| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

قرطبة عدنان الظاهر

 

 

 

                                                                                     الثلاثاء 15/2/ 2011



هناك صحوة في ضمائرنا!

قرطبة الظاهر 

توقدت شرارة غضب من روح محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد فأشعل بنفسه النار تأجج مداها في كل ارجاء تونس مخاطبا ومعاتبا القلوب والضمائر النائمة والمستسلمة لوضعها التعيس والمعيشة المرة والحياة المليئة بخيبات الظن والامل للشباب الباحث عن نفحة حرية وحياة كريمة وفرص عمل تعيد للشباب الاكاديمي الطموح والمبدع عزة نفسه وأحساسه بانه جزء مهم وعنصر فعال في بناء ونمو وتطوير بلده لا يمكن على الاطلاق احتقاره وتجاهله وإهماله بل وإجباره على ترك وطنه والتشتت في اصقاع الارض بحثا عن وطن بديل. أطفأ بائع الخضار البوعزيزي حياته ومستقبله لكنه وهب لاهله، لشعبه وللاجيال القادمة شمعة الامل والتفاؤل بمستقبل أفضل فاتحا أبواب الحرية والتحرر من الايديولوجية الفردية والانانية السياسية السادية المتمثلة بعبادة الرئيس وتسلطه على المرؤوس واحتقار مشاعره والإستبداد بعقله وفكره ومصادرة جميع احلامه وطموحاته. لقد أيقظ ألبو عزيزي الحالمين والمتعذبين والمغتصبين والمتسكعين والمظلومين والمشتتين في مشارق الارض ومغاربها..ايقظهم جميعا من نومهم المورفيني العميق العقيم الذي أصيبوا به كما أصاب جميع الشعوب العربية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا عقب الحرب العالمية الثانية وتكوين الجمهوريات الوهمية. أقول وهمية لان اكثرها إن لم تكن جميعها تأسست أما برعاية المستعمر أو بإنقلابات عسكرية متعجرفة ودموية.

