|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  10  / 4 / 2016                          قرطبة عدنان الظاهر                                   كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 
 

 

ربيعنا العراقي ليس ككل ربيع في الشرق الاوسط!

قرطبة الظاهر
(موقع الناس)

انتهت سياسات جر الحبل ما بين التيار الصدري وحكومة العبادي المتباطئة في اصلاحاتها والتي اثرت سلبا على حياة المواطن العامة اكثر من نفعها مما ادى إلى تزايد الغضب الشعبي ونفور الملايين من الناس امتعاضا لما تقدمه حكومة رئيس الوزراء من اخفاقات لا تجدي نفعا حتى الان في وقت يعتبر المراقبون أن كل ما يقدمه العبادي ما هو إلا شذرات من مهدئات لامتصاص غضب الشارع في الوقت الذي يستمر مسلسل الفساد والنهب وسرقة المال العام على ايدي موظفين تابعين لاحزاب الحكم والسلطة في العراق. وبما أن ظروف العراق تمضي من السيئ إلى الاسوأ تحت وفرة النفط الخام في الاسواق العالمية والمضي قدما في تكنولوجيا الطاقة البديلة فأن العراق اصبح مجبرا على البحث عن حلول ناجعة لملئ خزينة الدولة الخاوية مجددا بعد كشف فساد وزارة النفط وتورط الوزير الاسبق حسين الشهرستاني وزميله عبد الكريم اللعيبي في اكبر صفقة بيع نفط الشعب إلى عصابات ومافيات دولية لا علاقة لها بالشان النفطي ولا تملك اي مصافي نفط علما ان عقد النفط يشترط على المشتري ان يملك مصفى نفط وناقلات نفطية وله شركة فرعية في العراق. كل هذا لم يكُ متوفرا في مجمل العقود مع شركة يونا اويل ومقرها في إمارة موناكو الفرنسية.

ينهمر البعض من المراقبين والصحفيين الدوليين إلى التساؤل ايضا عن ما حققه العبادي من انجازات والعراق ينهار اقتصاديا وسياسيا مع التحركات العسكرية المتقدمة في الانبار ونحو الموصل والتي تمضي ايضا ببطئ بسبب بعض الاخفاقات والمجازفات العسكرية الخاطئة واستنزاف مصادر التمويل العسكري بالرغم من الدعم الدولي للولايات المتحدة ودول الجوار في هذه الحرب إلا أن الاقتصاد العراقي لم يتحسن على الاطلاق والدولة تستمر في سياسة الاقراض لسد العجز في القطاع الحكومي مما سيؤدي إلى ارتفاع الديون على العراق وصعوبة تسديدها مستقبلا. هذا الامر سيعود بنا إلى حقبة النظام السابق التي اغرق فيها العراق بالديون المتراكمة مع الفوائد الامر الذي اجبر ساسة التحالف الدولي على اطلاق حملة اسقاط الديون عن العراق في نادي باريس وبرشلونة. كيف يمكن الان للعراق التخلص من ديونه المتزايدة يوما بعد يوم؟ وخاصة وان العراق لا يملك اي منتوجات اخرى سوى النفط ولا يملك حتى هذا اليوم اي منظومة متطورة صناعية لمشتقات النفط التي كانت من اختصاص النظام السابق حتى فرض الحصار الدولي عام 1991. وكما هو معلوم في التأريخ السياسي ان كلما ازداد حجم ديون الدولة واملاءات البنك الدولي وصندوق النقد ازداد التهديد على أمن الدولة باسرها لان الديون تعني اضعاف مفاصل الدولة الاقتصادية وتصيب عصبها السياسي في صنع القرار مما يتيح المجال للدول التي لا تريد الخير للعراق التدخل في شأن الدولة الداخلي بشكل سلبي جدا وتحل محل العراقيين في صناعة تقرير مصيرهم.

كما ان اعلان العبادي المزعوم بتقليصه عدد الوزارات إلى 16 وزارة اتضح انه مجرد وهم من الخيال كما محاربته للمحاصصة السياسية التي هي اساس نظام العراق السياسي الذي خططت له واعدته القرارات الامريكية ومطابخ ادارة العالم والشرق الاوسط.

ولا بد لنا من الاشارة إلى خطورة الاستمرار في المحاصصة السياسية والتي شلّت الحياة العامة في المنافسة على الشواغر الحكومية بين الخريجيين من الشباب اصحاب الدرجات العالية. كما دمرت مفاصل العمل الوظيفي عبر اشغال مقاعد مهمة في المؤسسات الحكومية عبر ايدي اناس غير جديرين وموظفين فاشلين وفاسدين. والاخطر من هذا الامر هو الاتجار بالمناصب الحكومية. كيف تنتهك سيادة الدولة بهذا الشكل الفضيع؟ هل السيادة اصبحت سلعة لمن يشتريها من النفوس الضعيفة والمستهلكة؟ وايضا يعود السبب في هذا الانتهاك غير المسبوق في عهد الدولة العراقية إلى المحاصصات السياسية: المحاصصة تدمر المنظومة الحكومية وإستمرارها سيشل قريبا كل الدولة الامر الذي سينعكس على الشارع المصاب بالغليان والغضب ازاء تردي الخدمات وفقدان البطاقة التمونية التي اعالت العوائل الفقيرة وتمييز المجتمع بين المنتفع من المتحزبيين والمستقل تماما الفاقد لكل الحقوق والامتيازات في دولة يدعي دستورها ان "جميع العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات"!! إلا أن هذا الدستور المصدّر من الخارج لم يثبت جدارته تجاه المسؤوليين وعصاباتهم ومليشياتهم المسلحة باموال الشعب المنهوبة والمسروقة، بينما اثبت كل الجدارة تجاه المحرومين والفقراء والباحثين عن قوتهم اليومي. المحاصصة تستمر في ابتلاع حقوق الشعب وتدمير احلامه ومستقبل ابنائه المتطلعين إلى عراق افضل يسوده الخير والنعيم للجميع والمساواة في العمل والترفيع والمناصب الحكومية والدبلوماسية. كما ستؤثر المحاصصة على استمرارية المعارك وستعكس كل جوانبها السلبية على الفترة ما بعد داعش..

لن يستطع حيدر العبادي تغيير اي شيئ في العراق طالما تستمر المحاصصة والفاسدون في السلطة لازالو قابعين في مفاصل صنع القرار المصيري للعراق ولن ينجح رئيس الوزراء مطلقا باختياره مرشحين يزعم انهم "تكنوقراط" في الوقت الذي تتسارع كل الصحف لابراز حقيقة مرشحي العبادي بين سلفي، وصدامي وبعثي وفاشل وفاسد..فأن هؤلاء لن يصلحوا ما افسده اسلافهم ولن يصلحوا المنظومة التي طالب باصلاحها السيد مقتدى الصدر تحت شعار "شلع قلع"!...مالم توضع خطط شفافة واضحة لتغيير جل النظام السياسي وابعاد كل الفاسدين والمجرمين وعصاباتهم ومليشياتهم من مفاصل الدولة ثم محاكمتهم جميعا بقضاة جدد نزيهين. خلاف ذلك يستمر ربيع العراقيين إلى الشتاء وإلى سنوات مع تزايد الفشل السياسي وازدياد الديون واطالة الحرب على داعش...

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter