| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

قرطبة عدنان الظاهر

 

 

 

الجمعة 13/8/ 2010



أحزاب وإرهاب

قرطبة الظاهر 

يتساءل الوسط العراقي عن العلاقة ما بين حركة الاحزاب الحالية في الساحة السياسية وبين التصعيد المستديم لاعمال العنف التي جاءت متزامنة مع صراع تشكيل الحكومة وبقية الازمات الاخرى المستعصية مثل الكهرباء والوقود. في الوقت الذي اصبح الشارع العراقي على وعي تام في ما يحصل من صراعات سياسية تديرها وتقودها وتحركها في اكثر الاحيان دول الاقليم العربي وغير العربي. معظم الاحزاب الكبرى في العراق مرتبطة بشكل واضح مع دول الاقليم إرتباطا سياسيا تاريخيا من خلال معارضتها للنظام السابق إذ ارتأت بعض الدول مثل إيران وسوريا إلى توطين المعارضة العراقية وتكوين أحزاب و حركات ميليشياوية يكون واجبها الانقلاب على النظام الجائر في العراق والعمل بعد ذلك على اجندة تمليها هذه الدول المضيفة عليهم. وقد صرفَ العديدُ من الدول المانحة والمساندة للمعارضة العراقية ملايين من الدولارات لاسناد قوة شعبية تقارع النظام الصدامي وتحرر شعب العراق من الظلام والدكتاتورية الدموية. كانت كل هذه الاحزاب مشلولة تماما من حرية وضع برنامج وطني لعراق ما بعد الدكتاتورية بسبب إعتمادها المالي واللوجستي والاستراتيجي والبراكماتي على أجندات الدول المضيفة. واستمر شللها هذا إلى المؤتمر الوطني كحركة دولية معارضة للنظام السابق وبإملاء الولايات المتحدة الامريكية. وسرعان ما تحول مشروع تحرير العراق إلى صراع ما بين هذه الاحزاب التي جاءت عبر الحدود المجاورة وعبر الدبابات والطائرات الامريكية إلى العراق على تقسيم الرقعة الجغرافية حسب الاجندات الخارجية وتوزيع الغنائم الحربية على بعضها البعض. وأستمر مسلسل شلل الحركات السياسية على الساحة العراقية إلى يومنا هذا بسبب عدم إستقلالية الاحزاب من ولاءاتها لدول الجوار. واصبح شعب العراق يواجه تحصيلا حاصلا في عدم الارتقاء بالاستقلالية التامة والحصول على السيادة العراقية او حتى إسترجاعها. فسيادة العراق ليست فقط مرهونه لدى المجتمع الدولي بالفصل السابع بل أكثر بكثير ، إنها مرهونه لدى دول الجوار من خلال أحزابها. وكلما حاولت هذه الاحزاب ان تطرح مشروعا وطنيا لبناء الدولة وتطويره تجمده أو تلغيه أو تدمره اجندات الدول الاقليمية وتفرض مشاريعها الاقتصادية والسياسية على احزابها داخل العراق. عملت هذه الدول جاهدة على إفشال مشروع الديمقراطية والحفاظ على الحريات في العراق دستوريا من خلال تدمير قانون الاحوال المدنية ،على سبيل المثال ، الذي يحافظ على كرامة المرأة وحريتها وإستقلاليتها وكرامتها وإستبداله بقوانين وتشريعات من العصور الوسطى التي تعتمدها دول الجوار غير الديمقراطي وغير المحافظ والمحترم لحقوق الانسان وفرض هذه التشريعات على المجتمع العراقي. إضافة إلى ذلك تعمدت دول الجوار من خلال تدخلاتها المباشرة في تشريع القوانين في الدولة العراقية إلى عدم تقييد أحزابها بها. عملت هذه الاحزاب على كتابة دستور إعتباطي للدولة دون أن ترتبط هي به أرتباطا قانونيا. الدليل على ذلك هو تجاوز المدة الزمنية المحددة دستوريا لتكوين الحكومة دون أي قرار صادر من المحكمة الاتحادية العليا على تجاوز المدة وإلغاء الانتخابات. وحتى الشعب العراقي مصاب بالشلل في تأديته لواجبه الوطني والتحرك في مواجهة هذه التجاوزات والمطالبة بإلغاء الانتخابات.