لا أدري إنْ كان البوعزيزي يتردد في حياته على مقاهى الإنترنت أو أجرى حوارا مع اقرانه في العالم عبر شبكات الاثير. لكني اجزم بأن من أخلفه بذات شرارة الغضب فاتحا ابواب الثورة العربية الكبرى على مصراعيها هم جلهم من اجيال تكنولوجيا المعلومات والعولمة العالمية والثقافات العامة المتنوعة التي استمدوها من غرف البالتوك والماسنجر والهوتميل ومواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتويتر، ناهيك عن المصادر التي يستنبطونها من مواقع الانترنت وتبادل المعلومات والبريد الالكتروني الذي يتواصل من خلاله اكثر شباب الوطن العربي مع بعضهم البعض بشكل دائم ويومي. لا أنفي أيضا بأن صحوات الضمير جاءت على أثر الانفتاح الاجتماعي وتعدد الافكار والثقافات بين الاجيال المغتربة خارج اوطانها والاجيال المتعذبة داخل اوطانها. فإنَّ الاخيرة كانت تبحث عن بصيص أمل وعن مخرج معقول من وضعها المأساوي ومن معاناتها التي اصبحت لا تحتمل في ظل اجواء التخلف الاجتماعي وتقييد الحريات على الشباب ومصادرة الحقوق العامة للناس وتكميم الافواه بقوة الارهاب والتعالي الحكومي والفساد العلني المكشوف وتدمير الدولة اقتصاديا وإجتماعيا وحضاريا بطريقة متعمدة من قبل فئات أمية جاهلة لا يحمل اكبر مسؤول فيها أية شهادة علمية معترف بها عالميا او دوليا او حتى محليا. ناهيك عن سياسة الطمطمة والتستر على الوضع العام واعطاء صورة نمطية واهية ومزورة للمجتمع الدولي مثل شهادات المسؤولين ونتائج انتخابهم وأنَّ البلاد وامورها تمضي على احسن وجه وأن الاستقرار والامان مستتبان والشعب يعيش في رفاهية وهناء. لم يستفد أحد من ابناء الوطن من مقدرات وطنه وإيرادات موارده الطبيعية والمادية إلا الطبقة الحاكمة المستبدة التي قامت بتقسيم الشعب إلى طبقات منتفعة ومتنفعة وطبقات معدومة ومحرومة ومجتثة من ابسط الحقوق وكأن الله لم يخلق البشر سواسية! وهذا الامر نلاحظه اليوم في كل البلدان العربية وعلى رأسها العراق. فالاحزاب التي جاءت بعد 2003 وتشعبت والتصقت في العراق معززة قواها المليشياوية والامنية لا دفاعا عن الوطن او عن الافراد او حتى عن حقوق المواطنة الدستورية بل دفاعا عن المسروقات والغنائم التي استحوذوا عليها ولازالوا يشفطونها على مسامع وانظار شعبهم المحروم والبائس والفقير. جاعلين بذلك من انفسهم الآلهة الجديدة المنزلة من الفضاء متكبرين ومتعالين على حقوق وحريات الناس من خلال سياساتهم المهينة للانسان مثل التحاصص السياسي والاجتماعي القومي والطائفي والجغرافي والتزكيات الحزبية المذلة للمواطن والمنسوبيات والوساطات العائلية والعشائرية وكتابة التقارير على خصومهم السياسيين داخل وخارج العراق وامتهان الجوسسة من خلال تأسيس منظمات مجتمع مدني وهمية داخل وخارج العراق. إنهم يتجاهلون دستورهم الذي كتبه المحامي اليهودي فيلتمان لهم. لقد استخدموا ماكنة جديدة للاستحواذ على عقول الاميين والمغفلين والمستضعفين وهي ماكنة الدين والتطرف الطائفي وممارسة الشعائر الطائفية طوال السنة كدعاية مجانية لتحشيد اكبر عدد ممكن من البشر ولتعزيز قاعدتهم الشعبية كي لا يحاسبهم احد على فسادهم وعلى سلطانهم وعلى إرهابهم وجبروتهم وطغيانهم المعلن والسري والمبطن تارة وتارة أخرى من اجل تجهيل الشعب واستحماره وأحتقاره كونه شعباً جاهلاً أميّاً فلا بأس من بقائه في وحل الامية والجهل والتخلف!!!. وكي لا يراهم او يسمعهم احد وهم يجرون اكبر عملية بيع للوطن غير مبالين بمصيره وبسيادته وإعماره على احسن وجه والإفادة من تجارب الدول المتحضرة وجلب الاستثمارات الاجنبية وفتح فرص عمل للجيوش الشبابية العاطلة عن العمل. اصبحت ذمم البلطجية تباع وتشترى في اسواق المنطقة الخضراء الحرة من هواياتهم وتقنياتهم شأنها شأن المتاجرة بالبشر، نساء وأطفالا ورجالا لانهم هم الذين يحكمون ويتحكمون بحياة ومصائر البشر ولانهم يعتقدون بأنهم هم من خلق الانسان ووهبه الملبس والمأكل والمشرب والشهادة الجامعية والمستقبل الزاهر لا غيرهم كما فعل زين العابدين بن علي وحسني مبارك وصدام حسين الذي البس شعبه النعال برجليه متبجحا ذلك في خطاباته الرنانة ليل نهار!!! لقد اعتقدوا وظنوا بأن الشعب خانع وساكت على ما يفعلونه ولانه خانع وساكت فإنه قابل بكل ما يقع عليه من مآسٍ مستديمة. لكنهم اخطأوا الظن..نعم أخطأوا لأنهم لم يتقنوا قراءة كتاب الامير لنيكولو ميكيافيلي بإمعان والذي حذر الامير من مغبة قيام سلطة الشعب وسلخ السلطة من المتسلط بذات القوة والوحشية التي استخدمها الحاكم إبان حكمه للامارة. وأخطأوا ايضا الظن عندما إعتقدوا بأن تعزيز السلطة والنفوذ والجاه والمال والتحكم بمصائر الشعب بعشوائية تامة يأتي من خلال تكوين مليشيات تدافع عن المتسلطين في السلطة فإن ميكيافيلي حذر من أن تتحول هذه المليشيات إلى عناصر بلطجية تقتل وتنهب وتمارس شتى انواع الجرائم بحق المرؤوسين دون محاكمة أو انتقام. إني هنا اعيد هذا التحذير على مسامع المسؤولين الكبار ورؤساء الاحزاب الحاكمة في العراق: عليكم أن تعالجوا سياساتكم باسرع وقت ممكن وتحققوا العدالة الاجتماعية وتكفّوا عن كل اساليب التسلط والعنف والسجون الخفية والمخبرين السريين وبلطجة المليشيات وتعيدوا كتابة الدستور على أن يكون دستورا من الشعب للشعب وأن تقدموا كافة الخدمات الانسانية والبلدية والادارية للمواطن وتعيدوا النظر في ملفات الفساد مع استرجاع المال العام للشعب والذي يقدر الان ب360 مليار دولار وتوفروا للشعب بيئة بشرية نظيفة خالية من الكلاب السائبة والشوارع المليئة بالاتربة والنفايات والمولدات المسيئة والمضرة للصحة وأستبدالها بمحطات متنقلة كهربائية حتى يتوفر الكهرباء الوطني بشكل منتظم دون انقطاع ودون تكلفة عالية على المواطنين. كما انصحكم بأحترام المتقاعدين والمسنين الذين خدموا العراق لسنوات طويلة على أن ترفعوا وتحسنوا مستواهم المعيشي وتوفروا كل الخدمات اللازمة لاهلنا المسنين في الخارج كي يتسنى لهم تقاضي رواتبهم بأنتظام. خلاف ذلك هو الاستمرار في الفساد وتفشيه وإهمال المواطن وهذا سوف يؤدي دون شكٍّ إلى صحوة جماهيرية شعبية قد بدأت في الضمائر البشرية العراقية وربما تنتهي برحيلكم جميعا....لا نلوم انفسنا بما جرى وحل بنا في الازمنة الماضية لاننا قد استفقنا من الابرة المنومة وذلك بلهيب نيران مشتعلة في جسد إنسان فقير ثار في وهلة على الظلم ليوقد شعلة الحرية..



 

free web counter