| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                                 الأثنين 25/6/ 2012

     

ساسة وحاسبات !

جمال الخرسان

ساستنا المتفرقون جدا، والمختلفون الى ابعد الحدود فيما بينهم والذين يجتمعون بين الحين والاخر على امور لايفترض انهم يتفقون عليها او من اجلها حتى يلج البعير في سم الخياط، هؤلاء الساسة المتناقضون جدا وبعد ان انتفى معظم ما بينهم من مشتركات فلا خطوط حمراء تخص المصالح العليا للدولة، وليس هناك ثمة برنامج انتخابي تعمل عليه كل كتلة او حزب او تجمع سياسي.. من هنا لزاما على المراقب ان يبحث او حتى يحاول ولو عبثا ايجاد مشترك هنا او هناك قد يساهم في ردم الفجوة فيما بينهم. وفي هذا السياق لعل اكثر المشتركات حظوة وتميزا بين جميع القوى السياسية العراقية هي ان صغيرها وكبيرها يعتمد الحاسبات الالكترونية جزءا لايتجزء من ادوات التفاوض، في جميع اللقاءات الحوارية او التشاورية التي حصلت او قد تحصل فيما بينها بما في ذلك "الحوار الوطني".

وذلك لان توزيع المناصب في الحكومة العراقية وفي مجمل الوزارات وفي الهيئات المستقلة وغير المستقلة مبني على التوافق ( المحاصصة) وكل يأخذ حصته وفقا لجملة من الاعتبارات، ولان التفاصيل معقدة جدا فالحواسيب هي المشترك الوحيد! طبعا القصة لاتنتهي عند معادلة حسابية لمرة واحدة، بل هي سلسلة طويلة من المعادلات التي تحسب قبيل واثناء وبعيد كل جولة من المفاوضات، وبعد كل جلسة حوارية بين هذا الطرف او ذاك، كل منهم يبدأ بأرقام عليا كي يحصل على سقف مطلوب في نهاية المطاف. ساستنا لايخفون ذلك وهذه من محاسنهم القليلة، المالكي وفي لقاء متلفز عبر احدى الفضائيات قال مؤخرا:" اننا حسبنا الوزراء، الوكلاء المدراء العامين قيادات الفرق الوكلاء المستشارين، المناصب المهمة، وزعنا المناصب وفق عملية رياضية .. وضعنا الحاسبات وقسمنا وطرحنا وفقا للنسب". خصوم المالكي من جهتهم لاينكرون تلك الحقيقة لكنهم يختلفون معه في المجموع النهائي.

الحواسيب الالكترونية اداة لايمكن التنازل عليها من قبل الجميع فيما يخص ايّ تحرك سياسي ضد هذا الخصم - الحليف او ذاك! وطالما كانت هناك سلسلة من الاستجوابات بعضها بهدف الوقوف على تلكوء الخدمات وبعضها مسيّس، وبعض آخر من باب الرد على استجوابات اخرى لذلك لابد من " الحاسبات"، لان هناك اقالات وسحب ثقة واسقاط هذا الوزير او ذاك المسؤول الكبير لذلك لابد من " الحاسبات"، الرسائل التي تتعلق بسحب الثقة تعج هي الاخرى بلغة الارقام ولغة الحسابات الرياضية المعقدة وغير المعقدة لذلك لابد من " الحاسبات". 160 نائبا وقّعوا على سحب الثقة، وهم ليسوا أغلبية بسيطة هكذا يعتقد الاتحاد الوطني الكردستاني، اذن فالرئيس لايوقّع. البارزاني: لدينا 170 حيث اضيفت 10 اسماء اخرى على ما ذكره رئيس الجمهورية من هنا على الرئيس ان يبعث رسالة لمجلس النواب. خلافات من هذا النوع كثيرة وكبيرة جدا، ومع ان الجميع يعتمد الحواسيب الالكترونية في الوصول الى النتائج الا ان التضارب في الارقام لازال متسيدا للموقف ! فحاسبات المجتمعين في اربيل دائما ما تزيد على ارقام سحب الثقة وارقام المؤيدين لمطاليبها، تنحاز للموجب اكثر من الرموز الحسابية الاخرى، من هنا تقفز ارقام الموقّعين على سحب الثقة من المالكي الى اكثر من مئتي توقيع، وفقا لما جاء في تصريحات بعض خصوم المالكي. لكن حاسبات دولة القانون فيما يتعلق بذات الموضوع تنحاز الى السالب اكثر من ايّ رمز حسابي آخر، دائما ما تصل النتائج في حاسبات وحسابات جماعة دولة القانون الى ارقام لاتكفي لسحب الثقة. لقد فقدنا الثقة ببعضنا لذلك لجأنا للحواسيب والحاسبات والحسابات المعقدة، لكن ذلك المشترك الوحيد خيب الآمال وانحاز لهذا الطرف او ذاك، اصبحت الارقام والنتائج تعكس رغبة كل طرف من الاطراف واهدافه السياسية، ولاتعكس رغبة النتائج الواقعية والحقيقية.

ساستنا وارقامهم وحاسباتهم وخبرائهم جلسوا ليل نهار، أعدوا العدة .. حسبوا ضربوا وقسّموا طرحوا وجمعوا حتى انتهت النتائج الى ما نحن عليه الان. لا الداعون الى سحب الثقة جاهزون لهذا الاستحقاق فضلا عن مرحلة ما بعده، ولا الداعون الى بقاء المالكي قادرون على اقناع خصومهم بانهاء الازمة. هذه هي ديمقراطية الحاسبات ابتعدوا عنها ولو قليلا يا حضرات الساسة لنجرب .. ربما يستقيم حينها الاداء السياسي!

 

free web counter