إضافة إلى ذلك ـ وهذا أخطر الامور ـ أن العراق لحد اليوم لا يملك قانوناً للاحزاب يقلّص عددها ويمنع تمويلها الخارجي ويحافظ على استقلاليتها ووطنيتها وبرنامجها السياسي. لذا تعتبر جل الاحزاب الحالية في العراق دستوريا مجاميع سياسية خارجة على القانون! لكنها في نفس الوقت إستمدت شرعيتها من خلال إنتخاب الشعب لها دون أن يدرك هذا الشعب حجم خطورتها وتأثيرها على ثقافته وحرياته وحقوقه ومصيره ومستقبل وطنه في ظل فقدان شرعيتها الدستورية. وباشرت في تدمير الدولة حسب الاملاءات الاقليمية من خلال شفط المال العام والفساد الاقتصادي وتدمير المجتمع من خلال أختلاق ثقافة متطرفة دينيا وفكريا وعقائديا وقوميا وتكوين مجاميع عصاباتية مافيوزية تقوم بملاحقة وإعتقال وإختطاف كل من يعارض اجنداتها والعفو عن كل المسؤولين الذين إرتكبوا جرائم بحق المواطنين وبحق المال العام وبحق الديمقراطية الفتية. بالاضافة إلى ذلك تبجحت هذه الاحزاب في تقربها إلى الشعب من خلال تكوين منظمات مجتمع مدني أو مؤسسات إعلامية هي في واقعها هيئات موالية للاحزاب ودكاكين لتفريخ فصائل جديدة من الشباب وتربيته فكريا ومعنويا على الالتزام الحزبي وتجنيده عسكريا للدفاع فقط عن مبادئ هذه الاحزاب الموالية لدول الاقليم. في الوقت نفسه تتدخل الاخيرة في فرض قراراتها الامنية من خلال عملائها في الوزارات الامنية والعسكرية. وهي تقرر بذلك إستتباب الامن أو إنتزاعه كليا من العراق وجعله ساحة للفوضى والارهاب. وكلما حاولت الاحزاب فرض إستقلاليتها من دول الجوار إزدادت التهديدات والتحركات الاقليمية في تجفيف الاراضي العراقية وإحتلال آبار النفط وسرقة المصارف وتوزيع العبوات اللاصقة وتصفية الشخصيات السياسية والمؤثرة على المجتمع.

ولان الارهاب له وجوه متعددة وصنوف متنوعة على سبيل المثال شبكات الهاتف النقال الخاصة والتي تملكها الاحزاب ويعود ريعها في اكثر الاحيان إلى مالية هذه الاحزاب ومشاريعها غير البناءة للدولة. تقوم شبكات الهاتف النقال بالتجسس على أفراد الشعب والشخصيات التي لها تأثير في الوسط السياسي من اجل تصفيتها او ملاحقتها او تهديدها أو مد المعلومات الشخصية عن مواطني الدولة إلى دول الجوار. فهذه الشبكات غير خاضعة للحماية الوطنية وليست مرتبطة بالاجهزة الامنية التي من المفترض أن يكون دورها هو الدفاع عن الموطنين وعن أمنهم وأمانهم وليس ترهيبهم.

دعم الاجندات الخارجية وعدم احترام الدستور وعلى رأسه مبادئ وقيم الحريات وحقوق الانسان والمواطنة والاستمرار في تدمير الدولة العراقية من خلال إختلاس المال العام ونشر الفساد بكل أنواعه واشكاله و فقدان قانون الاحزاب ...، كل ذلك سوف يؤدي إلى المزيد من العنف والتدخلات الاقليمية وسيؤدي إلى جعل العراق بقعة بلا سيادة وبلا إستقلالية بل اكثر من ذلك أرضا قاحلة تابعة لاحد اقضية او محافظات دول الجوار مجردة من التأريخ والحضارات وشعباً مُستَعبَداً مُجرَّداً من أبسط الحقوق.

 

free web counter