| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                                 الأثنين 28/5/ 2012

     

النفط مقابل الآثار..!

جمال الخرسان

انه ارثنا الذي ليس لنا سواه نفاخر به في هذا الزمان، فحاضرنا بائس بافراط، ومستقبلنا يدعو للقلق، إنه وديعة اسلاف عظماء خلّفوه نهبا لشر خلف! خلف اضاعوا ذلك المجد واصبحت غايتهم الاولى البقاء في مؤخرة الركب.

حول بقايا ذلك الزمن الجميل " آثار بابل" منذ فترة ليست قصيرة والخلافات قائمة على قدم وساق بين ثلاث جهات رسمية على الاقل، فيما يخص عائديتها وعائدية ما يلحق بها من بقايا منتجع وقصر لصدام بناه باطلالة ساحرة على منطقة الاثار من جهة والنهر من جهة اخرى. فوزارة المالية تدّعي انها صاحبة اليد الطولى في تلك المنطقة برمتها، فيما تخالفها في ذلك وزارة السياحة جملة وتفصيلا وتطالب باخضاع المنطقة بما فيها لصلاحيتها، اما الجهة الثالثة فهي الحكومة المحلية في محافظة بابل اذ تدّعي هذه الاخيرة انها صاحبة الاولوية وصاحبة القرار في المنطقة الاثارية وقصر الرئيس السابق. وسط ذلك الجدل المحموم الذي اغلقها بوجه الزائرين مرات كثيرة وابعد بعض المستثمرين الذين قدموا من بلدان عدة وخاضوا سلسلة من المفاوضات لاكثر من اسبوع مع الجهات المعنية وخرجوا منها بخفي حنين، وسط ذلك الجدل دخلت على الخط جهة رابعة في ملف الاثار وهي وزارة النفط! والنفط عادة لايدخل في ملف الا واحرقه بمن فيه، هناك انبوب وربما سلسلة من الانابيب لنقل النفط والغاز تمر بالقرب من اسوار مدينة بابل الاثرية.

الغريب جدا ان الجهات المنفذة للمشروع تصر بان الانبوب بعيد عن السور بحوالي 300 متر، وكأن تلك المسافة القصيرة مبرر كافي لتلافي المشكلة!! ان ما نقب من اثار في تلك المنطقة ماهو الا جزء بسيط من ذلك الصرح الاثاري المترامي الاطراف، والذي تعرض لعمليات تشويه وتخريب متعمد طيلة العقود الماضية، واجريت حوله محاولات تنقيب سريعة تنفذ عن طريق الحفر بالجرافات اولا ثم بعد ذلك يبدأ البحث والتنقيب بما تم جرفه! كان المفترض بوزارة النفط ان تسعى جاهدة لتلافي الاضرار السابقة وتفكيك الانابيب القديمة الممتدة بقرب الاثار وابعادها عن ذلك المحيط تماما لا ان تتحجج باخطاء بل خطايا سابقة لتبرير خطأ جديد!!

إن النفط يا سادتي ينضب بعد حفنة من السنين فيما الاثار كنوز لاتنفذ، ثم ان قصة النفط العراقي برمتها قصة ذات شجون، وهذه الثروة لعبة صعبة المراس تتقاسمها محاصصات الطبقة السياسية واصحاب النفوذ، اما المواقع الاثارية فهي مختلفة عن ذلك تماما، حتى وان طالتها يد الجشع والطمع ودوافع الهمينة.

لقد اهملت الاثار العراقية بما يكفي وبدل اهتمام اصحاب القرار بها حاصروها بأنابيب النفط! لقد حرقتم هذه الارض بمن عليها بويلات النفط منذ قرن من الزمن فلا تحرقوا حتى ما تبقى من شواخص ومعالم تحفظ لذلك البلد المضاع شيئا من هيبة التاريخ. لقد اخذتم النفط .. فاتركوا الاثار.
 

free web counter