| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان

 

 

 

                                                                                 الجمعة 6/1/ 2012

     

سيادة الرئيس الطالباني تخيفني ظاهرة الرموز الوطنية!

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

تتردد كثيرا على ألسنة بعض الساسة وحتى على ألسنة بعض المراقبين للشأن العراقي توصيفات توسم هذا السياسي او ذاك بـ "الرمز الوطني"! وكلما اقترب أحدهم من هذا الرمز حلّت عليه لعنة السماوات والارض، قد يوسم بكل النعوت ويهدر دمه بين القبائل! قد تسحب منه الجنسية، وقد يعتبره الاخرون خارجا على القانون!

الهاشمي رمز وطني ولذلك لابد من قضاء خاص يتابع ملفه، الطالباني رمز وطني وعليه لا يجب المساس به او الاقتراب منه وكأننا عدنا الى سلطة الاستبداد الديني لكن من قبل دعاة الليبرالية والعلمانية هذه المرّة، لكي يبدو ليبراليونا اكثر تطرفا من الاسلاميين انفسهم الذين طالما نوجه اللوم لهم بسبب تلك النزعات التقديسية لشخوصاتهم السياسية.

من قال ان المالكي رمز وطني ؟ وان انتقاده ولو نقدا ، غير بناء ؟ من قال انه يمس السيادة الوطنية؟! من قال ان الطالباني رمزا وطنيا والاقتراب ، من "مقامه الشريف" يوقض المشاعر الى هذا الحد؟! وهكذا بالنسبة للسيد الهاشمي ومقتدى الصدر، اياد علاوي عمار الحكيم وغيرهم من شخوص الطبقة السياسية الحاكمة في العراق!

لماذا نضفي كل هذه القدسية على السياسيين لدرجة تدفعهم للتصرف بانتفاخ واستعلاء وربما نصنع منهم ديكتاتوريات جديدة؟! في حين تنتفض شعوب المنطقة على الدكتاتوريات التقليدية وتسقطها واحدا تلو الاخر!

وفيما سقط قبل بضعة شهور حسني مبارك الذي سجن اثنين من الصحفيين لانهما فقط اثارا في الاعلام "مرض الرئيس" قيل حينها انهما هددا الامن القومي ولذلك اودعوا السجن لاكثر من عام، فيما يحصل ذلك ونحن نؤسس لرمزية من نوع آخر، تكبر يوما بعد آخر وربما تؤدي لاحقا الى اغلاق باب النقد بشكل تام!

سيادة رئيس الجمهورية الطالباني .. هل اودع السجن اذا ما انتقدت اداءك السياسي لسبب او لآخر؟! هل امنع من دخول العراق لو انتقصت من "مقامك الشريف"؟! هل يعقل انك لا تعلم ما يضفى عليك من قدسية تجعل من يقترب منك في مهب الريح؟! يخيفني جدا ويخيف الكثيرين هذا التعامل المتعالي للساسة وتقديسهم حد الربوبية. علما يا سيادة الرئيس ان معظمكم عاش وطرا من عمره في البلدان الغربية وتعرفون اكثر من غيركم حق المواطنين هناك تجاه الساسة واصحاب القرار. مساكين هم السياسيون في البلدان الغربية .. يقذفون بالبيض الفاسد، وبالطماطم ويرسمون من قبل رسامي الكاريكاتور باشكال مثيرة للضحك والاستهزاء. يتعرضون للسباب والنقد اللاذع ورغم ذلك يعاب عليهم لو دافعوا عن انفسهم بشيء من الانفعال.

في معظم ديمقراطيات الكون ليست هناك توصيفات من قبيل "الرموز الوطنية" تطلق على القيادات السياسية! ولو حظي احدهم بذلك وهو من النادر جدا فيحظى بهذا الشرف بعد نهاية الفترة الزمنية التي يقضيها في السلطة. إضافة الى ذلك لدينا اليوم طبقة سياسية تملأ الخافقين فهل يعقل ان نوصف جميع هؤلاء بالرموز الوطنية؟!

ختاما .. يا سيادة الرئيس انا المواطن البسيط احلم بالعيش في بلد لا يتمايز فيه كثيرا رئيسه عن بقية مرؤوسيه، ومن حق الجميع ان يقاضوا الجميع حينما يلزم الامر .. مع حصول كل طرف منهم على ما له من حقوق. فهل ذلك حلم بعيد المنال ؟!
 

free web counter