| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                                 الخميس 31/5/ 2012

     

أنا وخيالي ورؤساء اربعة !

جمال الخرسان

هل لي انا المواطن العراقي ان اتخيل مثلا ولو لمرة واحدة وقوف ثلاثة او اربعة رؤساء وزراء او جمهورية حكموا العراق ان يجلسوا على طاولة واحدة في حدث سياسي او ثقافي او فني ما؟! هل يقفوا سوية ولو من اجل إلتقاط صورة تذكارية كجزء من الاعراف والتقاليد الديمقراطية، ورسالة للاجيال الحالية والقادمة مفادها أنهم تبادلوا السلطة سلميا وانهم يعيشون بامان بعد نهاية فترات حكمهم الممتدة لفترات زمنية مختلفة ؟!

هل لي ان اتخيل وقوف ابراهيم الجعفري، اياد علاوي، نوري المالكي، غازي الياور، جلال الطالباني وآخرين واقفين الى جنب بعضهم يحيّي احدهم الاخر ولو بابتسامة مصطنعة، حين يكون بعضهم في السلطة فيما البعض الاخر خارجها ويفسح المجال لغيره بكل روح رياضية؟! هل لي ان اتخيل مثلا رؤساء العراق السابقين والحاليين يقفون مبتسمين وكل منهم يكنّ ودا للاخر بعد نهاية فترة تنافسية في الحكم رغم كل ما يشوبها من لعب نظيف وغير نظيف؟!

قبل اسابيع شاهدت اربع رؤساء جمهورية فنلنديين بدمهم ولحمهم يقفون الى جنب بعضهم في صورة تذكارية حينما افتتحوا سوية متحفا للرئيس الفنلندي الراحل أورهو ككونن. لقد وقف رئيس الجمهورية الفنلندي ماونو كويفستو" في المنصب 1982- 1994 " الى جنب مارتي آهتيساري "في المنصب 1994- 2000" و تاريا هالونين " في المنصب 2000- 2012" اضافة الى ساولي نينستو وهذا الاخير هو الرئيس الفنلندي الحالي الذي وصل الى السلطة في الانتخابات الرئاسية التي اقيمت في شباط الماضي.

دون مبالغة وتصنع ارسل الرؤساء الاربعة رسالة عفوية الى الشعب الفنلندي ان كلا منهم حكم فنلندا، تربع على عرشها وانتخب بشكل مباشر من الشعب إما لدورة واحدة من ست سنوات أو لدورتين، لكن الجميع يتحلون بالروح الرياضية وبشجاعة الاعتراف بالخسارة وتحمل مسؤولياتهم امام القضاء ان تطلب الامر، وهذه هي اعراف الديمقراطية وتقاليدها المطلوبة.

الاهم من ذلك ان الرئيس وبعد نهاية سنوات حكمه لا يوجد ما يهدده لا من الشعب ولا من الخصوم، فهو ليس بحاجة الى ارتال من الحمايات والجحافل العسكرية كما انه ليس بحاجة الى ترك بلده والاستقرار مع عائلته في بلد آخر، انه يعيش بامان لانه قدّم كل ما عنده، ويعرف حدوده اكثر من الاخرين! في مرات كثيرة شوهد العديد من الرؤساء الفنلنديين يتناولون غدائهم في سوق شعبي يقع قبالة القصر الجمهوري في ميناء هلسنكي دون ان يمسهم احد! فالاعراف الدبلوماسية غير المصطنعة تمنح شيئا من الثقة للجماهير ولاصحاب القرار في نفس الوقت .. كل منهم في منأى عن الانتقام بعد نهاية فترات حكمهم.

نخبنا السياسية ومن يتصدرون المشهد السياسي في العراق وفي مناسبات كثيرة بجدية مفرطة يحثون الجماهير على تقديم التضحيات من اجل ارساء دعائم الديمقراطية، ولكن تلك النخب السياسية لا تريد ان تضحي في يوم من الايام بأيّ من مكاسبها في سبيل ترسيخ اعراف وتقاليد التبادل السلمي للسطلة رغم كل ما تمتعت به وحصلت عليه من خيرات المناصب العليا في الدولة.

 

free web counter