| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

قرطبة عدنان الظاهر

 

 

 

                                                                                     الثلاثاء 19/3/ 2013

 

دائرة البعثات / وزارة التعليم العالي العراقية  
وعملية اجتثاث الكفاءات العائدة
الشهادات الالمانية نموذجا!

قرطبة الظاهر 

لا اخفيكم ابدا أنني كنت قد استبشرت كل الخير ومنذ 2003 عندما دخلت العراق عبر الحدود البرية قادمة من عمان / المملكة الاردنية وقد دخلت بلا سمة دخول رسمية فقد كان كل شي جديد. الفرحة، الامل، الناس، اهلي الذين فارقتهم 25 سنة انذاك..قفزت من السيارة اركض غير مصدقة أنني عدت للعراق ..عدت إلى الوطن الذي كرهني وحاربني ونفاني إلى سجن الاغتراب المؤبد ..لم افهم في طفولتي اسباب كل هذا الظلم والتمييز والملاحقات. لكن يكفيني اليقين انه كان ظلما ما بعده ظلم.. ان يكون الانسان مشردا محروما من كافة حقوق الحياة داخل وطنه ولا يعرف إلى اين يمضي وما سوف يفعله به مصيره..فقد كان مجهولا..كنت طفلة لا املك سوى احلامي وعالمي الصغير..مضت السنوات عشت كل صنوف العذاب والظلم وشاء القدر ان يحرمنا الطاغية في بغداد حتى من هوياتنا ومستمسكاتنا فقد اسقط عنا احوالنا المدنية الامر الذي اجبرني على تملك جنسية جديدة لوطن جديد اسمه المانيا. لم اصدق عند عودتي أنني قد تحررت كما تحررت كل النفوس من الخوف والبطش والملاحقات والاعدامات والحروب والانفال والغازات السامة والمقابر الجماعية..وقفت مصدومة لوهلة فوق ارض قاحلة في عراء الصحراء الغربية..نعم، لقد عدت إلى الهولوكوست إلى المحرقة إلى جهنم طاغية بغداد دون استاذان منه او من جلاوزته واجهزته القمعية هذه المرة، ولن يحرمني اي احد بعد كل هذه السنين من ارضي ومن اهلي ومن نخيلي ومن دجلتي كائن من يكون..ولكن.....

كنت كلي تفاؤل عند رجوعي مرة اخرى إلى العراق عام 2009 وكنت اعتقد بان بلدي الان اصبح بحاجة لي ولكل الكفاءات والعقول المهاجرة لكنني واجهت حملة انتقامية عشواء ضد ثروة العراق الفكرية والبشرية. اكثر من 400 أخصائي من خيرة الاطباء والمحامين والقضاة والمهندسين والاعلاميين والاساتذة تم إغتيالهم في الحقبة السوداء ما بين 2004 حتى 2008. لكني لم اقطع الامل: دخلت دائرة البعثات التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وكان وزيرها انذاك السيد ذياب العجيلي. قدمت كل اوراقي بغية تعادل شهادتي الجامعية الالمانية من فئة "الدبلوم الالماني" وهي اعلى شهادة اكاديمية علمية في المانيا من الجامعات. بعد فترة من الوقت استدعتني دائرة البعثات لمعرفة نوعية الدراسة في المانيا وبعد ان قدمت محاضرة كاملة قيل لي بان شهادتي لا تعادل إلا "بالدبلوم العالي" لكونها لا تحتوي على النقاط التي احتاجها للماجستير. نقضت هذا القرار وقدمت كتابا من الجامعة يثبت بان شهادتي لا تعادل إلا بالماجستير لانها تعتبر في المانيا أعلى من الماجستير. وبعد النقاشات قيل لي: "عودي إلى المانيا واكملي الدكتوراه"!! اجبتهم: اعطوني زمالة ومال وسامضي لاكمال الدكتوراه كما درستم انتم على حساب النظام السابق وانا كنت احسب القروش لاتمام دراستي..طالبت بالانصاف والحق لكن دون جدوى..عند خروجي من الدائرة هذه قال لي احد الموظفين: "لا يعادلون شهادتك لاسباب سياسية فأنتي مرشحة مع رجل دين شيعي معمم" !!!!!.....

عدت مرة اخرى إلى دائرة البعثات عام 2012 على امل ان تكون وزارة السيد علي الاديب افضل من وزارة السيد العجيلي. لكنني فوجئت وصعقت بمعاملة الموظفين. لقد ادعوا بان لا يوجد لديهم ملفي وقد ضاع مع الملفات الاخرى!! استغربت كيف يضيع ملف في دائرة حكومية مسؤولة عن خدمة مواطنيها وهي حكومة منتخبة من قبل الشعب!!

