|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  10  / 1 / 2015                          قرطبة عدنان الظاهر                                   كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 
 

 

العراق/ بايدن ينتصر!

قرطبة الظاهر

لم يكُ المجتمع العراقي يعرف انذاك عندما تحولت سلطة التحرير إلى سلطة احتلال بموجب القانون الدولي والاعراف الدولية..لم يك هذا المجتمع على علم بان من جاءت بهم امريكا هم حشود متطوعة لبناء الدولة واقامة نظام عادل يشمل الجميع في توزيع الثروات والحقوق. والانكى من ذلك ان المجتمع العراقي لم يك حتى يعلم بمخطط الاحزاب التي جاءت مع وفوق و وراء الدبابة الامريكية والتي استهدفت تعبئة الشارع العراقي بافكار مسمومة مجردة من الحرية الفكرية والمنطقية لفهم الواقع السياسي. بل جمعت هذه الاحزاب البشر الباحث عن رؤية جديدة، تحت يافطة المذاهب والقوميات وقامت بتعليم الشباب على التطرف المذهبي تمهيدا للحرب الاهلية وتنفيذا للاوامر الامريكية وللمخطط الامريكي التقسيمي المتفق عليه مع جماعات المؤتمر والوفاق والتيارات الاسلامية الاخرى والتي التحقت فيما بعد بالمخطط الامريكي تحت اسم "سلطة الائتلاف المؤقتة". لقد اتفقوا جميعا على تقسيم العراق بين ثلاث مكونات قبل مجيئهم للعراق واستلامهم للسلطة وللحكم! كما اتفقوا على استلام دستور مكتوب في فنادق لندن شرط ان يكون هذا الدستور هو مجرد "اسم" في دولة "وهمية" تحمل صفات شبيهة بالديمقراطية لا اساس لها لاي مقوم من مقومات الديمقراطية او العمل الانساني. فكانت الخطة معدة مسبقا و تم انتقاء منفذيها بدقة. فكانت عملية الانتقاء مبنية على استعداد الشخص ان يعترف اولا بالدولة الاسرائيلية وثانيا ان يكون عبدا مأمورا تحت مسمى "الشريك" لامريكا ولسياساتها ولمخططاتها في الشرق الاوسط. كما يكون على اهبة الاستعداد للقيام باي عملية اجرامية حفاظا على المخطط الامريكي الذي يوقع عليه قبل ان يدخل "مجلس الحكم الانتقالي"!

هكذا بيع العراق لحفنة من السلاطين "الشياطين" الذين لم يك العراق وارضه وشعبه يهمهم بالدرجة الاولى وانما تنفيذ اوامر امريكا باي شكل من الاشكال. ومن اجل بسط النفوذ والسلطة في العراق قاموا بشراء النفوس الرخيصة التي يامروها بتنفيذ عملياتهم الاجرامية. فكانوا يرتدون الالبسة الفاخرة في مجلس الحكم واياديهم تقطر بدماء المغدورين! ثم اتسعت دائرة شراء الذمم كلما توسعت دائرة العصابة السياسية وازدادت الكومشنات المنثورة عليها من عقود وهمية وبمعية مقاولين وهميين! في ذات الوقت قامت هذه الاحزاب بمشروع التحشيد الشعبي من اجل تحييد الشارع وتكميم الافواه وقمع كل من تسول له نفسه بالتظاهر او الاحتجاج على سوء الاوضاع. فاوهموا الناس بانهم جاؤوا من اجل تحقيق الرفاهية والسلم والعدالة لكن حقيقتهم عكس ذلك تماما وهو قتل كل مبادئ حقوق الانسان والمواطنة ومسخها بالكامل مقابل شفط مقدرات العراق وشراء الاسلحة والذمم وتكوين مليشيات تدافع عن جرائم الاحزاب وترهب الشارع والناس وتساهم بشكل او باخر في تعزيز التقسيم المذهبي والقومي.

