| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                                 الأربعاء 22/2/ 2012

     

أورورا .. ظاهرة طبيعية قطبية وموروث اسطوري عريق

جمال الخرسان

لمفردة "أورورا" جملة من المعاني والتوظيفات المختلفة في الكثير من ثقافات واساطير هذا العالم، انها اساسا ظاهرة طبيعية تسمى بالشفق القطبي، التي تتأتّى نتيجة انعكاسات الأشعة المنبثقة من الشمس والقادمة إلى الأرض نتيجة تفاعلات طبقة الكرونا، حيث يستقطب مركز ثقل القطب تلك الأشعة التي تظهر لمن يشاهدها على شكل شفق بألوان خلابة وتشاهد عادة في منطقة الدائرة القطبية.

الظاهرة تبدو وترتسم شتاءا على هيئة الوان متمازجة بشكل ملفت تشاهد في مناطق القطب بين السماء والارض، ولان الثلج هناك يملأ الافق، لذلك فإن الارض الناصعة البياض تتحول الى شاشة طبيعية لهذا الاستعراض المناخي الراقص، باشكال فنية وهندسية مختلفة، اقواس واشعاعات تتمايل بانعطافات وانحناءات غاية في الروعة والجمال.
"أورورا" او الشفق القطبي ظاهرة طبيعية شدّت اليها انظار البشر فحيكت حولها العديد من الاساطير القديمة، شعب الأسكيمو يعتقد أن الشفق ما هو إلا كائن حي فضولي، "إذا ما تحدثت بصوت خافت، سوف تقترب لتحاول إشباع فضولها."

بالنسبة للرومان فإن أورورا هي آلهة الفجر، انها تقطع السماء في عربتها قبيل الفجر يسبقها ابنها " نسيم الصباح " معلنة قدوم عربة "أبوللو" إله الموسيقى والنور والفطنة، وبقدوم تلك العربة تطل على البشر شمس يوم جديد.

كما تعتبر آورورا "Aurora" ربة الفجر في الاساطير اليونانية، رُزقت أورورا وزوجها تيثونوس شقيق بريام ملك طروادة بابن يدعى ميمنون، قتله بعد ذلك البطل اليوناني أخيل أثناء حرب طروادة، وتضرعت أورورا إلى جوبيتر، إله الآلهة الأسطورية، لكي يجعل تيثونوس خالِداً. ولكن أورورا نسيت أن تطلب بقاء تيثونوس شاباً، ونتيجة لذلك شاخ تيثونوس وذوى، إلى أن أصبح مجرد صوت، وتحول إلى جندب، حسبما تقول إحدى ترجمات الأسطورة.

هكذا هي أورورا رمز اسطوري يؤمّن لأصحابه مقداراً من التناغم والتجانس والمواءمة بينهم وبين الكون وعناصره كموروث من زمن الوعي الاسطوري.

الظاهرة العلمية الفريدة من نوعها تحولت الى ثيمة نوعية ورمز في ثقافات الشعوب وخصوصا الشعوب القطبية، ولهذا اخذت حيزها الكبير والمتميز في الاساطير القديمة، كما وظفها الادباء بظرافتهم المعهودة إيحاءا وتأويلا في مناسبات مختلفة، الامر ذاته ينطبق على مشاهير الرسامين في العالم وشاهد على ذلك "لوحة أورورا" للفنان الفرنسي فرانسوا بُوشيه، ذلك وغيره اعطى للظاهرة وللمفردة بعدا فنيا وقيمة اكبر بكثير من قيمتها العلمية التي عكفت على حل بعض الغازها مؤخرا وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) حينما اعلنت بأنها تمكنت من فك لغز الشفق القطبي بفضل مجموعة من خمسة أقمار أمريكية تابعة للبعثة "ثيمس" التي راقبت منذ سنوات كيفية تكوّن هذه الظاهرة. واكتشف الباحثون أن انفجار طاقة مغناطيسية عند ثلث المسافة الفاصلة بين الأرض والقمر كانت مسؤولة عن هذه الظاهرة الضوئية التي تتشكل من أوشحة خلابة من الألوان الصارخة يطغى عليها اللون الأخضر.
 

free web counter