| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                                 الثلاثاء 3/7/ 2012

     

صدق الغنوشي ولكن ...

جمال الخرسان

قبل بضعة اسابيع فقط شن راشد الغنوشي رئيس "حركة النهضة الاسلامية" التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس هجوما لاذعا على تنظيم القاعدة بشكل عام والظواهري احد ابرز قياداته بشكل خاص. "أيمن الظواهري كارثة على الاسلام والمسلمين" هكذا وصف الغنوشي الظواهري وكان صادقا في وصفه. وصدق ايضا حينما قال: " ما عملت هذه المؤسسة (القاعدة)؟ فما من مكان دخلته إلا وحل به الخراب. دخلت أفغانستان فاحتلت، ودخلت العراق فاحتل، ودخلت الصومال فخرب، .. مشروع القاعدة مشروع لا يبني... مشروع هدم وحرب أهلية... ولم يأت للإسلام بخير قط ".

يا فضيلة الغنوشي لا ينكر احد ان النهضة حركة اسلامية لاتنحاز كثيرا لاليات العنف في الوصول الى اهدافها السياسية، ولكن في ذات الوقت فإنّا "هرمنا" يا شيخنا الغنوشي ونحن ننتظر منك وانت القائد الروحي لحركة اسلامية معروفة موقفا صارما مناهضا ومستنكرا لافعال وطيش وخطايا الحركات المتطرفة على شاكلة تنظيم القاعدة .. الذي نتيجة طيشه وطيش من كان على شاكلته قدمت المجتمعات الاسلامية فواجا افواجا من الضحايا المدنيين.

نعم ان راشد الغنوشي وضع النقاط على الحروف لاشك في ذلك، ولكنه بانتهازية صارخة لم يعلن ذلك الموقف الواضح والمضاد للقاعدة الا حينما اقتربت نيران القاعدة من مضارب حركة النهضة، حيث دعى الظواهري التونسيين قبل فترة إلى الانقلاب على حكم حركة النهضة بسبب تخليها عن المطالبة بأن تكون الشريعة الاسلامية مصدرا للتشريع. هكذا تضاربت المصالح بين الغنوشي والظواهري فقال الاول كلمة حق بوجه الثاني، لكنها ربما لن تكون مؤثرة وذات وقع في نفوس الاخرين لانها جاءت في لحظة زمنية اختلفت فيها المصالح ولم تكن موقفا تاريخيا دينيا يعكس قناعة الحركة في مواجهة العنف وارساء مباديء التعايش السلمي في المجتمع. وهذا ربما يفسر إصرار حركة النهضة بقوة من اجل الافراج عن يسري بن فاخر الطريقي المحكوم عليه بالاعدام على خلفية اشتراكه بتفجير مرقد العسكريين في سامراء عام 2006 وكذلك باختطاف وقتل الصحفية أطوار بهجت.

الغنوشي عرف عنه مناهضته للغرب في موضوعات سياسية مختلفة ولكنه بعد ان وصل الى السلطة تغيرت مواقفه من الغرب بل لمح حتى لترطيب الاجواء مع اسرائيل! وهكذا ربما تاتي المواقف الاخرى مختلفة تماما عن المواقف المعلنة فيما سبق!

لقد صدق الغنوشي في توصيف القاعدة .. لكنه فوّت الفرصة على نفسه حينما جاء الوصف متاخرا جدا وبدوافع الحفاظ على السلطة. كم هو جميل لو اتضحت علانية المواقف من حركات التطرف الاسلامي والجماعات المسلحة التي تقتل المدنيين تحت لافتة المقاومة كي تساهم في الحد من اتساع رقعة تلك الظواهر السلبية التي تفسد وتضر بالجميع وتجعل حركات الاسلام السياسي برمتها في موقف لاتحسد عليه.
 

free web counter