قامت الاحزاب بتنفيذ مشروع بايدن التقسيمي للعراق عبر مشروع المحاصصة السياسية وهي جزء من تقسيم الحقوق وخاصة بعد احداث 2006. هذه الاحداث كان لا بد ان تقع بعد التستر الكامل على هذا المشروع والذي حان الوقت لكشفه. فكان للجعفري الدور الريادي في تنفيذ المشروع وبمساعدة السيد صولاغ وزير الداخلية انذاك. واصبح من الواضح ادراك ما جرى من تقسيم في المؤسسات والمدن والشوارع والمناطق في بغداد. وبعد أن تيقن الشارع بان الرياح تسير عكس الارادة الشعبية لاقى معارضي مشروع التقسيم عام 2010 مؤازرة دولية كبيرة ضد مشروع بايدن. لكن هذه المرة اختارت امريكا حصان طروادة لم تعرفه من قبل ليكون الخادم المطيع لاوامرها ولسياساتها التقسيمية في العراق، نوري كامل المالكي!

قام هذا الرجل ببسط نفوذه التوسعي تحت مسمى "ولاية بنو مالك" داخل اقبية الوزارة ومؤسساتها فحول كامل المؤسسة التنفيذية إلى "محمية" خاصة به وباعوانه الذين كانوا مستعدين لتنفيذ مشروع التقسيم. وهكذا بدا المالكي يوزع ادوار الجريمة: بيع الاسلحة لداعش، فتح السجون لداعش، قتل المسيحيين في الكرادة وتعزيز نفوذ داعش في بغداد، تغلغل البعث الصدامي في مؤسسات الدولة ونهب المال العام بكل ما اوتي من قوة لتعزيز سلطته وجبروته. هكذا نفذ المالكي مشروع بايدن التقسيمي بحذافيره مقابل تحييد الشارع مرة اخرى وقمع المظاهرات بكل بشاعة واغتيال النشطاء وزج القضاة المعارضين له في السجون وتوجيه مناهضيه تهم الارهاب! كل ذلك فعله المالكي من اجل تنفيذ المخطط. أما ايران! فكانت تتفرج وتدعم المشروع لان تفكيك العراق يكون من مصلحتها للاستحواذ على الجنوب العراقي بالكامل وضمه إلى دولتها لما يحمل الجنوب العراق من مصادر كبيرة وهائلة للطاقة والموارد الطبيعية!

لم يتخلص الامريكان من المالكي لانه كما الجعفري نفذ ما امرته به امريكا بجدارة. ثم جاء دور الرجل الثالث في حزب الدعوة السيد حيدر العبادي. ايضا كأي عبد مأمور سيرضخ للاوامر الامريكية التي تفرض عليه احترام مشروع تقسيم العراق إلى اقاليم. لكن ما يواجهه العبادي واقعا هو شارع محيد ومقيد ومكبل بدكتاتورية المليشيات وقياداتها وميزانية افرغها المالكي ورجالاته قبل رحليه عن السلطة لتجويع الشعب وايهامه بان حيد العبادي رجل ضعيف سيدمر الشعب بميزانية شبه فارغة من المال!

كما ان المالكي يسخر الاعلام و المطبلين من قائمته لشن حملات معارضة لسياسة العبادي من اجل قتله سياسيا وسحب البساط التنفيذي من تحت قدميه كما فعلت ماكنة حزب البعث والقوميين العرب في العراق في نهاية الخمسينيات من القرن المنصرم عندما اقدمت على الانتقام، بعد تنفيذ الاوامر الامريكية، من الزعيم عبد الكريم قاسم.

العراق الان وصل إلى الافلاس بعد ان الحق الضرر بموارده الطبيعية والتي تشرف عليها كبار الشركات العظمى والشعب لم ير من نفطه شيئ ولم يحظ لحد الان بالرفاهية المطلوبة ولا بالعدالة المجتمعية. إيقاف مشروع بايدن التقسيمي يحتاج إلى عقول مفكرة تضع خطط اقتصادية وتنموية وسياسية وقانونية على الطاولة. كي لا تكون المرحلة القادمة مكللة بالحروب الاهلية والنزاع على موارد المياه والنفط والمعادن والبشر...
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter