين اطلال الماضي ودخان الحرب لتستمر الاخوة وليستمر المصير الواحد. الحافلة مليئة بالبشر فتقوم الجدة بعبور حفيدها احمد عبر نافذة الباص ثم تقفل ابواب الباص ويمضي ويبقى الحفيد في الشارع يحاول اللحاق بالحافلة.. يركض الطفل بائع السكائر لمساعدتها ويسرع وراء الباص لايقافه. تقف الحافلة ويصعد الطفل ويفسح الطريق للجدة لتلتحق بحفيدها في الحافلة. المسؤولية والتعاون والطيبة والاستعداد التام لقبول الاخر بالفطرة هذه صفات العراقيين ..
في الطريق تتعطل الحافلة. الطفل احمد يطلب إسترجاع الأجور من صاحب الحافلة. يتردد صاحب الحافلة ثم يقوم بأعادة ما سبق وأنْ تقاضى من أجور للطفل الكردي لكنه لا يعيد أجور بقية المسافرين من العرب فينشب الشجار بينهم.

اتمنى للمخرج محمد الدراجي كل التوفيق واهنئه على عمله الرائع الذي يستحق الاوسكار للافلام القصيرة..لقد جسد قصة معاناة شعب ذاق مرارة النظام السابق لكنه لا يستسلم طالما هناك شمس تشرق وعشب ينمو ومياه تجري..وطالما هناك بابل في العراق ...











 

 

 

free web counter