توجهت إلى المفتشية للاستفسار عن كيفية تضييع ملف مواطنة عراقية مهاجرة قسرا من العراق لم تتمتع بحياتها في دراستها على نفقة حكومة او مؤسسة كما انتفع البعثيون وازلامهم من العرب في دراساتهم في الخارج..كيف يضيع ملفي ومن حرص على تضييعه؟؟ بعث المفتش العام معي مسؤولة لدائرة البعثات للتحري في قضية ضياع ملفي وإلا بنا فجاة نرى ملفي امامي قد خرج بقدرة موظفة توجهت إلى الارشيف المبعثر حيث رأيت شهادات من روسيا تابعة لاحد المواطنين العراقيين ملقاة على الارض وتحت اقدام المشاة!! هل هذه هي كرامة الانسان الكفوء في العراق الجديد؟؟

توجهنا إلى احد المسؤولين في القسم حيث امر بالاجابة على طلب المفتشية في البحث عن الملف واكتفى بهذا الامر بدلا من ان يجد حلا لموضوعي. جائتني احدى الموظفات قائلة باعلى صوتها ان شهادتي غير معترف بها كوني قد تخرجت عام 2009 أي قبل  قرار برشلونة لعام 2010 الذي يقتضي بتعديل جميع الشهادات في الاتحاد الاوروبي إلى نظام البكلوريوس والماجستير.

ذهلت وقلت لها لا صحة من هذا الامر لان الدول والحكومات في اوروبا لا تستطيع الاستغناء عن عقولها ولا تستطيع ان تعتبر شهاداتها الاكاديمية بعد 2010 غير نافعة. توجهت إلى البيت لاتاكد من هذه الاتفاقية فاتضح بان الاتفاقية تنص على تعديل الشهادات اعتبارا من 2010 وان المانيا قد وافقت على هذه الاتفاقية بشرط ان تعادل كافة شهاداتها من فئة الدبلوم إلى على الاقل الماجستير او ما شابه ذلك. لكن الاخوة في دائرة البعثات لم يفهموا فحوى هذه الاتفاقية فعدت إليهم في اليوم التالي لاناقشهم على ما جاء في هذه الاتفاقية لكني فؤجئت مرة اخرى بمعاملتهم السيئة وادعاء معاون المدير العام علي بانني قمت بشتم الموظفين اثناء تاديتهم لواجبهم وسبهم!!! حمدت الله وشكرته بانني لم اتي إلى هذه الدائرة لوحدي فقد كانت امي او احد المقربين دائما بصحبتي وشاهدوا بام اعينهم كيف كنت اتعامل انا مع الموظفين وكيف كانوا هم يعاملونني. وايقنت بان الاخوة في دائرة البعثات لا يريدون عودة الكفاءات ولا يرغبون في معادلة الشهادات العليا لانهم لا يريدون منافسين لهم في الدولة وخاصة وانني اسعى جاهدة للحصول على حقوقي المسلوبة من قبل النظام السابق وهذا ما لا يريدوه بالطبع ايضا كون بعض منهم محسوب على اجهزة النظام السابق. بعد اجراء اتصالات عدة طرح اقترح علي معاون المدير العام اجراء مقاصة دراسية للحصول على الماجستير. رفضت هذه الفكرة وقلت له بان مستوى الدراسة في المانيا اعلى بكثير من مستوى الدراسة في المدارس والجامعات العراقية وخاصة وانتم تبتعثون سنويا طلابكم إلى المانيا!! يا ناس شهادتي من المانيا وليست من الصومال او الهند!!!

إنني ومن خلال ما عانيته من هذه الدائرة اتوجه إلى الحكومة العراقية وبالاخص إلى لجنة التعليم العالي البرلمانية وإلى رئاسة الوزراء للنظر بحل دائرة البعثات والغائها بالكامل كونها احدى مؤسسات النظام السابق والغاء قوانين البعث فيها والحاق مكاتبها بالوزارة مباشرة وتحت اشراف الوزير نفسه لانني على يقين بان معالي الوزير لا يعلم بما يدور في هذه الدائرة .. كما اطلب بفتح تحقيق شامل بموضوع تعادل الشهادات الالمانية من فئة الدبلوم الالماني ومحاسبة المقصرين من الموظفين الذين اساؤوا التصرف والسلوك والعمل لخدمة اهلهم العائدين... أنا اطالب بانصاف كل المتضررين من النظام السابق من المهاجرين والمهجرين قسرا وادعو المعنيين في وزارة التعليم العالي لفتح قنوات مباشرة للحوار مع وزارة التعليم الالمانية ومع جميع الاقاليم الالمانية لمعرفة نظام الدراسة في المانيا وفي الاتحاد الاوروبي. كما اطالب بمؤتمر للكفاءات العراقية العائدة في بغداد وفي الخارج للنظر في مسئلة الشهادات العلمية وقانون الكفاءات وارجاع الحقوق للمتضررين من ابناء الشهداء والمفصولين والسجناء السياسيين المغتربين والكف عن مؤامرة اجتثاث الكفاءات العائدة إذ إننا لن نسكت عن حقوقنا المسلوبة ..

 

free web counter