جمال الخرسان
الأربعاء 4/1/ 2012
البيان الاخير لتنظيمات حزب البعث .. صح النوم!
جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.comوسط ذلك الزخم الاعلامي المفرط حول العديد من الازمات العراقية وخصوصا ازمة اتهامات طارق الهاشمي بدعم الارهاب وما لحقها من تداعيات سياسية وامنية استثنائية وسط ذلك الضجيج الاعلامي شدّ انتباهي بيان صادر عن تنظيمات حزب البعث في وسط وجنوب العراق يتهم قيادات حزب البعث بالتخلي عن المشروع الوطني للحزب وتكريس الطائفية في تحول ملفت ومفاجيء بالنسبة لجمهور الحزب! وهذا ما دعا التنظيمات البعثية في الفرات الاوسط والجنوب لفك الارتباط بقيادات الحزب الجديدة التي يشكل "الرفاق السنة" كما جاء في البيان المنشور في العديد من وسائل الاعلام يشكل 41 من مجموع أعضائها الـ 46.
"الرفاق البعثيون" استفاقوا على حين غرة من امرهم وشعروا الان فقط بأن حزب البعث اصبح طائفيا مناطقيا وكأنه لم يكن كذلك في يوم من الايام! لم يكن مسؤولا عن سبعة ملايين ضحية، ولا ثلاثة حروب احرقت اخضر العراق ويابسه!
الاستفاقة البعثية المثيرة للشفقة والتي هزت ضمير الرفاق المناضلين تؤكد في ذات البيان بأن " قرار تشكيل قيادة أصلية للحزب من الرفاق السنة فقط واحتياطية من الرفاق الشيعة خلال الاجتماع الذي عقد لعدد محدود من أعضاء قيادة قطر العراق في الـ29 من أيلول يعد كفرا واستهانة غير مسبوقة وتكريسا للنهج الطائفي وهو من مخلفات الاحتلال". ويضيف البيان "الموافقة على هذا القرار أمر غريب وبعيد عن فكر الحزب ومبادئه تعني المشاركة في نتائجه".
مَن من البعثيين انفسهم لا يعرف حقيقة ذلك الحزب الذي شيد على عقيدة "حزب تشيده الجماجم والدم"؟! من من البعثيين لا يعرف ماضي حزبهم وحاضره البائس؟! من منهم لا يعرف خطايا الحزب الكارثية التي اصبحت فيما بعد مختزلة في شخص واحد ولون ومذاق واحد؟! البعثيون بطشوا برموزهم، وحلفائهم واصدقائهم وانفسهم ايضا واقترفوا بحق الجميع ما لا يعد ولا يحصى من الجرائم البشعة! فما الذي يمنعهم من ممارسة الطائفية والعنصرية وزرع الفرقة بين العراقيين؟!
"المناضلون البعثيون" الديمقراطيون جدا وانطلاقا من قناعاتهم المتوازنة ومبادئهم العليا منحوا القيادة القطرية فرصة تعديل الامور ولكن الاخيرة لم تنجح ولهذا جاء الموقف الاخير! حيث جاء في البيان إن "تنظيمات الفرات الأوسط والجنوب للحزب التزمت بالفترة المقترحة من التهدئة وفسحت الوقت المطلوب لمعالجة الانحرافات، والرجوع عن القرارات الارتجالية التي اتخذت من قبل بعض الرفاق في قيادة قطر العراق" لكن "جميع الأخطاء والانحرافات التي ذكرت سرا وعلنا لم تتم معالجتها".
لا اتمالك نفسي من الضحك حينما اقرأ البيان الاخير، خصوصا المقطع التالي: " تنظيمات الفرات الأوسط والجنوب للحزب التزمت بالفترة المقترحة من التهدئة وفسحت الوقت المطلوب لمعالجة الانحرافات"!!! منذ متى تعوّد البعثيون على تصحيح مساراتهم؟! لماذا لم يصحّحوا المسار بعد تصفية معظم كوادر الحزب في السبعينات من القرن الماضي؟! لماذا لم يصحّحوا المسار بعد ثماني سنوات من الحرب؟! لماذا لم يصحّحوا المسار بعد غزو الكويت وتفكيك الامة العربية التي طالما رفع البعثيون راية الدفاع عنها وعن وحدتها وعزتها؟! لماذا لم يصحّحوا المسار بعد حرب الخليج الثانية وما تعرّض له العراق من تدمير ؟! لماذا لم يصحّحوا المسار بعد نهاية صدام حسين الى حفرة بائسة؟! لماذا لم يصحّحوا المسار بعد موجات السيارات المفخخة التي كان يعرف البعثيون قبل غيرهم من يقف ورائها؟! من تجاهل جميع تلك الكوارث وغيرها بل ويعتبرها جزءا من انتصاراته الكبرى هل يمكن ان يقف في يوم من الايام في موقف يراجع ذاته ويعيد النظر فيما له من مواقف؟!