| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جمال الخرسان

 

 

                                                                                 الأثنين 9/1/ 2012

     

العامرية.. ملجأ الخوف!

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

منذ مطلع التسعينات وحتى هذه اللحظة فإن "ملجأ العامرية" الواقع في حي العامرية غرب بغداد كلما طفى الى السطح حمل معه فصلا جديدا من الالم، وكلما اسدل الستار على قصة من قصص العامرية فتحت ابواب قصة اخرى، فصل يلد فصلا آخر، وهذا دواليك الى حيث لا يعلم النهاية احد.

في الثالث عشر من شباط عام 1991 طفى الى السطح بقوة ملجأ العامرية او ملجأ الفردوس او الملجأ رقم 25 فكلها اسماء لمسمى واحد، طفى الى السطح على خلفية تعرضه الى ضربة جوية من قبل الطيران الامريكي وبصواريخ معدة مسبقا لهذا الغرض، لغة الحرب لا تعرف الرحمة ولذلك قضت على احلام قرابة الخمسمائة ضحية. الامريكان ارادوا ايصال رسالة واضحة لصدام حسين حينها بأن ملجأ العامرية لا يمكن بأي شكل من الاشكال ان يجعله في مأمن من ضرباتهم، كان صدام حسين يعوّل كثيرا على ملاجيء مشابهة ووفقا لما نقله بعض الحاضرين هناك فأن صدام حسين لم يكن بعيدا عن موقع الانفجار قبل ساعات من الضربة.

تلك الواقعة البشعة جعلت من إسم الملجأ مادة دسمة لوسائل الاعلام وكذلك للتوظيف السياسي من قبل نظام صدام حسين، فدار حينها جدل حقوقي واعلامي كبير حول هوية واهداف الموقع، هل هو مخصص لحماية المدنيين ام لاغراض اخرى؟!

على خلفية تلك الضربة ايضا وجهت اصابع الاتهامات الى شركة "YIT" الفنلندية التي تكفلت بتصميم وتنفيذ الملجأ فيما يخص بيعها خرائط الملجأ الى الولايات المتحدة الامريكية، ما يرجح ذلك ان الملجأ شديد التحصين بني خصيصا لمقاومة الضربات الصاروخية، كما ان الصواريخ كانت موجهة لاستهداف الملجأ من خلال فتحات التهوية.

بعد سنوات عاد ملجأ العامرية او الفردوس الى الواجهة من جديد حينما قررت السلطات العراقية عام 2002 تحويل الملجأ الى مقبرة جماعية رمزية للضحايا الذين سقطوا فيه وبني حوله نصب تذكاري كبير يحيط جزءا كبيرا من الملجأ بالعلم العراقي، بل كانت تؤخذ الوفود الاعلامية وبعض المسؤولين الوافدين الى العراق آنذاك الى حيث الملجأ.

اشباح الذكريات الحزينة لا زالت تلاحق ذلك المكان الغريب، مكان يبدو ان لعنة ما حلت فيه فتحوّل الى رمز للموت والخوف.

بعد عام 2003 استخدم ملجأ العامرية ذي الطوابق الثلاثة المحكمة لاغراض اخرى، اصبح ملاذا آمنا ولكن للعبوات الناسفة، ملاجؤنا لا تحمي المدنيين ولكنها تحمي العبوات الناسفة وما لفظته الحرب، خزنت فيه الاسلحة، واودع فيه العديد من المخطوفين قبل ان يرحّلوا قسرا الى دار الخلود او ربما يحظون على غير العادة بحياة جديدة. كما كانت احدى الجهات السياسية المتنفذة هناك تستخدم الملجأ لتدريب وتأهيل بعض كوادر ذراعها المسلح لاغراض عسكرية خاصة جدا.

اما اخر فصول العامرية هو ما تناقلته وسائل الاعلام مؤخرا عن وقوع تفجير في ملجأ العامرية اثناء تجهيز عبوات ناسفة من قبل بعض الارهابيين، ادى الى مقتل بعضهم والعثور على اسلحة ومواد تفجير. بلا شك لن تكون هذه الحادثة هي الاخيرة في حلقات خوف ملجأ العامرية، فهذا الاخير لازال وفيّا لعاداته، لا يظهر في وسائل الاعلام الا وفي جعبته قصة اخرى لشبح الموت او الخوف. الملفت انّ العامرية ورغم كل ما يحدث فيه من قصص الخوف لازلنا نسميه "ملجأ العامرية".

 

free web counter