| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                الأحد 5/5/ 2013

     

"العالم" واربعون شهرا من الاثارة والعطاء

جمال الخرسان

مطلع عام 2010 اطلّ بحلة انيقة على فضاء الصحافة العراقية وليد جديد، انيق في المظهر جريء في الطرح تحت مسمى صحيفة "العالم" تحلّى بشجاعة كافية كلما اراد التعبير عمّا في جعبته من قناعات. وعلى مدار 40 شهرا بقي ذلك المشروع الطموح وفيا لجمهوره بما ارساه من اسس واعدة متوازنة ومتجددة في الاعلام العراقي.

على صفحات "العالم" الورقية ومن خلال نسختها الالكترونية ايضا كانت ملتقى نخبويا جماهيريا بين جمهور غفير من العراقيين والعرب المتواجدين في رقع جغرافية مختلفة من هذا العالم، تقرأ فيها لاسماء مختلفة وفي شؤون وموضوعات متنوعة، التنوع تأتّى بلا شك من خلال شبكة اسرتها الواسعة ومن يحرصون على الكتابة فيها من مختلف الشرائح والاطياف باعتبارها منبرا حيويا ناضجا مع افق مفتوح من الحريات.

كان الجميع يتوسم فيها خيرا ويأمل لها مزيدا من التألق و النجاح، لكن الاقدار خبّأت لتلك التجربة الفريدة في الاعلام العراقي مصيرا لا يليق بها على الاطلاق، ففيما كان الجميع يأمل باستصدار تجارب منافسة لـ"العالم" او حتى افضل منها بعد عشر سنوات من الافق الاعلامي المفتوح في العراق جاءت خيبة الامل بتوقف تلك الصحيفة في ظل ظروف غير مفهومة خصوصا بهذه الطريقة المفاجئة والصادمة.

اسرة التحرير القت بيانا في مؤتمرها الصحفي الذي عقد الجمعة الماضي اوضحت فيه ملابسات الموضوع واثارت علامات الاستفهام حول الطريقة التي اغلقت فيها الصحيفة وكيف ان صاحب الامتياز رفض جميع الخيارات الاخرى البديلة للاغلاق النهائي. اسرة التحرير والمحبون للعالم من حقهم ان يثيروا علامات إستفهام حول نهاية مثيرة جدا لمشروع احتفظ باثارته على الدوام. خصوصا وان "العالم" كانت تقسو على الكثير من المتنفذين في القرار العراقي بمختلف توجهاتهم، هذه ربما "خطيئة" قد لا تغتفر في بيئة دأبت على تصنيف وسائل الاعلام تصنيفا سياسيا بامتياز، خصوصا وان القوى السياسية العراقية تتعامل في معظم الاحيان مع الاخرين وفقا لمبدأ "اما ان تكون معي او مع عدوي"! وحرصا منها على الحيادية والموضوعية فإن "العالم" لم توفّرا صديقا من الطبقة السياسية كما يفعل الاخرون من اصحاب المشاريع الاعلامية! وهذه مجازفة كبيرة في بلد مثل العراق.

بتوقف "العالم" تكون قد توقفت اهم التجارب الاعلامية المستقلة في الساحة العراقية والتي لم تعتمد على المال السياسي بشكل من الاشكال، وهذا ما يمثل ضربة موجعة للاعلام العراقي الجاد والمهني بشكل عام وللصحافة الحيادية والمستقلة بشكل خاص، التنوع لابد ان يكون ركيزة اساسية في المشهد العراقي، وتساقط تلك التجارب الناجحة يقضي على حيوية ذلك المشهد وتركه فريسة سهلة للاعلام الموجّه والمؤدلج.
 

free web counter